كي ينجح الحوار الوطني

كتب
السبت ، ٠٧ يوليو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٥٠ مساءً
  علي الزكري الحوار الوطني في اليمن ضرورة لا أحد يجادل فيها ، ولايمكن لأي كان القفز عليها، فبدون الحوار سيكون مستحيلاً الانطلاق نحو بناء اليمن الجديد الذي يحلم به الجميع . مشكلتنا مع الحوار أن البعض يريد أن يجعل الحوار غاية بحد ذاته، والبعض يريد حواراً على طريقة الحوارات الوطنية التي كان يدعو إليها ويديرها النظام السابق والتي كان يشترط فيها أن تفضي إلى مايريده ذلك النظام ، وفوق هذا وذاك فهناك من يريد أن يقصي البعض من هذا الحوار . وهذا ـ للأسف ـ لن يؤدي إلى حل، وإذا ما سرنا في هذا الطريق فلن يكون هناك حوار ولا وطن حتى لو تمكن جمال بن عمر عبر مجلس الأمن الدولي من فرض الحوار فإنه قد ينعقد مؤتمر للحوار ، لكنه لن يؤدي إلى أي نتيجة. علينا أن ندرك جميعاً أن الحوار أولاً ضرورة وطنية ، وأنه لا بد أن يكون وطنياً يسع كل أبناء الوطن بمختلف أطيافهم ،ويستوعب قضايا الوطن كلها كما هي عليه أولاً على أرض الواقع، وثانياً من وجهة نظر أصحاب تلك القضايا . إذا ما انطلقنا من هذه القناعة فإنه يمكن أن نصل إلى نتيجة، أما إذا ظللنا نتمترس خلف مواقف قديمة لا تتناسب مطلقاً وطبيعة المرحلة التي نعيشها ولا مع الوضع الحرج الذي وصلت إليه البلاد فلن نصل إلى أي نتيجة . لقد ارتضينا جميعاً وإن بأشكال مختلفة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، باعتبارها مخرجاً مشرفاً للجميع من جهة، ومنقذاً لليمن من الانهيار من جهة أخرى ، وعلينا أن نتحمل تبعات خيارنا ذاك وأن نرتقي إلى مستوى المرحلة . وبما ان هذا هو الحال شئنا أم أبينا اعترفنا أم كابرنا ، فإنه يتوجب علينا السير نحو إنجاز هذا الحوار الوطني ، وفقاً للمبادرة الخليجية التي تضمنت خطوات واضحة وصريحة ولاتحتاج إلى تفسير كما يطالب البعض. علينا إذاً أن نستكمل بداية وقبل كل شيء عملية إعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية ، ومن ثم ننطلق لإقرار قانون العدالة الانتقالية وبعد ذلك يمكن الدخول في أجواء الحوار . إذ أنه ليس من المعقول ولا المقبول أن نقفز من خطوة إلى أخرى وأن نحرق المراحل لإن ذلك لن يكون في صالحنا ولن يؤدي إلى نتيجة وأعتقد أن تاريخنا المعاصر فيه الكثير من العبر على عدم صوابية حرق المراحل والقفز مباشرة الى قمة الهرم .. نحن الآن أمام عهد جديد ينبغي أن نتعامل معه بأسلوب جديد ومنهجية جديدة وبأشخاص جدد، بما يتناسب وطبيعة العصر ، وهذا يقتضي بالضرورة أن لا تبقى الوجوه التي كانت تتحاور في الماضي هي نفسها التي تتحاور الآن ، فهؤلاء رغم احترمي لشخوصهم وتقديري لجهودهم إلا أنهم أفلسوا ولم يعد بأيديهم ما يمكن أن يقدموه . لقد تحول الخلاف السياسي بين أولئك الساسة ـ وبدون ذكر أسماء ـ إلى خلاف شخصي مقيت ، وأصبح الواحد منهم يحاسب الآخر لا على ما يقوله أو يعلنه، وإنما على ما يعتقد أنه ينويه ويضمره ، بل لقد تحول أولئك الساسة إلى قارئين بارعين لما بين السطور وماخلفها ولم تعد تعنيهم السطور ذاتها لا من قريب ولا من بعيد .. فيكف سيتحاور هؤلاء والحال كما هو؟. أنا على يقين من أن لدى مختلف الأحزاب والقوى السياسية والوطنية كوادر شابة ناضجة وحريصة على مصلحة الوطن وآن أن نتيح لهم الفرصة لتصدر الحوار، فعسى أن يصلوا إلى ما عجزنا عن الوصول إليه خلال عقود من عملنا السياسي وحواراتنا العقيمة .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي