الجُرعة «سمٌّ» أم علاج..؟!

أحمد عثمان
الاثنين ، ٠٤ أغسطس ٢٠١٤ الساعة ٠٦:١٣ مساءً
الجرعة من اسمها إما جرعة علاج مُرّة أو جرعة «سم» قاتلة، ويبدو أن المواطن اليمني تعامل إلى الآن مع الجرعة كعلاج مرٍّ ومؤلم وليس سمّاً قاتلاً بدليل الموقف الشعبي رغم الألم إلا أن هناك صورة من الترقُّب أو شيء من الغضب السلبي وإعطاء الفرصة. 
جرعة العلاج ـ كما هو معروف ـ تحتاج إلى أطباء ماهرين وحريصين؛ وإلا تحوّل العلاج إلى سم إذا لم يجد سوى مجموعة فاسدين وفاشلين وغُشمان..!!.  
 
بالنسبة لرفع الدعم؛ لدي رأي قديم بالمناسبة من أيام الحديث عن الجُرع ورفع الدعم أيام الرئيس السابق رغم اختلافي مع هذا النظام؛ فقد كنت أرى أن الدعم شكل من أشكال الفساد والفشل، فالدعم هو صورة من صور الفساد تذهب إلى الكبار وتفتح باباً لمن لا يخافون الله من الفاسدين والمهرّبين، كما تعكس فشلاً اقتصادياً مستمراً، أو هو صورة من صور الرشوة بحسب تعبير الأستاذ «علي سيف حسن» لكي يسكت الشعب عن المطالبة بالحقوق ومحاربة الفساد وإهدار المال العام. 
 
لكن من المهم أن يدرك الجميع وخصوصاً السلطة أن رفع الدعم يكون سمّاً قاتلاً عندما يكون مقصوراً على رفع الدعم فقط دون إجراءات جادة ومصاحبة في محاربة الفساد ولملمة الأموال العامة المهدرة وهي ضخمة وتكفي لحل مشكلتنا الاقتصادية. 
 
على سبيل المثال؛ التهرُّب الضريبي والجمارك الذي تبلغ الأموال المهدرة والضائعة على الخزينة العامة أكثر من عشرة مليارات دولار بحسب تصريحات مسؤولين مطّلعين؛ وهي مبالغ تزيد عن الدعم وأكثر من المعونات الخارجية المشروطة برفع الدعم، إضافة إلى المرتبات الوهمية في المعسكرات، إلى صرفيات ونثريات كبيرة أخرى في الخارجية والسفارات وبنود أخرى؛ هناك أموال «مكروعة» والجميع يعرف، وإن لم تتخذ الحكومة خطوات صارمة حيالها فإن هذه «الجرعة» ستكون وخيمة على الجميع وسمّاً قاتلاً، بينما ممكن أن تكون علاجاً ناجعاً ومشروعاً إصلاحياً تعود بالخير على الجميع فيما لو صحبت بإصلاحات جادة وبصورة استثنائية وحالة نفير وطوارئ وحزم «يقط المسمار» لأن الفاسدين الذين مازالوا في موقع القرار سيخربون كل شيء عندما يجدون طبطبة ومجاملة كالعادة..!!. 
 
كان المفترض أن تبدأ هذه الإصلاحات قبل رفع الدعم الذي يتضرّر منه المواطن بصورة مباشرة؛ لكن وقد تم هذا الرفع فإن كل الأعذار سُحبت من السلطة ولم يعد لها من عذر في التصحيح الشامل واسترداد الأموال وإيقاف الهدر المالي إلا أن يكونوا هم فاسدين كباراً، وهنا سيكون الشعب الصابر على بيّنة من الأمر. 
 
وعليكم يا أصحاب الشأن ألا تستهينوا بغضبة الشعب الذي صبر ـ ومستعد أن يصبر وأن يربط على بطنه حجراً ـ عندما يرى جدّية ونوراً قد يشع في نهاية النفق؛ لكن عندما يفقد الأمل فإنه سيتحوّل إلى بركان وسينفجر دون ترتيب ولا سياسة على الجميع بما لتفجر الجوع والجوعى من دمار يأتي على الكبير قبل الصغير. 
المشكلة ليست في الجرعة وإنما في ما بعد الجرعة والأعمال المصاحبة لها من محاربة الفساد وإصلاح ضريبي وجمركي وتصحيح أمر المرتبات الوهمية وخلافه من الفساد والبذخ. 
 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي