الكرسي الدوار وتكريس ثقافة الإقصاء والتهميش

كتب
الاربعاء ، ٠٩ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٧:٢٥ مساءً

بقلم: بسمة عبدالفتاح -
اكتسب مجتمعنا الثقافي والسياسي والمجتمعي عموماً ثقافات مختلفة متماثلة تارة ومتباينة تارة أخرى ...لكن هذه الثقافات على تماثلها أو تباينها تتفق في أغلبها عند من يصلون إلى مركز قرار في ثقافة الإقصاء والتهميش للآخر ، أي مركز كان ، رب أسرة ، مدير أو مديرة مدرسة ، مدير مستشفى ، مدير أي مؤسسة خدمية أو إنتاجية ، وأغلب أولئك الذين تشربوا ثقافة الإقصاء هم أصحاب الكراسي الدوارة .
لدرجة أنني بدأت ألقي باللوم على هذا الكراسي وأنه السبب في تلبس أصحابه لثقافة الإقصاء والتهميش ، فمنذ أن دخل هذا الكرسي إلى مكتبة المنزل صار رب الأسرة يقصي شريكته وأولاده في أغلب القرارات إلا مما يحقق له المصلحة ، وحتى لو جلس عليه الطفل يشعر بشعور والده نفسه ويقصي إخوته ، ومنذ دخل هذا الكرسي إلى المؤسسات الحكومية والخاصة، صار أغلب المدراء يعطون ظهورهم للموظفين والمراجعين حتى إن كان هؤلاء المدراء ممن يسمون أنفسهم رواد الثقافة وحملة الحقوق .
تخيلوا عندما أصبح هذا الكرسي مزركشاً وقوياً في نظر علية القوم ...لابد أنه أصبح أكثر إغراءً لدرجة أنه يشترط بنفسه أن من يجلس عليه لابد أن يمارس ثقافة الإقصاء والتهميش لكل من كان حوله أو من ترأس عليه أو من كان معهم في الصف نفسه ...الصف الأمامي أو الخلفي أو حتى صف الدراسة .
بالتأكيد هذا الكرسي الدوار هو المتسبب الأول في الإقصاء والتهميش، ولولاه لما عشنا في وطن واحد بلا مواطنة متساوية ، ولولا جلوس البعض عليه لما أنكر أنه يجمعنا وطن واحد ، فيه المسلم واليهودي والمسيحي، الأبيض والأسود .....وأن هذا الذي تقصيه يشاركك وطناً وله كما لك من حقوق وعليه ماعليك من واجبات تجاه وطنه ....وليس بالضرورة أن يحمل ديانتك نفسها ليكون له الحق في الوطن ...فهو إنسان ومواطن يمني أولاً وأخيراً ...
الكرسي الدوار نفسه هو السبب في جعل تعز محافظة عطشى لفترة تزيد عن ثلاثة عقود ، والكرسي نفسه كان السبب في تهميش هذه المحافظة- سياسياً واقتصادياً و.... - التي عرف أبناؤها الطريق إلى المدرسة من قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م .
أنا أحمّل الكرسي الدوار العبء الأكبر في تكريس ثقافة الإقصاء والتهميش لأبناء الشعب وعدم إشراكهم في الحكم ، وطغيان المركزية ، حيث إن الكراسي الدوارة في العاصمة لها قدرة كبيرة في إجبار كل من يجلس عليها بتهميش بقية المحافظات وإظهارها بمظهر التبعية ، ومن هنا أدعو لمسيرة ضد الكراسي الدوارة التي بسببها أصبحنا مواطنين بدرجات مختلفة بحسب القبيلة والمنطقة والحزب الذي ننتمي إليه ، ولإثبات حسن نيتي سأقوم بتحطيم الكرسي الدوار الذي أجلس عليه الآن في المسيرة كرمز لبقية الكراسي التي لا نستطيع الوصول إليها ...وسأشتري بدلاً عنه كرسياً بألف وخمسمائة ريال مثل الكراسي حق بقية الناس التي يقعد عليها المرضى في المستشفيات والعيادات ، والمدرسون في المدارس والمواطنون العاديون الذين يحضرون الاجتماعات والمهرجانات ، ويمنعون من الجلوس على الكراسي الطرية والناعمة في المقدمة ...
وأعتقد يقيناً أنه بعد المسيرة التي سنقوم بتنفيذها احتجاجاً على وجود الكراسي الدوارة في كل مؤسسات الدولة الصغيرة والكبيرة ، أعتقد أنه لن يصدر أي قرار لا يراعي الأغلبية العظمى أو السواد الأعظم أو يهمش ويقصي الأقليات أو يكرس المناطقية والجهوية .

عن الجمهورية

الحجر الصحفي في زمن الحوثي