التبعية الإيجابية والتبعية السلبية .. في تاريخ الحضارة اليمنية ..!!

ابراهيم ناصر الجرافي
الاثنين ، ١٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٠٥ صباحاً

 

بدايةً ....... 

من الحقائق التاريخية أن لقب ( تُبَّع ) كان يطلق على ملوك سبأ وحمير ، لأن قومهم كانوا يدينون لهم بالسمع والطاعة ، بمعنى أن التبعية والسمع والطاعة صفة ملازمة لهذا الشعب منذ القدم ، والفرق أن التبعية السياسية في تلك الفترات ، كانت تبعية إيجابية ، لأنها كانت تبعية داخلية ، حيث كان المتبوع هو الحاكم التُبع اليماني ، والتابعين هم المحكومين أبناء الشعب اليمني ، وفق علاقة سياسية متوازنة بين الطرفين ، ونتيجة لتلك التبعية الداخلية الإيجابية ، تمكن اليمنيون من بناء وتشييد الحضارة اليمنية القديمة ، والتي هي بحق من أقوى الحضارات الإنسانية ، لأن نفوذها كان يمتد حسب المصادر التاريخية ، وحسب ما تم العثور عليه من الآثار ، إلى خارج حدود الجزيرة العربية ، وظلت صفة التبعية الإيجابية الداخلية ، هي السائدة خلال تاريخهم الطويل الممتد لأكثر من 2500 عام تقريبا ، لكن للأسف الشديد بعد ضعف الدولة الحميرية ، وتحديداً بعد الغزو الروماني النصراني الحبشي لليمن ، انتقاماً لإحراق الملك الحميري ذو نواس نصارى نجران ، وجد اليمنيون أنفسهم بين فترةٍ وأخرى ، وهم تابعين سلبيين ، بدايةً بالتبعية للأحباش المدعومين من النصارى والرومان ، ثم التبعية للفرس الذين غدروا بالتبع اليماني سيف بن ذي يزن ، وهكذا ..!! 

 

 والتبعية السلبية هي عكس التبعية الايجابية ، فبينما تكون التبعية الإيجابية داخلية ( المعنى الحرفي للسيادة والاستقلال ) ، تكون التبعية السلبية خارجية ( المعنى الحرفي للوصاية والاستعمار ) ، وبينما ينتج عن التبعية الداخلية الإيجابية العزة والكرامة والقوة والسيادة والاستقلال ، ينتج عن التبعية للخارج الذل والهوان والضعف وفقدان السيادة والقرار الوطني ، وبينما تكون ثمرة التبعية الداخلية ، التقدم والتطور وتشييد وبناء الحضارات ، تكون ثمرة التبعية للخارج التمزق والضعف والتخلف والتراجع الحضاري ، لذلك على كل أبناء اليمن الأحرار أن يدركوا حقيقة مهمة جداً ، وهي أن أصحاب مشاريع التبعية الخارجية السلبية ( أدوات الوصاية الخارجية ) ، لا يمكن أن يسمحوا لأي مشروع وطني تحرري ، يسعى إلى تحرير اليمن من الوصاية والتبعية الخارجية بالنجاح ، وما يقومون به اليوم من حروب وصراعات بالوكالة إلا خير دليل على ذلك ، كونهم قد تعودوا على الاسترزاق من موائد وأموال الخارج ، وتعودوا على الاستقواء بالخارج على أبناء الشعب اليمني ، وسيظلون حجر عثرة أمام أي مشروع وطني تحرري ، يهدف إلى تحرير اليمن من كل صور وأشكال الوصاية والتبعية للخارج ..!!!!! 

 

فلا توجد وصاية خارجية حلال وأخرى حرام ، فكل أشكال وصور الوصاية الخارجية محرمة في القواميس والأعراف والقوانين الوطنية والقومية ، والمباح فقط هو إقامة علاقات دبلوماسية مع جميع الدول تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون الثنائي وعدم التدخل في الشئون الداخلية ، وطالما ظل اليمنيون قابعين تحت براثن التبعية والوصاية الخارجية ، فلن تقوم لهم قائمة ، ولن يكونوا في قوة وعزة ومنعة وكرامة ، ولن يتمكنوا ابدا من بناء وتشييد أي حضارة ، وسيظلون في مؤخرة الركب الحضاري للشعوب والأمم ، وستكون أحوالهم وظروفهم من سيء إلى أسوأ ، مهما حاول اصحاب مشاريع الوصاية الخارجية تبريرها وتجميل قبحها وتغطية سوءتها ، من خلال الشعارات البراقة والزائفة ، فالوصاية الخارجية انتهاك لسيادة الشعوب واستقلالها وكرامتها ، فعزة وقوة وكرامة ومستقبل الشعوب مرهونة بتحررها من الوصاية الخارجية بكل صورها وأشكالها ، وليس أمام أي شعب من طريق للعودة إلى طريق المجد والعزة والتقدم إلا بالتحرر من الوصاية والتبعية الخارجية السلبية البغيضة ، ودعم مشروعها الوطني التحرري ..!! 

 

فالله الله ياأبناء اليمن الأحرار مستقبلكم بين أيديكم ، وطريق المجد مرسوم أمامكم ، فلا تكونوا شر خلف لخير سلف !!!!! فلا تقبلوا بتدخل الخارج في شئونكم الداخلية ، مهما كانت الأسباب ، فالتدخل الخارجي في شئون الوطن ، هو من يقود إلى أسوأ أنواع التبعية السلبية ، وهو من يقود الشعوب للذل والهوان والضعف ، ولا يوجد إنسان وطني ، يؤيد الوصاية والتبعية الخارجية السلبية ، ويدعم التدخل الخارجي في شئون وطنه ، لأن الإنسان الوطني المحب لوطنه ، هو الذي يرفض رفضاً قاطعاً ، التبعية الخارجية السلبية ، ويرفض التدخل الخارجي في شئون وطنه بكل أشكاله وصوره ، لأن التدخل الخارجي والتبعية السلبية ، تسلب الوطن سيادته واستقلاله وقراره ، وتسلب المواطن كرامته وحريته ، فحب الوطن والإخلاص له ، لا مكان لهما في قلب مواطن ، يؤيد التبعية الخارجية السلبية ، ويسعى إلى فرض الوصاية الخارجية على وطنه ، مهما حاول تبرير ذلك ، لأنه لا يوجد أبداً مبررات مهما كانت ، وكيفما كانت ، يمكنها أن تبرر الوصاية الخارجية والتدخل الخارجي في شئون الأوطان ..!!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي