مــــــأتــم كــــــــبيـر !!

كتب
الثلاثاء ، ٢٦ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٤١ صباحاً

بقلم: منال الأديمي _
بدأ سكان العاصمة ساعات الذروة في يوم الثلاثاء الماضي بمشهد بدا وكأنه أحد مشاهد أفلام حرب الفضاء و الأكشن الذي تحلق فيه المروحيات على علو منخفض فوق ناطحات سحاب، يعقب ذاك التحليق سقوط المروحية وتحطمها ثم يفاجأ بعدها المشاهد بنهاية المشهد المروع والمخيف ببطل الفيلم يخرج من الطائرة متأبطاً خوذته ملتفتاً نحو الحطام والدمار بهدوء وبابتسامة ساخرة .
لكن ذلك لم يحدث مع أبطالنا في واقعنا المؤلم وعلى رأسهم الشهيد النقيب طيار محمد علي ناصر شاكر الذين ظلت أجسادهم تحترق وسط دهشة واستغراب سادت الشارع ،عقبتها ساعات استهتار وفضول وفوضى التقاط صور و سباق نشرها على صفحات التواصل الاجتماعي، عمت الفوضى والازدحام المكان لساعات طويلة زادت وللأسف من ساعات معاناة المنكوبين، لأن ذاك التزاحم وتلك الفوضى أخرت وللأسف وصول الإطفاء وسيارات الإسعاف المتأخرة أصلاً عن قتلى وجرحى ذاك الحادث المأساوي .
واستباقاً لنتائج التحقيق الذي بدأنا نشك بجديته باستثناء مخصصات لجان التحقيق المالية، انتهى الحادث وكالعادة في سجل تُهم وجرائم المسئول الوحيد في هذا البلد ( قضاء وقدر) وما الضير في ذلك ، فما زلنا نحن (مواطن ما شافش حاجة ) لا نعلم شيئا ًعن سقوط طائرة الحصبة التي سقطت نهايات العام الماضي الذي شهد أيضاً حوادث سقوط متفرقة لطائرات لا أظن طائرة الثلاثاء الأسود ستكون آخرها وحتى اليوم لم نعرف ولن نعرف شيئاً عن نتائج التحقيق في تلك الحوادث كما لن نعرف جدوى التدريبات العسكرية فوق المدن .
كالعادة لم يعقب حادث الثلاثاء أي رد دبلوماسي يتحمل فيه أحد مسؤولية ما حدث ويحدث من أيا كان في الحكومة، وكمواطنين طيبين لم نكن نطمع باستقالات جماعية كما يحدث في الدول التى تقدس فيها أرواح البشر ويحترم فيها المواطن ،فقط تمنينا ظهوركم شوقاً لا أكثر على شاشات التلفزة ولو فيكم خير وكنتم فاضيين نص اعتذار وتعزية بما لا يقل عن عشر دقائق من وقتكم الثمين لأسر الضحايا والمنكوبين وأسفكم مقبول يا سادة .. فقد منّ الله عليكم بشعب له (ذاكرة الأسماك) التي تجعله يدفن لكم أخطاءكم أرواحاً بريئة دون أن يعرف لها سبباً وجيهاً للموت سوى أنها ولسوء حظها كانت أرواحاً من اليمن..مؤلم حقاً ما وصلت إليه قيمة الروح في هذا البلد على المستويين الشعبي والرسمي ومؤلم أكثر أن يكون موقفنا من كل تلك الجرائم موقف المتفرج والنسيان لا أكثر ..لم نستفق بعد من صدمة يوم الثلاثاء الدامي حتى تفاجئنا الأجواء الضبابية بدماء أخرى ليست بعيداً عن صنعاء، وهذه المرة في عدن دماء لم تكن شرعية القضية الجنوبية على عدالتها بحاجة إليها ،خصوصاً بعد الإجماع الدولي على حلها، ما حدث هناك كشف وجوهاً كثيرة من ضمنها الحراك المتطرف كما أظهرت الأحداث إصراراً يذكرنا وللأسف بذات إصرار بروفة السبعين، ودوماً ما تكون نهاية ذاك الإصرار إراقة المزيد من الدم اليمني ..حقيقة لا أجد مبرراً للإصرار على الاحتفالية وتوتير الأجواء في الوقت الذي من المفترض فيه تهيئة الأجواء للحوار الوطني ،كما لا أجدني أستغرب ما حدث هناك ،نظراً لجنون وعبثية حروب الوحدة والانفصال في عقول الناس والتي انكشفت لاحقاً على صفحات التواصل الاجتماعية .
إن الانفلات الأمني في البلاد وتزايد التدخلات الخارجية واكتفاء الرد الرسمي على كل تلك التهديدات والتدخلات بالتلميحات فقط دون توجيه اتهامات مباشرة وإجراءات حاسمة وواضحة تحفظ أمن وسلامة البلد وتعيد للدولة سيادتها وهيبتها سيحول البلد وللأسف إلى مأتم كبير .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي