تعز كغدٍ مألوف للحرية

كتب
الأحد ، ٢٩ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠١:٣٢ صباحاً
وليد البكس وصل محافظ تعز الشاب إلى كرسي السلطة الأول في المحافظة، نستطيع القول: بأنه من جيل الثورة السلمية، الثورة التي قادها شباب جيل التغيير، انطلقت من مدينة الحرية،والأمل، ليتحقق لهم جزء لا بأس به مما رادوه، ووفقاً لأدوارهم، حيث تتألف لوحدها في مختلف الساحات، ولا تزال تسير على الرتم ذاته.. من وجهة نظري سيلعب حضورهم الدور الأساسي، الرئيسي مع التطورات السياسية وأزمات البلد العارضة التي أنتجها النظام السابق، وكادت في أحلك الظروف وأبسطها تفتك بالبلد، كما لا تزال تشكل مخاوف بالغة اللحظة أمام السلطة الحالية، وليس في هذه المحافظة بل في عموم الوطن، غير أن محافظ تعز سيحظى بالاطمئنان المتبادل بينه والناس هناك، فالشبان في تعز، ومن مختلف العزل والمديريات الذين شاركوا في صناعة هذا التغيير، انتهجوا خطى المشاركين من الشباب في ثورتي أكتوبر وسبتمبر، ولم يتوانوا عن الاستبسال والدفاع عن الوطن في نوائبه المتفاوتة، تاركين تعليمهم وأعمالهم في سبيل تحقيق الاستقلال، الذي يعد صلب محوره تحقيق الأمن والكرامة في جمهورية الفرص المتساوية ضمن الوطن الواحد، وهذا ما يتكرر اليوم. لو عدنا إلى الماضي القريب قليلاً، حيث تدور مواجهة مقتلة الوحدة في صيف 94 التي تعرض لها الشعب اليمني في الشمال والجنوب، لا أحد حينها كان يحمل قرار المواجهة بمنطق متقدم أكثر من أبناء هذه المحافظة (الوطن، والموطن).عمّد أبناؤها في مقدمتهم الشباب، إلى الوحدة بجهدهم، ولم يبخلوا في شيء يستطيعون تقديمه أو القيام به، إلا فعلوه.لم يكونوا جميعهم أعضاء أحزاب سياسية ولا هم تدافعوا للدفاع عن القبيلة أو الحزب؛ إنما أرادوا ومن خلال الأخوة الماثلة الحفاظ على اليمن ورسم شكل الدولة التي يحلمون ببنائها،وعندما أرادوها كذلك؛ صاروا في كل وادٍ ومخلف وجبل في الصف الأول. أبناء تعز ليسوا قوى سياسية ولكن بتناغمهم اليومي ومتابعتهم يومها للمعارك القتالية والإعلامية وكيل التهم والشتائم الساخنة والباردة ومن خلال التضامن مع اليمن الواحد الموحد؛ رسموا أنصع الشواهد. ودوماً منطق المواجهة السياسية السلمية التي قاموا بها، كانت منتجهم الذي يفاخرون به، لا من عجز، ولكن القوة أيضاً في المواظبة وصناعة التفاؤل، والحب، لتصبح على مر الزمن معادلة الرد على الجريمة بالحزن فقط كما حصل بعد سحل الشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب في شوارع صنعاء واختفى عيسى محمد سيف وزملاؤه من حركة التصحيح، بفعل النظام السابق، ومطاردة ونفي عبد الله عبد العالم في المهام القمعية لنظام الشمال،واغتيل عبد الفتاح إسماعيل وبعض رفاقه في الجنوب، إنهم لم يكونوا أكثر من صوت رافض للقتل ومواجهة للقاتل، ولم يسافر أحد منهم في طريق البحث عن الثأر.الجميع يعلم من هو العدو الأول، تراكمت اخطاؤه من هذا النوع القاتل؛ فأسقطوه عندما سنحت الفرصة. ووسط كل ذلك لا يمكن أن نغيب دوراً آخر لواحد من أهم محاور التغيير منذ عقود، وحتى الآن، يتمثل ذلك في قطاع واسع من رجال الأعمال(رأس المال الوطني)كما صار يسمى لاحقاً، يغذون الثورات بالمال من داخل وخارج الوطن خاصة من تعز، واحد تلو الآخر، ثم يغيبون في الآخير عن كل شيء، تاركين ولائم الساسة الأوغاد في رحلتهم الاستئثارية بمقدرات وخيرات الوطن. جازم الحروي، عبد الغني مطهر، أحمد عبده ناشر، النونو الدبعي، شمسان عون، سلام علي ثابت، صاحب السجل التجاري رقم(1) في اليمن، عبد الكريم الأسودي، عبد الجبار راشد،الحاج سعيد الأصبحي، أحمد عبدالله الأصبحي، السفاري، شولق، الجراش، عبد الغني الحروي، الغنامي، والدرين، الجريك، عبد القوي عثمان، محمد سيف ثابت، الحاج أحمد الدبعي، وكثيرون غيرهم (قديماً)ومجموعة هائل سعيد كجسر مالي وطني رابط بين الثورات قديماً وحديثاً، بالإضافة إلى بعض البيوتات التي قدمت للساحات خاصة الحرية تعز مثل الخامري، توفيق عبد الرحيم، علوان الشيباني، أيضاً آخرون لا تحضرني أسماؤهم هنا. كانوا جميعاً جنباً إلى جنب مع الساحات، ويرفض البعض الظهور في الصورة، لكن الأمانة الصحافية لا يمكن لها أن تغفل من ساندوا مسار التغيير الحقيقي من أجل الوطن، لا تهافتاً بغرض المصالح الشخصية الضيقة. سار جهد هؤلاء الرجال ورفاقهم-على الدوام-في شكل متوازٍ مع تدافع الشباب في الساحات، وبالمشاركة حاضراً، وسابقاً، وفي كل التظاهرات، ونداءات التغيير، وضعت هذه الجهود الشباب والساحات في الواجهة، جعلت بعضهم لا يتوانون في تقديم أرواحهم ثمناً للوطن المحلوم به، يتقدمون جنازات الشهداء ويشكلون سلسلة من الدروع البشرية لكل محاولة هدفت إلى فض الساحة، التي يأتي في صميمها إفشال الثورة.غير أن الصمود في مجابهة كل تلك المحاولات وعلى مختلف الجبهات لم يكن من أجل تعز وحدها كانت اليمن حاضرة في الروح والوجدان. كل التحركات الثورية التغيرية(شبابية في الساحات،إمدادات للاحتياجات الضرورية من التجار)أتت في أوقاتها لتظهر قدرة جمهور هذه المحافظة وإخوانهم المنتشرين في عموم الوطن نبضها وخامتها النوعية في رفض نسف الثورة والتخلي عن فكرة القتل والإنجرار إليه، كانوا دوماً مع التغيير السلمي وهو ما يحصل اليوم في الوطن عبر ثورة المؤسسات المستمرة بنزع العابثين. منذ أوآخر ثمانينيات القرن المنصرم وحتى اليوم يواجه أبناء هذه المحافظة عملية إقصاء منظمة ومرتفعة الأداء، كان يقوم بها مجرمو التعايش السلمي من صناع التفرقة-وما أكثرهم-يشرعون بالتخطيط والتنفيذ المتواصل لتركيع تعز، ومحاولة إشعال حروب أهلية في بعض مديرياتها (شرعب،خدير،سامع،صبر،جبل حبشي،ماوية،ومركز الحجرية النشمة)وتلك كانت اختصاراً لمخططات أشمل في حواضر اليمن وبواديه.ليس سوى لإدارة الوطن بالأزمات. وفي كل مرة كانت تسقط هذه المشاريع الهدامة، كلما ظن الناس أن عودها يشتد، وفي أغلب المناطق يواجه اليمنيون في ما بينهم (المقاتل) وبدلاً من أن تفرقهم، بحسب نوازع الشر المزروعة من قبل اذرع الدم، كانت توحدهم أكثر، وفي الغالب تتلاشى ويتسامح الناس. أبناء تعز خصوصاً لم يفكروا يوماً في الانجرار إلى مزالق العنف، ونتمنى أن تذوب إلى الأبد، ليسود السلم والاستقرار ربوع هذه المحافظة-لاشك-حينما يتحقق هنا سنعكس في باقي مناطق البلاد؛ السبب بسيط؛ لأن تعز حاضرة الوطن في كل مدينة ومحافظة. منذ وصل المحافظ الجديد إلى مبنى المحافظة أبدى جميع من تردد خلال العام الفائت بأنهم حملوا السلاح، ولن تستطيع الدولة نزعه أو مخاطبتهم للتخلي عنه، أبدوا جميعهم الاستعداد للتخلي عنه والمساهمة في بناء المحافظة وتطبيب جروحها، نابذين النزعات الشخصية والحزبية المقيتة التي تشكلت طيلة العام الماضي وما قبله، ولم تكن أكثر من ردود فعل حزبي عصبوي ضيق، كما يردد البعض، والملاحظ خلال الأيام القليلة الماضية، لا يمكن أن نطلق عليها أنها فعل إيجابي بهذه السرعة، لكنها بدأت تمضي بعمل ينجز بهدوء، ويجري استخدام سلطة الدولة بالقانون في مواجهة التعسف الذي يحاول بعض الأطراف مواصلته، مستفيداً من اللهث وراء من كانوا يقومون بالتغطية السياسية على أعمالهم، ومحاولة استدرار الأزمات والضجيج. وبالأمس قال محافظ تعز: «إن شبابها استطاعوا أن يحدثوا التغيير» لقد كانوا كذلك، وأبعد بكثير؛ كانوا (الشعب) في مختلف الظروف يحمل الشارع على كتفه ويسير إلى الأمام، حين خلقت الساحة؛ أحدثت الحرية انفجارها غير المتوقع، وتبعتها حركة الناس اليومية التي يقمون بها، أصبحت حياتهم بكل تفاصيلها، أدت إلى الانتفاضة، لم تنجح فقط في تغيير معادلات السياسة اليمنية، بل الواقع اليمني برمته، وفي خاتمة القول؛ لقد تقدمت تعز إضاءة شمعة أمل لكل المظلومين، أشعلها الشباب الناصع هنا وهناك؛ حيث لا يتشددون إلا ضمن ليونة تحفظ الوطن، وهم يرددون: هنا الخائفون على الوطن من مشاريع المأزومين، من ترصد السباع التي تحاول مواصلة نهش وطننا، وخاصة هذه المدينة المنتشرة كلما صاح الديك. [email protected]
الحجر الصحفي في زمن الحوثي