مناقشة مقابلات الأخ الرئيس! (3)

د. علي العسلي
الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣٤ مساءً

وأستمر في مناقشة مقابلات الأخ الرئيس..

وكما أكدت يا فخامة الرئيس بأن الحوثي قد عسكر البحر الأحمر وجلب الأساطيل.. واعتقد انا، أنه في ذلك يحاول لفت أنظار العالم بوجوده، للتفاوض معه، والاعتراف به كقوة ودولة كأمر واقع، إذ يسعى ويحلم أن يكون هو البديل عن السلطة الشرعية.

وما قمتم به أخي الرئيس من الاعتذار وعدم الإشتراك في تحالف الإزدهار، لهو عين الصواب، نثني عليه.. وتسبيبكم يدلّ على التعامل بندّية مع الدول.. وعدم قبولكم فيه رسالة، بضرورة احترام السيادة الوطنية، وينبع من احترام الذات والدستور اليمني، ومن فهم واستيعاب للقوانين المحلية وقوانين البحار.. وكما قلتم فإن أمن البحر الأحمر ودوله مسؤولية دوله المشاطئة بدرجة أساس؛ وكلها لم تنخرط بذلك التحالف الذي شكلته أمريكا.. والأجمل والأصوب، ألا تقبلوا ان تكونوا فيه، حتى لا تكونوا ديكوراً أو مُشرّعين للتدخلات الخارجية كما قلت!؛

وتحليلكم وجِيّْه ويُحترم؛ من أن هجمات الحوثي، لم تخدم غزة، بل تخدم إيران التي تسعى للتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن ملفها النووي، وبشأن رفع العقوبات عنها، وإطلاق يدّها بوصفها لاعباً إقليمياً في المنطقة.. وهاهي البراهين، نشاهدها بأم العين، بالردّ والردّ المضاد، المحدود والمحسوب بين الكيان الصهيوني وايران.. وفي تقديري هو تفاوض وتثبيت معادلات بينهما، وربما بموجبه تحصل إيران على دور وسيطرة إقليمية ما، وقد تتقاسمان النفوذ في منطقتنا، في ظل الغياب المخزي للنظام العربي الرسمي.. وليست فلسطين والأقصى وغزة سوى شعار للاستهلاك..

وتلحظون انه بالمناوشات الحاصلة يستفيد الكيان الصهيوني في استعادة بعض التعاطف معه، بعد أن كان العالم قد لفظه لجرائمه وإبادته لغزة.. والخشية مما يتسرب من أن الرد المحدود جداً على إيران، هو مقابل سكوت أمريكا والغرب عما ينوي فعله برفح التي هي اخر مخزن بشري النازحين من كل غزة!؛ نسأل الله اللطف اهالينا في غزة وتمكين هم من دحر العدوان!

 وفقاً لكل المعطيات المحيطة.. فالحوثي وايران والكيان الصهيوني وامريكا، جميعهم متخادمين كل منهم يخدم الأخر ويقويه ويمكنه، وكل هذا الإخراج برعاية وعناية أمريكية.. نسأل من الله، ارحم الراحمين أن يوقعهم جميعاً، لينتصر لأولئك الذين ظُلموا في غزة ودافعوا عن الكل العربي والإسلامي..

ونصيحة هنا أسديها لصناع القرار في دولنا العربية .. فأقول لهم أن عليهم أن يصحوا من سباتهم، وأن يحيّىوا تضامنهم ودفاعهم المشترك، وأن ينطلقوا من التحالف العربي الذي أسسوه للدفاع عن اليمن، فيوسعوه ويتطوروه ليكون مؤهلاً وجاهزاً للدفاع عن دولهم مصالحهم،وقبل فوات الآوان، حين لا ينفع الندم.. فعالم اليوم، هو عالم القوة، فالفوة وحدها هي التي تحمي المصالح، وتجعل بلدان العالم تحترمها!؛

ولقد أتضح للجميع من أن إيران لم تنتخي بردّها، انتقاماً لاستشهاد أكثر من اربعة وثلاثين الف انسان غزّي حتى الآن، وجرح ما يزيد عن ستة وسبعين الف فيها، ولا لصلف الصهاينة وتكبرهم واستمرارهم بالعدوان على غزّة منذ ما يزيد على ستة أشهر، حيث لا تزال الإبادة مستمرة، والمخططات موضوعة للمزيد!

وأثني عليك اخي الرئيس تفنييد سردّية الحوثي، وتبيان حقيقته.. فشكراً لكم حين أوضحتم الحقائق الدامغة، وأزلتم اللبس الذي التيس عند كثيرين من اليمنيين والعرب، من أن الحوثي وإيران مع غزة وضد الكيان الصهيوني..

ولمن يعتقد من أن الحوثي لم يستهدف البحر الأحمر إلا من اجل غزة، فقد أوضحتم بالتواريخ من أن استهدافاته وقرصنته البحرية، سابقة لانطلاق طوفان الأقصى وليست بعده، ولقد دللتم على ذلك باختطاف سفينة روابي الإماراتية التي لا تزال محتجزة لديهم، واستهدفاهم لموانئ شبوة وحضرموت واوقفوا تصدير النفط اليمني قبل ذلك !؛

على العالم ان يدرك ويعي استنتاجكم من أن الحوثي باختصار، ينفذ فقط تعليمات إيران، وايران لا يهمها غزة أو فلسطين، وإنما توظف كل ذلك لحسابها، فالحوثي مثله مثل الحشد الشعبي وحزب الله وكلهم يُدارون من غرفة الحرس الثوري لفيلق القدس في طهران!

وانظروا إلى عمق الطرح الاستراتيجي عند الأخ الرئيس.. انظروا لهذه المعادلة الإبداعية التي أدلى بها الأخ الرئيس، حين قال : " إن الميليشيات الحوثية ليست مشروع سلام.. والسلام لن يتحقق إلا باستعادة الدولة، واستعادة الدولة لن يأتي إلا بأن نكون قادرين ولدينا جيش قوي، وإمكانيات قوية تستطيع فعلاً أن تأتي بالميليشيات الحوثية إلى طاولة الحوار. ولن يأتي الحوثي إلى طاولة الحوار، وإلى المفاوضات، وإلى السلام، إلا إذا هُزم عسكرياً، والهزيمة العسكرية لن تأتي إلا إذا قضينا على قدراته العسكرية"..

كلام يدّل على أن صاحبه واسع المعرفة والاطلاع والإحاطة والتحليل المعمق، وأن الرئيس في هذا الطرح وفيّ لقسمه الذي أقسمه، وملتزم بدستور الجمهورية، ويعرف طريق النصر وكيفية تحقيقه.

وفقاً للمعادلة السابقة، فالرئيس يعمل بشتى الطرق والوسائل لإقناع الدول الكبرى المصدّرة للأسلحة بتزويد السلطة الشرعية المنضبطة والمسؤولة بما تحتاجه من سلاح لحماية المؤسسات والمنشآت والمكتسبات، والهدف الغائي لذلك، هو تقريب الحوثي إلى السلام، وبالتالي تحقيق الأمن والاستقرار لليمن وللمنطقة وللعالم، ولتوقيف حنفية الدم اليمني الزكيّ المسّْكوب بشكل يومي، عبر إنهاء الإنقلاب وإعادة مؤسسات الدولة للعمل وفقا للقوانين المحلية واحتراماً للقوانين والقرارات الدولية !

وبالمناسبة، فإن استهداف الحوثي للسفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فرصة لا تعوض، للسلطة الشرعية بأن ترفع صوتها وتذكّر العالم بأنها كانت في الموقف الصائب منذ البداية، ومن انها جفّ ريقها وبحّ صوتها، وهي تحذر من خطر الحوثي وإيران على اليمن والمنطقة والعالم، ولم يسمع لصوتها، إلى أن جاء استهداف البحار من قبل عصابة الحوثي .. وينبغي أن يرتفع هذا الصوت الأن، وألا يخلوا من تحميل المسؤولية للإدارة الامريكية، عمّا آلت إليه الأوضاع في بلادنا بسبب موقفها الضبابي المهادن للحوثيين والداعم لهم طوال المدة السابقة، حيث مارست ضغوطاتها الإحادية على السلطة الشرعية والتحالف، وهي غير محقّة في ذلك كما تعترف الآن؛ وبالتالي فالمفروض أن ينتزع منها الثمن على كل ذلك، وأوله ضرورة تغيير مواقفها واستزاتيجيتها التي كانت حاصلة، وضمان أن ذلك لن يتكرر، والبدء بخطوات ملموسة لدعم السلطة الشرعية ومؤسستها العسكرية والأمنية، من حيث التسليح والتدريب اللازمين!

وأرى أنه قد حان الوقت بمزج المقاربة العسكرية بالمقاربة السياسية، لأنه من المهم لكي يبنى سلام شامل وعادل ومصالحة حقيقية، من كسر شوكة الحوثي، ونزع سلاحه وجعل احتكار السلاح حصراً على مؤسسات الجيش والأمن في الدولة اليمنية، وحتى لا يتكرر من الحوثي أو من غيره فرض رأي فكري أو سياسي بقوة السلاح، بل بالتفاوض والحوار، وبالتالي عدم الإستقواء بدولة اخرى!

ينبغي أخي الرئيس بدل الرضوخ للضغوط، التحوّل لممارستها من قبلكم على الدول الإقليمية والدول الكبرى بضرورة تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالحالة اليمنية، خصوصاً القرار 2216، الذي كما قلت يا سيادة الرئيس، انه يعتبر بمثابة خارطة طريق لحل الأزمة اليمنية!

ولا بأس أن تفعلوا كما فعل الحوثي، حينما فتح حواراً وتفاوضاً مع قائدة التحالف العربي المملكة العربية السعودية!؛ فلماذا لا تستفيدون أنتم أيضاً من التقارب الإيراني السعودي، وتفتحوا حواراً وتفاوضاً مع إيران بالتنسيق مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، خصوصا وأن القناعة الراسخة لديكم بأن الحوثي ما هو إلا أداة لإيران، وينفذ تعليماتها، فتفاوضوا مع الأصيل (المشغل)، وسيأتيكم الوكيل ذاعناً من دون عناء!

فإذا كان الحوثي يحاول أن يتهرب من عملية السلام بافتعال موقف مزيّفّ بدعم غزة كما ترون، وطالما أنتم مجلس سلام وحريصون جداً عليه، فما عليكم إلا أن تتفاوضوا وتحاوروا إيران، فقد تجلبون السلام لليمن وللمنطقة.. فمن يدري؟!.. وجمعتكم جميعاً مباركة..

 

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي