وداعاً.. خلعناك

كتب
السبت ، ٢٥ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٩ مساءً
[caption id="attachment_12477" align="aligncenter" width="100" caption="بقلم / عبد الله صبري"]عبد الله علي صبري[/caption]

أشرقت شمس يوم 21 فبراير، وغربت معها حقبة علي عبدالله صالح الذي استبد بشئون اليمن طيلة 33 عاماً، ولم تفلح كل جهود المعارضة السياسية والإعلامية ومختلف وسائل النضال السلمي المدني حتى جاءت الثورة الشبابية الشعبية لتضع حداً لفساده واستبداده ولكل الطرائق العبثية التي حكم بها البلاد.

يوم أمس قال صالح مكرهاً " وداعاً للسلطة "، وكان بالإمكان أن يقولها طوعاً في مناسبات سابقة، لولا أن إرادة الشعب – وهي من إرادة الله – كتبت له قدراً مخزياً، نسجت خيوطه في تونس قبل أن تخنقه و نظامه في صنعاء.

هبت الثورة الشعبية في مثل هذه الأيام من العام الماضي، وعلى مدار العام استخدم صالح كل أساليب المكر والخداع عله يتجاوز مصيره المحتوم..لجأ للبلطجة والعنف والقتل..مارس الترغيب والترهيب، واستعان بمختلف وسائل التأزيم الأمنية والمعيشية والخدمية، وأذاق شعبه صنوف العذاب المادي والمعنوي، فقطع الكهرباء والماء، والغاز المنزلي و المشتقات النفطية، ولولا أنه ليس الله لقطع عنا الهواء الذي نتنفسه.

لم يوفر النساء فخاض في أعراض اليمنيات بالغمز واللمز حول " الاختلاط " في ساحات الثورة، ولوح بانقسام اليمن إلى أربعة أشطار، وحذر من القبيلة والقاعدة، وزج بهما في صراع كاد أن يفضي إلى حرب أهلية.

هاجم صالح ساحة التغيير بصنعاء فكانت " مجزرة الكرامة " الحد الفاصل الذي حال بينه وبين الخروج المشرف من السلطة كما كان يرجو، ثم لم يلبث أن أقدم على ساحة الحرية بتعز فأحرقها و انتقم من ثوارها، وكذلك فعل بالحصبة وأرحب ونهم.

عاد بعدها ليستنجد بسادته في واشنطن والرياض بحثاً عن طوق نجاة يوفر له فرصة الخروج من الحكم محصناً من المحاكمة والملاحقة القضائية، فكان له ما أراد.

جاءت المبادرة الخليجية فمنحت صالح ونظامه فرصة إنقاذ لم يتحصل عليها سابقوه في تونس ومصر وليبيا، غير أنه مع ذلك لم ينجو من محاولة اغتيال في عقر مأمنه.

وكما اعتمد صالح على الدجل والتضليل في إدارة شئون البلاد، استمرأ ذات الهواية وهو يغادر السلطة ويودع كرسي الرئاسة، متمسكاً بخطاب عاطفي يوحي وكأنه تنازل عن السلطة حقناً لدماء اليمنيين.

لكن على عكس ما يدعيه بقايا نظام صالح فإن الانتخابات الرئاسية التي جاءت برئيس جديد لليمن لأول مرة منذ 33 عاماً، هي في الأصل نتاج الثورة الشبابية الشعبية قبل أن تكون نتاجاً للتوافق السياسي الوطني المسنود دولياً، ولولا الثورة و تضحيات الشباب وصمودهم الأسطوري، لما عشنا هذه اللحظة الفارقة في تاريخنا اليوم.

في فبراير من العام الماضي قال صالح أنه سئم السلطة، فقلنا له: ارحل سئمناك..وبالأمس قال: وداعاً للسلطة، ونقول له: وداعاً خلعناك!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي