«الكهرباء» كميدان قبيح للصراع

أحمد عثمان
الثلاثاء ، ١٧ يونيو ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٣٨ مساءً
قال وزير الكهرباء السابق «صالح سميع» أثناء توديعه في الوزارة: «إن الكهرباء دخلت ضمن أوراق الصراع السياسي بين الخصوم؛ في خطوة لم يلجأ إليها أي من الخصوم حتى في الدول التي لا توجد فيها دولة». وأضاف: «يتقاتلون في الصومال؛ لكن لا أحد يعتدي على الكهرباء» داعياً خصوم السياسة إلى الابتعاد عن هذا الميدان الذي وصفه بـ«القبيح». كنت أعتقد ـ ومازلت ـ أن مشكلة الكهرباء سياسية وأمنية وليست فنية، وهذه هي الحقيقية، مسؤولية الوزير ـ أي وزير ـ هي فنية في الأساس، وعندما تُضرب الكهرباء ومحطة الغاز وتحتاج إلى جيش لإعادة تشغيلها؛ فإن الحديث عن فشل هذا الوزير أو ذاك نوع من الكلام الفارغ والسفه وانعدام المسؤولية؛ وكأننا لا نريد حلّاً وإنما مكايدة..!!. 
 
 الحملات التي تعرّض لها سُميع لم يتعرّض لها غيره؛ وكانت فوق طاقته، وفي الغالب تخرج من خصومة سياسية يفرحها انطفاءات الكهرباء؛ لأن أجندتها هي تسويد الوضع الحالي، ولما زاد الماء على الطحين؛ لم تعبّر هذه الحملات إلا على خواء في العقل وضمور في الفهم. نحن ننقد لكي نصحّح، وعندما ننقد في الصحافة في المكان الخطأ ودون مسؤولية؛ نشارك في المصائب والأخطاء، ونغطّي على الخطايا الحقيقية، ويختلط الحق بالباطل، هناك أخطاء للوزراء كثيرة، وهناك قصور في مسؤولياتهم؛ نحاسبهم عليها لكي نحافظ على المصلحة ونحارب الفساد بطريقة صحيحة. 
 عمل «قبيح» وأقبح من القبح هذا الذي يُدخل الكهرباء والنفـط شـريان الوطن والشعب في الصراع السياسي؛ وهو سقوط وطني وأخلاقي مريع لم نشاهده في أكثر المناطق احتراباً لا في الصومال ولا في مكان آخر..!!.
 
كان أحد مسؤولي الجيش الحُر في حلب السورية يهدّد بضرب الكهرباء لو استمر طيران النظام يضرب المستشفيات، ولم ينفّذ تهديداته رغم أن الكهرباء التي تغذّي كثيراً من المدن الواقعة تحت سيطرة النظام هي تحت سيطرة الثوار؛ ومع هذا لم تُضرب الكهرباء في سوريا، مع أن الحرب هناك طاحنة لم تستبقِ أي سلاح حتى الكيماوي؛ لكن الكهرباء مثل الماء خدمة وسبيل عام ليس من الإنسانية اعتراضها أو تدميرها، لا يفعل هذا في اليمن إلا خسيس يموت على السلطة ولا تهمّه الإنسانية في هذا البلد؛ ثم نجد من يغرّدون خارج السرب يقتلون الوزير لعناً وشتماً وهم يشاهدون المعركة يومياً حول أبراج الكهرباء بالدبابات والمدافع وليس بـ«بانة» المهندس والأدوات الفنية؛ أغلبهم ليس بدافع الحرص على الكهرباء وإنما بدافع الخصومة السياسية الحقيرة، والبعض يردّد دون أن يشغّل عقله المعطّل، وتعطيل العقول مشكلة تجعلك تسيء إلى نفسك وتظلم الآخرين وأنت تظن أنك على صواب، أسفي على العقل النقدي في هذا البلد. 
كنت قد اقترحت في وقت سابق أن تُضاف وزارتا الكهرباء والنفط إلى الدفاع والداخلية برئاسة الرئيس وعضوية الأمن القومي والسياسي باعتبار أننا أمام ميدان وجبهة حرب وليست كهرباء لكي نتمكّن من متابعة قصور الوزراء في اختصاصاتهم ومتابعة الفساد واللوبيات داخل الوزارات وهي مازالت نشطة إلى اليوم. 
 
 علينا أن نفرّق بين مسؤولية الوزراء خاصة في هاتين الوزارتين والأمور والمشاكل الخارجة عن مسؤوليتهما وطاقتهما التي هي أمنية في الأساس وسياسية حتى نتمكّن أن نقول للمسيء: «أسأت وقصّرت، وللمحسن أحسنت» دون خلط أوراق و«مغلاطة» على حساب المصلحة العامة ولصالح التغطية على الفساد الجاري الخطايا الحقيقية. 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي