مؤتمر الرياض ماذا سيلد الجمل؟!

حبيب العِزِّي
السبت ، ١٦ مايو ٢٠١٥ الساعة ٠٥:٠٨ مساءً
مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر الرياض بشأن اليمن، المزمع عقده في الـ 17 وحتى 19 من الشهر الجاري، تتجه أنظار اليمنيين صوب الرياض، بلهفة ملؤها الخوف والرجاء، الخوف من أن يعجز المؤتمر عن فعل أي شيء يرفع المعاناة عنهم ويفك الحصار المفروض عليهم، والرجاء بأن يكون قادراً على إنهاء المأساة، التي تجاوزت الـ 50 يوماً حتى الآن، من جحيم الحرب والمعاناة، التي عاشوها ولا يزالون حتى اليوم.
 
لا نحب التشاؤم، ونتمنى من كل قلوبنا أن تكلل أعمال ذلك المؤتمر بالنجاح، كما نأمل أن يقود إلى اتفاق ينهي هذه الحرب، التي لا خاسر فيها حتى اللحظة عدا الشعب اليمني وحده، لكن المؤكد لدينا، أن التحالف العشري بقيادة المملكة العربية السعودية، قد فشل -حتى كتابة هذه السطور على الأقل- بتحقيق أي من أهدافه المعلنة، التي قام لأجلها، وهي حماية الشعب اليمني وإعادة الشرعية، والمعطيات على الواقع تؤكد صحة ما نقول، فالتحالف الحوثي الصالحي لايزال هو الطرف المسيطر على الأرض عملياً، يفرض الحصار ويقتل اليمنيين في كل مكان، وكيفما يشاء، بينما الطرف الآخر، الذي يمثل الشرعية، لايزال هارباً بلا حول ولا قوة، وقراراته التي يصدرها من حين لآخر، تظل حبراً على ورق، ولا تساوي حتى قيمة الحبر الذي تكتب فيه، والمقاومة الشعبية على الأرض تم خذلانها تماماً من قبل الجميع ، أكان من الرياض نفسها، أو من الساسة اليمنيين الهاربين هناك.  
 
من المضحك تماماً أنَّ الطرف الذي لا يقف على الأرض، والذي خسر الحرب من الناحية العملية، هو من يضع الشروط للحوار، فالشروط التفاوضية وطريقة التفاوض، لا يضعها إلاّ من كان في موضع القوة وليس العكس، والطرف الذي يسيطر عملياً الآن، هو الحلف الحوثي صالحي، وبالتالي هو من في موضع القوة، مهما قال عنه الخصم بأنه ضعيف.
 
على الرياض والمجتمعين فيها، أن يقدموا لنا دليلاً واحداً، يثبت بأن الطرف الآخر قد انهزم بعد ضربات العاصفة، أو أنه في حالة ضعف، وهو من يجب عليه الانصياع لإرادة الرياض والمجتمعين فيها، وذلك حتى نتفاعل معهم في الاهتمام بهذا المؤتمر، وما سيترتب عليه من نتائج، لأننا وبغير ذلك لن نقتنع مطلقاً بأن هذا المؤتمر سيقدم حلاً لليمنيين، بقدر ما نرى بأنه سيزيد من تأزيم الأمور وتعقيد المشكلة وتفاقمها.
 
ما ندركه جيداً أن النتيجة الطبيعية لأي حرب، يجب أن يكون فيها طرف مهزوم وآخر منتصر، والمنتصر دائماً هو من يفرض شروطه على المهزوم، وأنتم لستم في موقف المنتصر ولا المهزوم، وبالتالي ستحتاجون في هذه الحالة إلى وسيط يقنع الخصم بالحوار معكم أولاً، ناهيك عن حضوره إلى الرياض، والموافقة على شروطكم، هذا إذا أردتم إنهاء الحرب فعلاً، أو فعليكم الاستمرار فيها حتى تنتصرون، والانتصار سيعني بداهة إلحاق الهزيمة بالخصم برياً، وسيطرتكم على كامل الأرض اليمنية، عند هذه النقطة فقط، تستطيعون فرض شروطكم، وبغير ذلك فأنتم تعبثون، وتكذبون على الشعب، وتطيلون أمد معاناته لا أكثر.
 
الرياض باتت اليوم في موقف لا تحسد عليه، هذه هي الحقيقية، تورطت أو وُرِّطت في حرب لم تضع لنهايتها حساباً، وكلام العميد العسيري تبخر في الهواء، عندما كان يقول لنا دائماً بأن الحرب تسير وفق ما تم التخطيط له، ولن تنتهي حتى تُحقق أهدافها، وبأن الحال في اليمن بعد العاصفة، لن يكون في هو الحال قبلها، وبهذه الأخيرة صدق الرجل، فاليمن بعد العاصفة لم تعُد كما كانت فعلاً، فقد أصبحت مجرد خرابة غير قابلة للعيش أو الحياة.  
 
مؤتمر الرياض لن يقدم لليمنيين شيئاً، هكذا باختصار، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، والجمل لن يلد في أحسن أحواله، سوى فأراً صغيراً، بل وصغيراً جداً، هذا إذا حصلت ولادة أصلاً، رغم كل هذا المخاض العسير.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي