المخاطر المدمّرة لاستمرار الحرب والتوتُّر

أحمد عثمان
السبت ، ٢٥ اكتوبر ٢٠١٤ الساعة ٠٥:٢٣ مساءً
الحرب التي في البيضاء ورداع وإب، وتتربّص بالحديدة ومأرب والجوف اليوم هي حرب لها تداعيات قاتلة وغير مسبوقة في تاريخ اليمن والمنطقة في حال استمرارها؛ لأن الأفق البعيد للحرب التي تبدو مناوشات اليوم سيكون مظلماً لو استمرت، فإنها ستخلق واقعاً جديداً على رأس الجميع وعلى حساب الوطن والأطراف الإقليمية والدولية وتهدّد مصالح الجميع بصورة قد لا يتخيّلها أحد، لهذا يتوجّب على الجميع ترك اللعب بالنار في اليمن سريعاً؛ لأن استمرار هذه الحرب وبهذه الظروف وفي دخول أطراف وعناوين طائفية تستنهض شراً لا يوجد في اليمن لها مخاطر مدمّرة منها. 
 
أولاً: خطر أن تتحوّل إلى حرب طائفية مدمّرة، ولعلكم تعرفون ما هي الحرب الطائفية؛ صحيح أن الحقيقة تقول إن اليمن لا توجد فيها طائفية فهي اليمن وليست العراق ولا سوريا، يمن التعايش والحكمة؛ لكن مع استمرار الحرب والتدخُّل والصراع الخارجي المكثف, والتحريض الطائفي المستعار من الخارج أيضاً بعناوينه وشبحه, والدماء والبيوت المهدّمة والثارات؛ ستجعل من الممكن أن تتحوّل كل هذه العقد المتراكمة المخضبة بالدم إلى عقائد وحقد طائفي لا يعرف اليمن ولا تعرفه. 
 
الخطر الثاني: بروز جماعات عنف وتطرُّف لا نتصوّر طغيانها على المشهد على حساب الجماعات السلمية والأحزاب السياسية التي تعتنق العمل السياسي، وحافظت إلى اليوم رغم كل المآخذ على سلامة النسيج الاجتماعي والروح الوطنية الواحدة رغم كل الهزات التي مرّت. 
 
 الخطر الثالث والأهم هو: تحوّل هذه الحروب في حالة استمرارها إلى تجارة شائعة ومصدر رزق وعمل وشغل، وسنرى عندها أمراء حرب جدداً وجماعات حرب متناثرة بعضها جماعات مرتزقة للإيجار والقتل؛ بل سنرى عصابات قراصنة في البحر بصورة غير مسبوقة تتشكّل وتمتد من اليمن حتى الصومال والقرن الأفريقي، وسيتحوّل الجميع إلى العمل والاستثمار في حقل الحرب والقتل, خاصة مع تفشّي الفقر والبطالة والثارات بصورة تهدّد مصالح واستقرارالجميع محلياً وإقليمياً ودولياً، وعندها ـ لا سمح الله ـ سيكون من الصعب إعادة الدولة واستعادة الاستقرار؛ وهو أمر يهدّد الأمن والاستقرار المحلي والدولي والإقليمي، وفي المقدمة الذين ينفخون الحرب بالسلاح والمال أو الذين يتفرّجون ويتواطأون, ستحرق النارالجميع؛ ولن تتوقف في الداخل؛ بل ستنطلق بألسنتها إلى أقصى مدى تحرّكها دوافع متداخلة من العام والخاص والتعصُّب والارتزاق والثأر والإيجار، وستستوعب النار وتصهر داخلها كل العاطلين وغير العاطلين، وستتحوّل إلى «بزنس» ومصدر ثراء وانتقام وكل شيء.
 
فهل بقي عقل وإنسانية ليكف كل هؤلاء المتفرجون والنافخون المحليون والإقليميون والدوليون عن الشماتة والانتقام والتفرج على إشعال النار في اليمن والتوجه إلى إطفائها، وليكن معلوماً أن النار التي ستخرج من اليمن «لا سمح الله» لن تستثني أحداً ولن ينجو منها أحد. 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي