عن «مسيرة الحياة»

كتب
الاربعاء ، ٢٦ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٥:٠٣ صباحاً

 

 

نعم، كُتِبَ تاريخ ثورة التغيير بأقدام أبناء «مسيرة الحياة»، وسيكتب بأحجار تعز الصابرة، في كل منشأة ومسكن، سيكتب بأحجار منشآت البنية التحتية المدمرة؛ من المدارس إلى المستشفيات إلى الطرقات، وأتمنى أن يُترك أكثر المباني تضرراً على حاله، يدفع لأهله تعويضاً، ويدعون المبنى شاهداً حياً، يحكي للتاريخ عن دموية مؤسس النظام النازي في اليمن.. سيكتب التاريخ بدماء حرائر تعز، اللائي أرعبن علي صالح وهززن عرشه، فأرسل العشرات من قناصة قواته وحرسه الخاص لاصطيادهن، فكانت دماؤهن «إكسيراً» يروي جذور ثورتنا. 

 لم يكتفِ صالح بقتل حرائر تعز، بل دفع علماءه يفتون بأنهن لسن شهيدات.. أحد عبدة الحاكم أفتى عبر «النت» أنه لا يجوز إطلاق صفة «الشهيدة» على المناضلة العظيمة الشهيدة ياسمين الأصبحي؛ لأنها بحسب رأيه «ماتت ميتة جاهلية»، ولم ينسَ أن يضيف «والعياذ بالله»!!. 

 هل كان هذا الشيخ «المودرن» أهلاً للفتوى، أم للحوالات؟! 

 تاريخ صالح سيكتب بدماء أطفال مدارس تعز، الذين رأوا أحلامهم تتعثر عند أول حرف، فقرروا الذهاب إلى ساحة الحرية، وهناك دفعوا ثمن «يمن جديد ومستقبل أفضل».. عندما أقول كل ذلك لا ألغي ولا أفكر مطلقاً أن أهمش أو انتقص من دور أبناء بقية المحافظات، خاصة في أبين وعدن ولحج والحديدة وإب، أما المحافظات الشمالية المرتفعة التي يسكنها أبناء القبائل، فهم يستحقون أكثر من مقال، وأرفع من وسام، وأكبر من مجرد موقف، فقد أدهشونا في الداخل، أكثر من العالم الخارجي، وهم يقدمون أروع ملاحم التضحيات والفداء، بل كتبوا تاريخ القبيلة بماء الذهب وصحائف الكرامة. 

 من تابع تغطية قناة «سهيل»؛ ليلة إطلالة أبطال «مسيرة الحياة» على مشارف صنعاء سيعرف ماذا عنت وتعني «المسيرة»، وإذا كان من فعل إيجابي لعلي صالح فهو أنه وحّد اليمنيين ضده، لم تشهد اليمن وحدة شعبية وسياسية كتلك الوحدة المتوحدة ضد صالح ونظامه. 

ليلتها استمعت – عبر «سهيل»- للفتاتين دلال البعداني وشيناز الأكحلي من اللجنة القانونية بساحة الحرية بتعز والمشاركة في «مسيرة الحياة»، قالت شيناز: في منتصف الطريق انضم إلينا أحد أبناء المشائخ، وبقي يسير معنا على الأقدام، وحين رأى حذائي قد تمزق، توقف، ودنا مني يلبسني حذاءه، وأقسم عليّ أن أفعل... 

 هل يستطيع صالح أن يعيد قراءة هذه الجملة؟ لن يستطيع؛ لأنه سينتحر غيظاً من هذه الألفة والإخاء والتوحد ضده. 

 أما دلال - رئيسة اللجنة الطبية في ساحة تعز - تحدثت عن كرم وترحاب أدهش الجميع، وجده أعضاء «مسيرة الحياة»، بدءاً من مدينة القاعدة التي تناولوا فيها طعام الغداء في اليوم الأول، مروراً بإب ويريم وذمار ومعبر، وكيف كان يتم استقبالهم عند أبناء القبائل، الذين أكرموا وفادتهم، وأخرجوا نساءهم لاستقبال حرائر تعز، ثم انضمام المئات منهم للمسيرة، وفي كل منطقة يتكرر ذات الفعل، ومثلها تحدثت عتاب إبراهيم كان صوتها شاحباً، أرهقه البرد، ولم يفت نظام صالح من عزيمتها... 

وأعتقد، وأكرر اعتقادي، أننا سنقف على أعتاب ثورة تصحيحية، في السنوات القليلة القادمة؛ لأن الورثة تذكروا أنفسهم جيداً، ونسوا الثائرين، والشهداء، والجرحى. 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي