هذه الحرب لا تعنينا

علي هيثم الميسري
الثلاثاء ، ٣١ مارس ٢٠٢٠ الساعة ١١:٣٣ مساءً

    كلما إختليت بنفسي وتذكرت فرعنة وغطرسة مليشيا الإنتقالي وتنمر وملعنة عيال القرية في عدن تعود بي الذاكرة لأيام عبدالحافظ السقاف وأمنه المركزي .. كان عبد الحافظ السقاف في عهده يرسل طقم واحد وبه خمسة جنود يرعب به كل أولئك المتغطرسين والمتنمرين في أي مشكلة يحدثونها في محافظة عدن أو لدورات إعتيادية في شوارعها وطرقها وأزقتها ، وكانت حينها تذهب الدجاج  لأوكارها مع مغيب الشمس لإعلان دخول الليل وكان عيال القرية يذهبون لمضاجعهم بالتزامن مع ذهاب الدجاج ، ونستطيع القول بأنهم كانوا ينامون مع الدجاج في وقت واحد أيام كانوا قطط وديعة لا يحركون ساكناً وكانت أصواتهم عبارة عن مواء القطط .

     بعد هذا الزمن الجميل الذي كان فيه أهالي عدن المسالمين ينعمون بالأمن والأمان ، وكانوا على أقل تقدير كلمتهم هي العليا ولا تستطيع قطط القرية تتعالى عليهم ولا حتى تموء في وجوههم ، وحينها كان أبناء عدن في وظائفهم ومناصبهم الحكومية كُلٍّ حسب كفاءته ، حتى جاء زمن المنصور الهادي فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي الذي كان يستشعر لمعاناة الجنوبيين بشكل عام ومظالمهم ، وبمجرد أن إستطاع أن ينسل من حصار مليشيا الحوثي بعد إنقلابها على شرعيته ووصوله إلى عدن أعلنها عاصمة مؤقتة لليمن ، ثم تفرغ لعبد الحافظ السقاف وأمنه المركزي وأقاله ليسلم عدن لأبنائها ليديرونها إدارياً وأمنياً .

     جميعنا يعلم الأحداث التي تلت بعدها من محاولة إحتلال العاصمة عدن ومن ثم تعيين قائد المقاومة الأستاذ نائف البكري والشهيد البطل جعفر محمد سعد كمحافظَين لها واللذين كانا غير مرغوب فيهما من قِبَل القوى التي تسعى لدمار عدن وتحويلها إلى مستنقع للفوضى ، فإنتهى حال الأول لإقصائه ومنعه من دخول عدن والثاني إنتهى به الأمر لإستشهاده وإرتقاء روحه لبارئها بعملية إغتيال غادرة خططت لها تلك القوى ونفذتها تلك الأيادي الرخيصة لتخلو ساحة العاصمة عدن لعيال القرية المطيعين الرخصاء لقوى الشر الظلامية ليكون حال عدن كما نراه اليوم .

     لنفترض جدلاً بأن فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي بعد خروجه من عدن ووصوله إلى سلطنة عمان مكث فيها بجانب علي سالم البيض ، ومن ثم سيطرة مليشيا الإنقلاب على العاصمة عدن والجنوب بشكل عام فيا ترى كيف سيكون حال قطط القرية الذين تنمروا وتفرعنوا وتغطرسوا وتملعنوا ؟ ، بالتأكيد كنا سنراهم يطلقون صرخة الحوثي وبعد الصرخة كنا سنسمع مواءهم في شوارع عدن هذا إن عادوا إلى عدن بعد سيطرة قوى الإنقلاب ، وعلى الأغلب كانوا سيمكثون في قراهم وسيكون آخر عهد لهم في عدن حينما تركوها شاردين إلى قراهم وهم يرددون بصوت واحد وبنغمة واحدة  "هذه الحرب لا تعنينا" .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي