خدعة التهدئة

كتب
السبت ، ٠٥ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٧:٥٣ مساءً
  وليد لبكس لحظة الإعلان عن الإعدام أحدثت خضتها، لكنها لو حدثت ونفذ حكم الإعدام، ستحدث هزة أرضية وسماوية، ربما أدركت القاعدة فداحة الأمر فتخلت عنه، ومنتصف الأسبوع استطاع التنظيم أن يتجاوز جريمة من هذا النوع المعلن، المشهود، وذهب ليسلم 73 جندياً أسرهم قبل شهرين.. يعرف اليمنيون ممن تابعوا الحادثة بألم ومرارة هذا، كما يعرفون أيضاً الطريقة التي أسر فيها الجنود! ومن تآمر على الزج بهم في معقل الأسر. لن نسترجع الحادثة المشئومة المدبرة التي وقعت مطلع إبريل بكل همجيتها، تناولها لا يزال بمثابة جرح مفتوح وسيبقى، كما أن الحديث عنها ليس أبعد مما يلخصه ما لحق بزملاء هؤلاء الجنود يومها. كان مشهد قتلهم مروعاً، وراح ضحيته منهم مايزيد عن 180 جندي، تعرضوا للنحر بالخناجر، وامتلأت بهم ثلاجات الخضروات، عندما باغتتهم عناصر إجرامية فجراً، تواطأ (المخطط) معها في تنفيذ المذبحة قادة أمنيون وضباط، وتحدثت بعض شهادات المجندين حينها عما لحق يومها برفاقهم من وحشية غير مسبوقة، واليوم تتكرر شهادة حية جديدة على التآمر والقتل ببرود يخلف بالغ الوجع. وبعد أن تحرر هؤلاء الجنود عليهم أن لا يلتزموا الصمت حيال ما لحق بهم، عليهم أن يباشروا رفع دعاوى قضائية أمام المحكمة المتخصصة، يتم فيها الأخذ بشهاداتهم وينصفون عما طالهم وزملاءهم من دفعوا حياتهم في مهمتهم الوظيفية في حماية الوطن، حينما جرى التواطؤ ضدهم، حيث يرابطون في معسكراتهم، مقر العمل المقدس، ولقوا حتفهم وفق مشروع خطير، خبيث مدبر. عليهم الآن مباشرة رفع الدعاوى القضائية القانونية من أجل أن يحصلوا على حقهم الكامل كتعويض لما لحق بهم من ضرر على المستوى النفسي، الجسدي والأسري، وتلقوا من الاهانات والإذلال، ما لا يتوقعه العقل. يجب أن تدرس المنظمات الحقوقية حق المحاكمات للمتسببين بكل هذا الأذى لهؤلاء المجندين، وإمكانية تحقيقه؛ لأن شيئاً ما قد حدث لأفراد الجيش المحترمين من قادتهم السابقين قبل العدو. لا يمكن لنا أن نقع ضحية خدعة الهدوء الذي خيم علينا أثناء حالة تسليم الأسرى.الأمر لم يكن بين دولتين، ولا جيشين، حتى يقام الاحتفال بإطلاق سراحهم أو يجري التكريم لهم؛ كأنهم محاربون قدامى من إحدى الفصائل العائدين من جبهة القتال في رواندا أو أوغندا، يجري كل هذا الاستخفاف بهم وبحقوقهم الصحيحة. قادة الجرائم من الداخل،الذين سلموا المعسكرات لعناصر القاعدة، يجب أن يحاسبوا، لم تكن المذبحة التي حدثت لزملاء هؤلاء الجنود، والصدمات التي لحقت بهم عادية، لم تكن هذه الحالة في الحروب بين محتل ومحرر، على الجيوش أن تقع في الخداع والخيانات، كانت أقذر من ذلك بكثير وقعت في معسكرين بتواطؤ من قادة وضباط معروفين بحق جنود يعملون تحت إمرتهم، يجب أن تجري عملية محاسبة هؤلاء قادة الجيش والقادة المعينين بقرارات أسرية عائلية سياسية، ونعرف لماذا أولاً رفضوا القرارات الرئاسية بتسليم قيادة المعسكرات، وعادوا ثانية راضخين لها وسلموها، لم يحضر سوى مشروع الانتقام بكل تفاصيله الدموية. من المحظور على السلطة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام والقادة السياسيين الآن أن يقعوا في خدعة الهدوء الذي يُخيم اليوم أيضاً على (الجمهور) اليمنيين المتعب، ليس في الجنوب فحسب، ولكن في عموم الوطن، فهل تحقق لهم هذا الهدوء إلى الأبد، مما ترتكبه هذه الجماعات المتشددة. اليمنيون ما زالوا مصدومين مما يحدث ويلحق بهم! فالضحايا أبناؤهم وإخوتهم. لنترك العجز وأحداث البلبلة الكبيرة التي ترافق مشهد تسليم الجنود والإفراج عنهم، لن تنطلي علينا الحكايات الحقيقية جداً وللغاية، عن رفق الجماعة بالجنود، أو عودة الجنود إلى أسرهم-هذا أمر في غاية الحسن والطمأنينة- لكن يجب أن لا يتحول هذا إلى إنجازات كبيرة في صف الضحايا، ونبقى نتغنى بالجلادين والمجرمين، كأنهم ملائكة، ونتركهم ينتعشون جراء تحسين الصورة الملطخة بالدم، بالبارود وبالدمار، بعد ارتكاب كل هذه الجرائم والجلوس اللامتناهي المريح فوق الخراب، تخلفه هذه العناصر ومن يقف وراءها و يدعمها في مديريات أبين وما جاورها. أشعر في الوقت الحالي بأنها تقوم بمحاسبة نفسها بهدوء-ربما-عن التخلي عن صيد ثمين، كان في متناولها؛ كان يجب التهامه، بعد أن قامت بإحصاء ما يوجد في جيوبهم وانتزعت من صدورهم الأمان، فقط بعد شهرين من كارثة القتل والأسر، تحقق طلب الغفران، قال أمير الجماعة كلمته، اتخذ القرار لا المشورة مثلاً، وهو يلقي بأتباع المارقين من أبناء جلدته بعيداً عن المعقل، والمعتقل. هذه الممارسات التي تقوم بها هذه الجماعات، كانت وماتزال تصرفات إجرامية صبيانية شيطانية، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ومنذ اليوم الأول للمساعي يتم تصديرها للتوضيح للناس؛ عن مدى حسن أداء هؤلاء القوة المتطرفة وفرقها الضالة، بدعم من قيادة وجنرالات النظام السابق، وعدم وجود شائبة في سلوكهم الإيماني الروحاني، وأنهم قد جلبوا نصراً لا مثيل له للتنظيم، بهذا التسامح، فصدقوهم أو لا.. مايزال في جعبة الحاوي «السابق» للجريمة متسع، مايزال يتربص وهو يتخلى عن الجولة الأولى، البقية تأتي تباعاً. [email protected]
الحجر الصحفي في زمن الحوثي