ولي العهد السعودي وتعافي العمق الجيوسياي التركي!!

د. عبدالحي علي قاسم
الثلاثاء ، ١٨ يوليو ٢٠٢٣ الساعة ٠٤:٥٢ مساءً

تكامل الإرادات الإقليمية الوازنة يسرع في وتيرة صعود القوة الشاملة للمملكة العربية السعودية. 

إن قراءة مستقبلية عميقة لمنطق المصالح الإسترتتيجية الحيوية، واستحقاقاتها في العمق الجيوسياسي للمملكة، تجعل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان معنيا، بدفع علاقتي البلدين السعودية وتركيا نحو آفاق فرص استثمارية واعدة، وتكاملية.

    فتركيا، التي تولي أولوية لتحسين روافع نموها الاقتصادي والإستثماري، والسياحي المتباطئ، بعقد اتفاقيات شراكة واسعة مع أقوى دولة في منطقة الشرق الأوسط المملكة السعودية الثالثة، تقابلها اهتمام القيادة السعودية، بتطوير بنيتها الدفاعية في الإستفادة من خبرة تركيا الرائدة في مجال تصنيع المسيرات، بإنشاء قاعدة صناعية غير مسبوقة على أراضي المملكة العربية السعودية.

من الضروري أن يكون في متناول المملكة آلة ردع قوية في مضمار عالم المسيرات المتسارعة، على حساب الأسلحة التقليدية المكلفة، والمعقدة لوجستيا.

   يدرك ولي العهد جيدا أن اتفاقات مكتوبة مع طهران أو صنعاء الحوثي هي ليست أكثر من حبر، لا تضمنها دول، بل مسيرات سعودية الصنع رادعة، تقتنع معها طهران  أو أي معتدي آخر، بأن من شأن اعتدآءات أخرى على مصالح المملكة الحيوية هو تدمير أكبر لمصالحها، وهذا فقط ما تفهمه طهران وأذرعها من لغة الردع.

   بخطى متسارعة تسابق التوقعات، تنشط خلية ولي العهد السعودي لبناء مداميك قوة شاملة للمملكة، تنويع مصادر الدخل، ونمو اقتصادي في مجالات استثمارية واسعة، ومتنوعة في مجالات الطاقة وصناعاتها، التعدين، تطوير وتوسيع الملاحة الجوية، بإضافة نوعية لشركة عملاق الرياض الجوي، وأكثر توسيع قاعدة الأسواق المالية، والموانئ الحرة، عدا عن تطوير بنية الإنتاج الزراعي، وارتفاع مؤشرات إنتاجها لتحقيق اكتفاء ذاتي للمملكة يدعم سيادة امتلاك القرار، التي أضحت منهج قيادة ولي العهد في السياسة الخارجية ومحل اهتمامه.

   بدون شك أن تقاربا سعوديا تركيا كبيرا بعد تعافي العلاقات، يخلق هوامش مهمة أمام البلدين اقتصاديا وأمنيا، لا سيما المملكة السعودية الثالثة بقيادتها الطموحة، ويخفف عليها وطأة التجاذبات للقوى العظمى وطروحاتها، ويفتح أمامها فرصا، وخيارات أقل كلفة اقتصاديا، وتكنولوجيا، وعسكريا في بناء قوتها الشاملة، بمؤشرات نمو لن تصل مستوياتها حتى جمهورية الصين سابقا.

   يفتح الباب أيضا مواربا أمام عروض غير مكلفة دوليا، كما كان عليه الوضع سابقا في العقود الأخيرة للمملكة، لأننا ببساطة أمام حقبة استثنائية عنوانها صعود بن سلمان بكل عنفوان طموحه المشروع.

   توسيع الشراكة مع تركيا اقتصاديا ودفاعيا، يعني انحسار مخاوف الهيمنة للقوى الكبرى، والمخاطر المترتبة على الدول الصاعدة في المنطقة، وتحديدا المملكة السعودية الثالثة، وتأمين العمق الجيوسياسي لكلا البلدين.

   صعود المملكة لا يخدم أمنها ومصالحها فقط، بل سوف ينعكس إيجابا على دول المنطقة العربية جميعا، المغرب، الجزائر، مصر، العراق، دول الخليج، فهل ياترى مخرجا حكيما ياولي العهد لليمن؟

   هذا الأخير يحتاج عناية تدبيرية فائقة، وربان سياسي ماهر بمعطياته، لأن اللاعبين فيه هم المستثمرون الأخطر على ولي العهد ومشروعه الكبير والطموح.

وبدلا من أن تكون اليمن مستنقعا يغرق فيه الحلم هو فرصة أيضا لتأمين ظهر الطموح العظيم لصاحب السمو ولي العهد محمد بن سلمان.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي