رثاءٌ للحرف والقلم

عبير عتيق
الاثنين ، ٣٠ أغسطس ٢٠٢١ الساعة ٠٩:١٩ مساءً

الفن شجرة مُخضرّة مثمرة وهو بمختلف فروعه اليانعة  لغة تعبير سامية، أو لنقول رسائل هادفة راقية..

  الجميل في ذلك أنه لا يحتاج إلى ترجمة، يفهمه الجميع فهو لغة القلوب كما اسميه، وأمام حديث القلوب تسقط كل معاجم اللغة والفلسفة والتعبير، ويقف صدق المشاعر ممر العبور الوحيد لتستقر الرسائل وتأثيرها الجميل في القلوب والأرواح..

والبساطةُ أيضاً سرّ رونق الفن الأبدية ..

فلا توجد لوحة بدون رسالة هادفة..

ولا توجد قصيدة بلا مغزى وعبرة منشودة..

ولا توجد موسيقى صامتة بلا همسٍ  وأحاديث مكتومة..

ولا توجد صور بلا أحداث ومشاعر مشهودة..

والقائمة تطول بتنوع الفنون ومقاصدها..

ولعلّي اليوم لابد أن اذكر تخليداً شاعر البصيرة وفارس القلم عبدالله البردوني رحمه الله؛ مثالاً فاخراً باهياً جسّد فن الشعر ورُقي الحرف وفصاحة اللسان ونور البصيرة..

 

منّ صورت قصائده مشاهداً مكتملة المعنى ببلاغة متناهية، ووصف دقيق، وإعجاز للبيان رهيب..

البردوني غني عن التعريف ، والحقيقة أننا به وبقصائده أصبحنا مُعرّفين، هو مشكاة النور الأبدية التي تُضيء عتمة الطريق ووحشة المصير..

وهنا أبياتٌ تروق لي من قصيده ، ولو أنها كلها تتزاحم في قلبي وتعلو مكانة..

 

" لا تحسب الأرض عن إنجابها عَقِرت..

من كلٍ صخرٍ سيأتي للفدا جبل..

فالغصن يُنبِتُ غُصناً حين نقطعه..

والليل يُنجب صُبحاً حين يكتملُ..

ستمطر الأرض يوماً رغم شِحّتها..

ومن بطون المآسي يولد الأملُ.."

رحمة الله عليه، فهاهي الأحرف تجتمع في مثل هذا اليوم من كل عام تُقيمُ مأتماً ترثي فيه حالها من بعدك..

تبكي وحدةً أرهقها برد طيفك..

تواسي نفسها أن لم يعد يجمعها نسج قلمك..

هكذا الحال يا صاحب السمو ..!

الحرف يحنو لنبض قلبك..

 

رحمة الله عليه، من لم يجفّ حبر قلمه ولن يجف مدى الدهر، لن يكرره الزمان..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي