عندما نصبح ونمسي على ضغط دم!

سالم المجيدي
السبت ، ١٩ فبراير ٢٠٢٢ الساعة ٠١:٣٢ مساءً
7 سنوات حرب متواصلة، وأربع سنوات منذ إصابتي بضغط الدم. حاولت الهروب من واقعي المر ومن الخوض في السياسة لمشاهدة أفلام كوميدية، فلم أجد أفلاما أكثر إضحاكا وسوداوية في آن معا من أفلام معارك الكر والفر الوهمية لقادة الجيش وأفراد الجند اليمنيين المحسوبين على الشرعية! 
ضغط الدم عندي -لا أخفيكم- كان ينخفض قليلا، فيخف الصداع الممتد للرقبة. وأنا في طريقي لقياس الضغط، أسمع أحدهم في الشارع وهو يصرخ ويهلل ويكبر ثم يحوقل وهو يقول: تقدمنا بحمد الله.. تراجعنا لا حول الله. تقدمنا.. توغلنا. ثم تم الانسحاب تكتيكيا ثم كليا بعد أن تقدمنا.
طبعا أنا نخزني قلبي من كلامه وافتهم لي الباقي. ما وصلت أقيس الضغط عند صاحبي الدكتور الا وانا أكلم نفسي واضحك. شافني وافتهم له على طووول، وهو يقول لي: تعال تعال بسرعة باقيس لك الضغط. أنت تعاني من صراع داخلي متناقض،ما بين مد وجزر! 
أسلمت له ذراعي ثم أغمضت عيني، وأنفاسي تتقطع، فإذا بي أصحو على صراخه: مو ذا؟ ضغطك مرتفع جدا! أستغرب كيف عادك عايش وتمشي على قدميك!
أجبته وأنا مفزوع: تشتي الصدق.. والله ما زاد رفع لي الضغط الا الفجيعة بسبب صراخك. يعني ما عاد افتهمليش. انا هارب من وضع يرفع الضغط لعندك على أساس انك بتعمل لي حل وتقرر لي العلاج المناسب، فإذا بي أجد الضغط العالي عندك وعاد احنا نشتريه بفلوس!
ما خرجت من عنده الا وانا ما بين الضحك والبكاء على واقعنا المر في اليمن. كوميديا سوداء مثل الفحم اللي تشتريه بفلوسك عشان تقضي على التخريمة عن طريق شيشة المعسل.
 
المهم ذكرونا أصحابنا المقاتلين الميامين بلعبة البنات (فتّحي يا وردة غمّضي يا وردة)، واللعبة الثانية اللي كنا نلعبها واحنا صغار (فتّش دوّر) واحد يغمض عيونه والبقية يروحوا يتخبأوا وصاحب العيون المغمضة يرجع يدور عليهم ويحاول يمسكهم قبل الوصول للمكان المتفق عليه، وكل واحد هو وحظه ويخارج نفسه بنفسه!
هذا هو وضعنا باختصار. تركنا تلك الألعاب وراءنا واحنا صغار، فإذا بالتحالف وأخوات التحالف -الدول الكبرى وإيران- أعادتنا لنفس الألعاب الشعبية التي كنا نلعبها ونحن صغار، لنلعبها مرة أخرى ونحن كبار فيما بيننا كيمنيين فقط. ولكن عبر استخدام كل أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة!
الحجر الصحفي في زمن الحوثي