عن المُقاومين من الرياض وإسطنبول

حبيب العِزِّي
الاثنين ، ٢٩ فبراير ٢٠١٦ الساعة ٠٢:١٧ مساءً
في تغريدة له بصفحته على فيس بوك قبل بضعة أيام، كتب الصديق المحامي، والناشط السياسي/ خالد الآنسي، قائلاً بما معناه:" ما الذي يمنع أن يخوض بعضنا معارك التوعية على منابر الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، وأن يخوض بعضنا الآخر، المقاومة الشعبية على الأرض".
 
لعل الهجمات الشرسة، التي يتعرض لها العديد من النشطاء اليمنيين ورموز الثورة الشبابية السلمية، المتواجدون خارج الوطن، أمثال الأستاذ/ خالد الآنسي، والمناضلة توكل كرمان وغيرهم، قد دفعته لكتابة مثل ذاك المنشور القصير.
 
 تلك الحملات التي تشنها ثُلة من المُغرضين، وأصحاب الأجندات المخالفة لهم في الرأي، التي تحاول النيل من شُخوصهم، وإظهارهم بمظهر المُنتفعين، الذين تسلقوا على أكتاف الثورة، لتحقيق مكاسب شخصية، ومن ثمَّ انحرفوا عن مسارها، بعد أن أغرتهم الشهرة والأضواء، كما تحاول التقليل من جهودهم التي يبذلونها في المنافي، من أجل استكمال مسيرة الثورة الشبابية السلمية، التي كانوا قد بدأوها مع بقية الشباب داخل الوطن، عبر كافة المنابر الإعلامية المتاحة أمامهم، ومنها مواقع التواصل الاجتماعي، أو من خلال الأنشطة والفعاليات المساندة للمقاومة الشعبية، التي يتم تنظيمها هناك. 
 
 
لن أعيد سرد تلك "البذاءات"، التي وردت ولا تزال في سياق تلك الحملات المُمنهجة، على شخوص معظم أولئك الناشطين، والتي تعجُّ بها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها لا تستحق أن يُلتفت إليها بالأساس، تماماً مثل أصحابها، لكن الشيء الذي يهمني هنا، واستوقفني، هو تلك التوأمة الرائعة في النضال الثوري، بين السيف والقلم، وبين طلقات البنادق من الخنادق، وطلاقة الكلمات من المنابر، وهي مقاربة رائعة، لإمكانية خوض المعركتين في آن، معركة الصمود على الأرض، ومعركة الإسناد لها عبر المنابر السياسية والإعلامية. 
 
الشهيد الزبيري "مُلهم الثورة اليمنية الأول" خاض معركة التغيير بالكلمة أولاً، من خلال أدبه وشعره، وفي ذلك قال كلماته الخالدات:" أحسُّ إحساساً أسطورياً، أنني أستطيع بالأدب والشعر وحده، أن أقوِّض ألفَ عام من الفساد"، ولذلك رأينا كيف كانت أشعاره بمثابة البراكين الغاضبة، التي تفجرت بوجوه الطغاة، وكيف فاقت بعنفوانها هدير المدافع وأزيز الطائرات، فكانت هي الزاد الذي تزوَّد به الثوار في ملاحمهم البطولية على الأرض يومها، وها هم أحفاده يستلهمون منها اليوم أيضاً عنفوانهم وإبائهم، في ثورتهم على الفساد والطغيان.  
 
لاشك بأن كل أولئك اليمنيون، المتواجدون اليوم في المنافي خارج الوطن "من المنتمين للثورة" سياسيين كانوا أومثقفين وصحفيين وإعلاميين ونشطاء ثورة، أوقادة رأي، وبخاصة منهم أولئك الذين أُبعدوا قسراً عن وطنهم، يؤدون اليوم دوراً سياسياً وإعلامياً هاماً، يُشكل سنداً قوياً للمقاومة الشعبية في داخل الوطن، وجهودهم لا تنكر، كما أنها لا تقل أهمية عن خوض الملاحم البطولية على الأرض، فهم لم يغادروا بلدهم ترفاً أو رفاهية، ولا حتى خوفاً من بطش المليشيا، وإنما ليستكملوا دورهم التعبوي والتحريضي، بعيداً عن الجلاَّد المتربص بهم، من خلال ميادينهم التي يجيدون الحرب فيها، فسيوفهم هي أقلامهم، وكلماتهم هي رصاصاتهم، التي يطلقونها صوب أعداء الشعب فتصيبهم بمقتل.
 
لا نجادل مطلقاً بأن المقاومون على الأرض، الذين يجودون بدمائهم رخيصة لأجل الوطن، هم شرف الوطن وطليعته، وهم تاج رؤوسنا، الذي نفاخر به، ولا يمكننا إلاّ أن نقف لهم إجلالاً وتحية، لكن المقاومة مفهوم شامل، وحمل البندقية ليس هو الأصل بالأساس، وإنما هو الفعل الذي يجبرنا عليه العدو، بينما تبقى المقاومة بالكلمة والقلم هي الأصل، الذي يجب أن نمارسه دائماً، وهذا ما يقوم به كل النشطاء، المنتمون للثورة من خارج الوطن، أكانوا في الرياض أو اسطنبول أو غيرها من الدول والعواصم.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي