السلام لا يصنع بالتوسل والاستجداء!

د. علي العسلي
الجمعة ، ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٧:٢٥ مساءً

 

لا يجوز توسل السلام.. السلام يتحقق بالتراضي بين جميع الاطراف؛ فإن شذّ طرف أو مكون أو تمرّدُ أو انقلب على ما تراضى عليه الجميع؛ وجبت مجابهته بالقوة والاصطفاف الواسع، فبالقوة وحدها يصنع السلام الشامل العادل المشرّف،وفقا لمبدأ الزعيم الخالد جمال عبد الناصر،"ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها"؛ أو _لا سمح الله_، الاستسلام المخزي المذل، والذي بالنتيجة سيكون  باعث على عدم الاستقرار، و مساحة خصبة لتكرار دوامة الصراع!  بيان بريطانيا ومجلس التعاون الخليجي الأخير، تُرى.. هل من صاغه وعمّده، يعي معنى الصياغة ويدرك "كنه" الحوثة أو لا؟!؛ فلقد شدد البيان على "ضرورة اغتنام الحوثي لجهود السلام والمشاركة بشكل إيجابي".. هذا البيان بعد انتهاك الحوثي للهدنة وعدوانه السافر على الاراضي السعودية وقتل عدد من البحرينيين المرابطين هناك في الحدود الجنوبية! فماذا تعني هذه الجملة في البيان؟! غير التوسل والرجاء والاستجداء! أما جميل ما في البيان المشترك! عقب الاجتماع الوزاري بين دول مجلس التعاون الخليجي وبريطانيا يوم أمس الخميس الثامن والعشرين من سبتمبر 2023، هو دعمهم لعملية سياسية "يمنية_يمنية"، والتي على الواقع متوقفة بسبب تعنّت الحوثي وإصراره على التفاوض والحوار مع السعودية باعتبارها طرفاً لا وسيطاً،وباعتبارها كما يقولون قائدة لتحالف  العدوان، وعملياً التفاوض مقتصر بين المملكة والحوثين دون اشراك بقية الاطراف اليمنية، وعلى رأسها الشرعية المعترف بها دولياً!؛ مطلوب تصويب هذا المسار بهذه الجزئية المهمة!  وبخلاصة البيان،فإنه لم يحمل جديداً، بل أظنه (ضعيفاً)، كونه صدر بعد عدوان حوثي،  ولم يتضمن أية إدانة تذكر،بل مناشدة، رغم أن الجرم كبير، فهو عدوان على  إحدى أكبر دول مجلس التعاون الخليجي، والذي أسفر عن  قتل مرابطين عسكريين  لدولة أخرى في المجلس؛ فإن ضعف هذا البيان، قد يشجع الحوثة على ارتكاب حماقات أشد إئلاماً! هذا وكان من قبله قد اصدر احزاب التحالف الوطني بياناً؛ حيث وجّه التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية خطاباً مفتوحاً إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي، يؤكدون فيه بعد الاشادة والدعم لجهود المملكة بالدفع بالحوثي نحو السلام، وهذه طبعاً من المفارقات اليمنية الحصرية"يشيدون ويستنكرون و يعتبون  للشيء ذاته" .. فإنهم يؤكدون على أن السلام الدائم والعادل مطلب اليمنيين وجلّ اهتمامهم، وفقا للمرجعيات المتفق عليها! فهل هذا التأكيد له محلّ من الاعراب على أرض الواقع، ربما نعم وربما لا؟! نعم! إذا ما انتصر التحالف لمطالبهم،  وربما لا،  إذا ما بقيت مكونات الشرعية على حالها من الاختلاف والمماحكة وتغليب المصالح الضيقة على العليا، وبقيت الحبهات ساكنة..  فتأكيد المواقف الوطنية القوية لا تاتي بالمطالبة والاستجداء ، ولا بالتوسل بضرورة الاشراك "بمفاوضات يمنية_يمنية برعاية أممية تشارك فيها كل المكونات السياسية ويشارك فيها الشباب والمرأة"..كما حاء في البيان..  فهذا غير وارد  في المرحلة الراهنة،كون القوى السياسية الموقعة بعضها أشد بغضاً لبعض من العدو المشترك،هي متناحرة ومتقاتلة،ومتباعدة بالمواقف فكيف لعه ان تحقق ما تريد؟!؛ قوى تشكوا من التغييب! كيف لها أن تشترك في رسم الحلول المستقبلية؟!،فقد ورد في بيانهم.."تؤكد الأحزاب والقوى السياسية ضرورة إشراكها في رسم الحلول وعدم تغييبها عن مجريات الأحداث المتعلقة بالمفاوضات، باعتبارها طرفاً أصيلاً ومعنيّاً بالسلام ومستقبل اليمن وكونها حاضرة في المشهد ولا يمكن تجاوزها، كما لا يمكن إحراز أي خطوة نحو سلام حقيقي وعادل دون شراكة حقيقية فاعلة مع القوى والأحزاب السياسية التي تمثل إحدى مرتكزات النضال الوطني ومكتسباته الخالدة"..اما مرتكزات الحل "شروطها" في البند الرابع  من البيان فلا يمكن أن  يُستجاب لها، إلا إذا كانت الشرعية وقواها واحزابها على الارض فاعلة ومتحركة وليست ساكنة؛  فمرتكزات الحل الواردة في "رابعا" من البيان تحتاج لتحققه قوة وإرادة حاسمة، واصطفاف وعدم مناكفة وحضور فاعل في الجبهات وفي الساحات حتى يُنظر إليها، ويؤخذ بها! أما الاحلام فمحلّها السماء لا تتحقق بالاستجداء!؛ وواقعها على الارض بدون قوة هو استسلام فاحذروا وتنبّهوا! ودمتم.. وجمعة مباركة..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي