نموذج «البطل» الذي نريده بيننا

أحمد عثمان
الأحد ، ٠٨ يونيو ٢٠١٤ الساعة ٠٣:٥٢ مساءً
«عفواً أخي.. أطلب منك المسامحة، لقد دحشناك دحشة بسيطة وبحثت عنك ولم أجدك هذا رقمي اتصل بي ...وعفواً». 
 
العبارة السابقة التي لا نجدها إلا في القصص المثالية وجدها صاحبي «صلاح المخلافي» مطروحة في سيارته بعد أن كان قد شاهد ما جرى لسيارته, كان «الدحش» البسيط صدمة كاملة بنظره وكان قد بدأ يزبد ويرعد لهذا العمل التآمري الجبان باحثاً عن صاحبه الخسيس.. لكنه عندما فتح باب السيارة وجد ورقة مكتوباً عليها العبارة أعلاه.  
 
 تغيّرت ملامح وجه «صلاح» وابتهجت أساريره, ابتسم وهو يأخذ الورقة كمن «لقى ودعه» أو كنزاً أو هدية مليحة, اتصل بصاحب الرسالة ليس لسبه ووصفه بالجبان وإنما لتحيته وشكره على ذوقه الرفيع وأخلاقه العالية جداً، كان كمن لقي صديقاً لا يقدّر بثمن, يتكلم معه بأدب واحترام بعد أن كان قبل لحظات رجلاً خسيساً وجباناً وحقيراً يصدم السيارة ويهرب.. ما الذي تغيّر؟ سؤال يجب أن نسأله ونتأمله بدقة. 
 
لم يكتفِ بكل هذا بل أخذ يعرض الرسالة على كل من يجده بنشوة وإعجاب وكأنه يعرض قصة بطولية لـ «عبد الرقيب عبدالوهاب» في حصار السبعين يوماً مثلاً أو معاناة «الزبيري» وشجاعة «علي عبد المغني» وتجرده في الدفاع عن الجمهورية .... حاولت أن آخذ الورقة لكنه رفض, لم أستطع أخذ الورقة رغم أنني أخبرته بأنني سأكتب عن الحادثة العظيمة والنادرة للناس ليعرفوا أن الفارس النبيل مازال بيننا وأن قيم الوفاء والمروءة والشهامة والصدق مازالت قائمة ... لكنه أخذ يحفظني العبارة وهو متمسك بالورقة التي انتشى بها ونسي ما جرى لسيارته ... يبدو لي أن «صلاح» سيضعها ضمن مقتنياته الخاصة؟. 
 
هذه الحادثة البسيطة تكشف كم نحن بحاجة إلى صدق وذوق لنكسب بعضنا ونبني وطننا بالحب والقيم والإنصاف من النفس واحترام حق الآخر والاعتراف بالخطأ أياً كان صغيراً أم كبيراً ... 
 كل الخناقات التي تخسرنا الكثير بل وأحياناً تتطور من خناق على «فاشوش» إلى معركة دماء وقبائل وتحشيد سببها انعدام الذوق وفقدان الإنصاف من أنفسنا ولو عرف كل واحد منا ما «عليه» لوجد ما «له» وزياده؟! 
 
 الآن أنا أحاول الاتصال بـ «صلاح» لكي يعطيني الرقم وأتصل بصاحبه لكي نأخذ صورة تذكارية مع «البطل» ...لأن هؤلاء هم العظماء وهذه القيم البسيطة هي التي نفتقدها ونحتاجها... بينما نحن نعظم «اللاش» و«المتهبشين» والمدججين بالمرافقين والباطل الذين ينزعون أرواحاً وينهبون حقوقاً ويطلبون أن يعتذر لسيادتهم على الوقوف بدون احترام للهنجمة والهمجية؟. 
 
لو تصرف المتحاربون والمتخانقون بهذا الوطن على هذا النحو لكان وضعنا بالقمة أو بــ «النوري» بحسب عمي ناجي. 
 هناك قصة أخرى سمعتها من أحدهم بمناسبة رواية هذه الحكاية لكنها بالجانب العكسي تكشف عن الحال المعكوس والخطأ في بلادنا سأخبركم عنها لاحقاً وربما غداً بإذن الله.  
الحجر الصحفي في زمن الحوثي