لا تسخروا منا لأن القرود كانوا ولا زالوا قدرنا

د. محمد شداد
السبت ، ١٠ ديسمبر ٢٠٢٢ الساعة ١١:١١ صباحاً

في جلسة كانت غير حميمية مع أحد اليمنيين حصل على فرصة الإقامة الدائمة في ماليزيا سخر من اليمن عند الحديث عن البنية التحتية الماليزية وقوتها وجمال رقيها وحلاها.. سأله آخر على نفس الشاكله سأل كبنية اليمن التحتية؟!..

 أطلق ضحكة أصابتني بجرح وكأنه أطلق خنجراً با تجاهي من فمه..

قلت له اليمن هي التي أوقفت الاسلام على قدميه بدايةً من الأوس الوخزرج ومروراً بالقعقاع بن عمر وقادة اليمن الفاتحين وانتهاءً بعبدالرحمن الغافقي الذي استشهد ناشراً الإسلام على حدود فرنسا، اليمن سبأ والأحقاف التي ذُكرت في القرآن وخصصت لها سوراً دون بقاع الأرض قاطبةً..

 

اليمن بلقيس التي أشاد القرآن بحكمتها وملكها وجيشها وديموقراطيتها وجسارة شعبها وسريان جيناتهم فينا قوة ونخوة وعروبة حتى الساعة...فلا تسخروا منا لأن للقرود كانت القوة والغلبة في تاريخهم المعاصر على كل من حمل فكرة حضارية أو نواة بناء الدولة أو مشروع من مشارع النهضة والصناعة والبناء..

لا تسخروا من اليمن التي على أرضها عاش ويعيش أجسر شعب وأطيب شعب وأكرم شعب وأسلم شعب وأذكى شعب وهذه جامعات العلم شرقاً وغرب تشهد بتفوقهم وحيازتهم على أعلى الأوسمة والجوائز والشهائد من الصين واستراليا شرقاً مروراً بأوروبا وانتهاءً ببلد رعاة البقر أمريكا وكندا..

 

لا تسخروا من اليمن التي حمت بيضة الدين وبسببهم انتشر الاسلام وتوثقت عراه وحفظتم القرآن الذي به تميزتم به وبعلومه تقتاتون وتعيشون بتميز اللغة واللسان العربي بين باقي شعوب الأعاجم...

لا تسخروا من اليمن جوهرة الأرض ضاعت بين أيدي الفحامين وهي البحر الممتد والفياض بأنواع الخيرات والسهل الذي يزرع ما لذ وطاب من الفواكه والخضار والجبل الذي بين أحشائه أنواع المعادن التي تُرى بالعين المجردة لكل ذي عينين لم يصبهما الرمد.. مصيبتها فقط أنها حكمت من عميان عيون القلوب .. فيها الصحاري التي تختزن النفط والغاز والمياة التي تكفي لزراعة الأرض مئات السنين...

اليمن التي تدخل إليها الثروة الحيوانية بمذاق الطعم الأفريقي والاسترالي وبمجرد اعتلاف أعلافها واستنشاق هوائها يتغير طعم اللحم والرائحة..

هل تعلمون؟ قلت لهم أن السفن الروسية والصينية تصطاد السمك بأنواعه من سواحل اليمن وتجفف وتصنع وتصدر من سواحلنا العجيب أن المنتج ممهور  بأنه صُنع بالصين أو اليابان أو الاتحاد السوفيتي!! أما صيادين العرب من سوريا ومصر في سواحلها لهم قصص وحكايات..

والجميل الجميل أن اليمن البكر لا زالت بكر ولازالت تحتفظ بثرواتها وآثارها برغم كل ما انتُهب منها وهُرب تحت الرمال وتلك نعمة أنه لم تصل أليها يد اللصوص والكهنة والحاقدين الساعيين إلى طمس الهوية اليمنية وصبغها بالدينية حتى تصبح نسياً منسياً من بين باقي حضارات الأرض وهي الأعمق والأقدم والأغنى صناعةً وقوانين وفتواحات وممالك وقصور..

تكالبت علينا الأيادي والأضراس القريبة والبعيدة وجار علينا الجار والأهل وعقها الولد حتى القبائل التي هاجرت منها لها تنكرت وعادت لتفتيتها واستغلالها حقداً جهلاً وصغار..

 وهي سلة الدنيا ومخزونها البشري الذي صدَّر الفقهاء وعلى رأسهم مالك بن انس الشيباني المعافري إمام المذهب المالكي من حجرية تعز  وأبو عامر محمد بن أبي عامر المشهور بلقب الحاجب المنصور الذي حكم الأندلس وفي ذريته استمرت عقود من نفس المحافظة والمكان واليمن كله قامات من المهرة حتى البحر..

فلا تسخروا منها ومنا حفظكم الله لوعكةٍ أصابتها ولا تتنكروا لها ولا تخرجوا عن جلودكم عند الحصول على أول إقامة أو باسبورت أو كرت لجوء أو وثائق سفر  قالت الحكمة  " من خرج عن جلده جيف" وإن تنكرتم لها، رسمها وشماً سيضل على جباهكم وصدوركم علامةً للجودة أينما حليتم وارتحلتم وبها تُعرفوا.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي