إلى الشيخ عبدالله العديني والأستاذ شوقي القاضي .. أوجعتمونا !!

صدام الحريبي
الأحد ، ١٩ يونيو ٢٠١٦ الساعة ٠٣:٢١ مساءً

لم أكن أشأ أن أصل إلى هذا الأمر ، وأن أكتب رسائل للكبار فيها عتب ووجع وألم وبكاء ودموع وحزن وموت بطيء بسبب حزننا على الكبار وانصدامنا منهم ..

 

الشيخ عبدالله أحمد علي العديني عرفته عبر شاشة التلفاز عندما كنت صغيراً جداً حينما كان يلقن الظلمة دروساً قاسية في مجلس النواب ، وأكثر ما كان يشدني إليه إخلاصه وصياحه على الظلم وسط قاعة المجلس ، كنت أحبه جدا وأتابعه عن كثب من خلال شاشة التلفاز وتمنيت لقائه كثيراً لكن دون فائدة ، إلا أنني ذات مرة ذهبت إلى المدينة فقال لي صديقي (عبدالرحمن المهاجري) بأن الشيخ عبدالله يختطب في جامع النور بالمسبح فكان وبدون شك قرار الذهاب هو الطاغي ، سمعت خطبة الشيخ وكنا نعيش في ذلكم الوقت رحيل أمة ظهرت للناس على هيئة القائد التركي نجم الدين أربكان وقد تحدث الشيخ عنه ، وبعد الصلاة بحثت عن الشيخ فوجدته وكان يبدو مستعجلا فلم أستطع فعل شيء سوى مصافحته بشكل سريع ..

 

أما الأستاذ شوقي القاضي فقد كنت ألاحظ فيه شيئاً مميزا ، لم أشاهده يوماً في التلفاز أثناء طفولتي ، بل عندما كنت أعيش مرحلة ما بين الطفولة والشباب كنت أقرأ له في بعض الصحف المحلية وأتابع له مقابلات ومناظرات ، وذات مرة أخذت أتمنى أن ألتقي الأستاذ شوقي ﻷعاتبه وبحثت عن رقمه دون فائدة ، كان عتابي يتعلق بأمر أعياد الميلاد والأم وزواج الصغيرات ، لم يكن عتابي له من منطلق التحريم والإحلال ﻷنني لست عالماً بذلك ، بل من حيث المنطق والواقع الذي يسمحان لي بالتحدث في إطارهما كوني إنسان يحق لي النقاش المطلق حولهما ، ومع ذلك كنت دائما ما أثني على الأستاذ شوقي وكذلك كما ذكرت سلفا بسبب شيءً مميز يتواجد فيه وهو أن الأستاذ شوقي كان دائماً من خلال نقاشاته يظهر كالأب الحنون ، أو الأخ الأكبر المتعقل والمتقبل والهادئ ، وأكثر ما كان يشدني إليه هو ذوقه وأدبه ، لم يتطاول يوماً على أحد ممن هو أكبر منه أو أصغر منه ويعرف تماماً كيف يناقش وكيف يخاصم وكيف يعاتب ، لم أقرأ له شخصياً يوما تطاولا على أحد ، وحتى في المقابلات التلفزيونية التي شاهدتها مؤخراً كنت أتابعه يظل صامتا حتى يكمل نده في البرنامج الحديث ومن ثم يبدأ هو بالحديث دون أن تفارقه الابتسامة ، ومن يومها كلما حدثني أحدهم عن الأستاذ شوقي وددت لقائه وذكرت محاسنه وأبرزها احترامه للآخر ، لم ألتق الأستاذ شوقي رغم صداقتي المطلقة بأولاده الذين سلكوا التواضع طريقاً لهم وكذلك احترام الآخرين كما هو متجسد في شخصية أبيهم ، وأنا على ثقة بلقاء قادم يثلج الصدر بإذن الله ..

أعود إلى الموضوع ..

سيمل البعض من السرد السابق ، لكن وجدتني مجبرا بأن أتحدث عن السابق وأسرده كون الرسالة للأستاذين أكثر من غيرهما ، وهنا أبدأ بسرد ما سأقوله وأسأل من الله التوفيق  ..

 

أستاذي القديرين حياكما الله وبعد :

ليتكما تعلما كم أحبكما في الله ، وهذا الحب الخالص لوجه الله جعلني أخط لكما أحرفا متواضعة يكسوها الوداد بأن تقبلانها ..

 

نشرتما بعض المنشورات حول أمور معينة ، وكنا نتابعكما فوجدنا بعض المهاترات ، هذه المهاترات أوجعتنا كثيراً كمحبين لكما ، ليس ذلك فحسب ، بل انتقلت هذه المهاترات إلى الناس وخاصة فئة الشباب ، ليصبح الشيخ عبدالله والأستاذ شوقي وكأنهما قطبين مقدسين وكل فريق من مؤيديهما يدافع عن الآخر ، ووصل الأمر إلى السب والشتم واللعن وغيره ، كما تحولت القضية من كونها دفاع عن رأي إلى دفاع عن شخص الشيخ وشخص الأستاذ ، وأصبح التعصب لكما أكثر من التعصب للفكرة والمعتقد .. فهل يرضيكما ذلك ؟

 هل تودات أن تكونا كأنظمتنا العربية وغيرها أو كالقوى التي تختلف فيوم الناس بالتعصب كلا في طرف ويتشاجرون ويتقاتلون من أجل هذه القوى وهي لا تعرف شيء عنهم ، هل يرضيكم بأن الناس والشباب أحدهم يفقد صديقه وآخر يفقد أخاه أو أبوه أو ابنه بسبب خلافات وضحها الشارع وهي محسومة وينقص نشرها وتوعية الناس بها ؟

 

خلافكما الذي خرج للناس ألهاهم عن أهدافهم وعن ما يفترض أن يعملونه في ظل هذا الوضع وهذا الشهر كذلك ، فبدلاً من ذهاب الشخص ﻹظهار بعض الأمور الوطنية والسياسية والميدانية يظل مدافعاً ومهاجما عليكما ولكما ، وبدلاً من اعتكاف آخر على قراءة بعض ما يرتقي بروحه في هذا الشهر أو ذهابه إلى الجامع ﻷداء صلاة أو تسبيح يظل يدافع عن أحدكما ويهاجم الآخر ..

 

باختصار : خلافكما أشغل الناس وأوجعهم وأحزنهم ، والأدهى من ذلك أنه فرق بين البعض وأوصل البعض إلى حد الشجار والمشادات بالكلام إن لم تكن بالأيدي . 

 

فهل يرضيكم ذلك ، وهل هذا ما قصدتموه من وراء إشهار خلافتكما ولا أظن ذلكما أبداً ؟

 

وهل هذا يرضي الله والإنسان ؟؟؟

هل ترضيا أن يعزف البعض عن كلام الله وتشريعاته ولا يبالوا بها ويهتمون أكثر بخلافات الأستاذ شوقي والشيخ عبدالله وهي خلافات محسومة تحتاج النظر إليها والسماح والحب وهدوء البال ومن ثم سيصل المختلفين فيها إلى حل ..

 

 

ولذلك أستحلفكما بالله بأن تفعلان اللازم وأن تعملان على إطفاء نار اشتعلت بين بعض الناس بسبب خلافاتكم ، فنحن لسنا بحاجة الخلاف والشقاق أكثر ، فما نمر به قد كفى ووفى ، وكلي ثقة بأنكما ستسمعان مني حتى وإن كنت أصغركما سنا وتفكيرا وعلما وأن تأخذا كتابي هذا وكأن أحد أولادكما قد كتبه إليكما بدافع الحب لكما والحزن عليكما وعلى الناس .. 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي