حتى أنت يا أيوب!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الجمعة ، ١٥ سبتمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً

 

اعتقد هناك فهم غير صحيح من البعض في الغرب لما اطرح عند الحديث عن الدين والحضارة واحدهم يقول حتى انت يا ايوب بمعنى وكأنه يقول لماذا لم تنسلخ مثلنا. وحتى فهمهم لثقافة الغرب وتصور انه يجب نكون منسلخين، ليس صحيح، فلا يمكن نجبر اي انسان من الهند ان لايذهب الى معبده او مسلم الى مسجده او بوذي او غيرهم، فنحن نتحدث عن القرية الكونية في هذا القرن بالثقافات والديانات المختلفة، التي يجب احترامها كيفما كانت والتي يجب ان تتعايش مع بعضها.  

فاليوم لدينا ليس اقل من ٢٨٠٠ مسجد في المانيا، و١٢٠٠ مسجد في امريكا وهذا فقط مثال هنا ، ٨٠ في المائة منها تم بنائها في الثلاثين سنة الاخيرة. وفي المانيا لم يكن الرئيس الالماني  كريستيان فولف هو اول من أدلى بالتصريح العلني بأن الإسلام ينتمي إلى ألمانيا فهنا نعرف ان المسيحية تنتمي بلا شك إلى المانيا واليهودية تنتمي بلا شك إلى المانيا والإسلام اصبح الآن ملكا لألمانيا أيضا وهذا مقتبس من تصريح رئيس المانيا. واما من يقول ان الدين لايدرس في مدارس الغرب فذلك غير صحيح. فمن دول الاتحاد الاوروبي لايوجد الا دولتين لاتقوم بذلك وفي القانون الالماني مادة الدين الزامية واختيارية لمن لا يؤمن يأخذ مادة الاخلاق كبديل. وحتى مادة التربية الاسلامية فقد اعلن وزير التعليم بيرند بوسمان أن ولاية ساكسونيا السفلى في المانيا انه ستكون أول ولاية اتحادية تقدم دروسا في الإسلام على مستوى البلاد في المدارس.

وبصريح العبارة لا افهم اين مشكلتهم هنا. فالامر هو قناعات. فقد كنا في اوقات الفراغ منذ اليوم الاول نناقش الالمان أو غيرهم من الشعوب هنا في سنوات الدراسة بقناعتنا وثقافتنا كما تسكن فينا لا ننظر للاخر كيف ينظر لنا لان ذلك لايهمنا هنا ولا نريد نبهر احد لنصير مثلهم. 

فاذكر قبل ٢٠ سنة مثلا أنني ارسلت مرة فريق من الطلاب، إلى مجلس الكنيسة للنقاش، وهم برفيسورات ورجال لاهوت، واخترت وقتها طلاب عرب، واحد منهم متشبع بالفكر الصوفي، وأخر متشبع بالفكر العلمي المنهجي، واخر ملم بالدين وتفاصيل اللغة العربية بشكل رائع،  وأخر علماني مرتكز بثقافته على اعتزازه بالتاريخ الاسلامي العربي ورابع يعرف تاريخ الحقب الاستعمارية واضطهاد واستعباد الامم، وهكذا وكلهم كانوا يتحدثون الالماني بطلاقة. هولاء الاشخاص هم من ترك اثر في هذه الولاية للابد وهو تكون اول كيان للمسلمين هنا، جامعهم الوحيد انه يؤمنون بحضارتنا الاسلامية،  وقيم التعايش وبناء جسور بين الديانات. ارسلتهم وقتها ليناقشوا برفيسورات ورجال لاهوت وقتها بمعنى شباب عربي واعي وناضج مثلوا لي مستقبل امة لاسيما وقد طلبت الكنيسة أنهم يريدون فقط طلاب منا كمسلمين يفهمون ثقافتنا ومنهجنا لنبني جسور معا، لم يكن هناك عندي شعور بقوة ابنائنا ونضجهم باختلاف فكرهم ان وجد الا ذلك اليوم، وانا انظر للشباب واجتمع معهم قبل ذهابهم وكان يوم اربعاء لاسيما وطبيبة المانية كانت في الاجتماع وصفت ما حدث، فقالت لم تجد صورة عنا العرب اجمل من نقاش هولاء الشباب الواعي، كان نقاش له بعد آخر، شباب اظهروا اننا لسنا نكرة أو دون فكر ومنهج او  شعوب مهزوزة وغير متزنة تتقاذفها الامم هنا وهناك.

 صحيح اليوم نحن نعاني، لكن لايعني انه يجب ان ننحني اكثر، لتركب الامم علينا اكثر او لتقمص ثقافتهم بأي ثمن من اجل نبهرهم فلا الاتراك ولا ايران ولا الصين او اي امة عملت ذلك. نحن نعرف ان هناك كوارث بثقافتنا صحيح وفي مناهجنا، لكن لايعني ذلك اننا نريد الانسلاخ التام وتقليد غيرنا وكأننا نكرة ودون جذور. فلماذا نطلب من مجتمعتنا الانسلاخ وهل من الضرورة ان نجبر بوذي في الصين او هندوسي في الهند يذهب الى سلسلة مكدونلدز ليبهر الغرب انه متطور، اذا كان اساسا لايأكل اللحوم. 

نحن نريد اصلاح امة، صحيح، وتصحيح مفاهيم وقيم بوجود الاختلالات الحاصلة، لكن هذا لايعني لي ان نهدمها حجر حجر او ننسلخ عن ثقافة ودين ليعجب ذلك غيرنا. واخيرا كل انسان يعيش انتمائه كما يحب،  وكما ينظر لذاته،  اما ان تكون قصاصة ورق تتجاذبك ثقافات الغير،  او شخص يرتكز على ثقافته يطورها اقلها له هو وينطلق بين الامم. 

واخير اذكر انني في الكنيسة قبل ١٧ سنة قلت في محاضرة، اليوم أتحدث امامكم باللغة الألمانية لكني على ثقة انه لو لم نخسر كعرب معركة بلاط الشهداء كنت اليوم سوف أتحدث امامكم باللغة العربية لانكم سوف تتكلموها لامفر لان حضارتنا وقتها كانت منتصر،  ولكانت جامعة اكسفورد تدرس مناهجها باللغة العربية. واليوم انا اتكلم لغتكم لان حضارتكم انتصرت،  وهكذا هو تاريخ الحضارات والامم والتدافع بين البشر. هنا كان واضح لمن كان موجود انني في طرحي سابقا وحاليا استند على تاريخ حضاري ابحث عنه داخلي، يقول اقلها لي لسنا تكملة عدد بين الامم ويجب ان نصحى من النوم الطويل لننطلق.

 يجب ان نصحى من النوم الطويل لننطلق كون لا اجد طريق الانسلاخ الا سوف يجعلنا كعرب عرة بين الامم لاسيما لم توجد امة وجدت نفسها اليوم تصعد في الحضارة اذا انسلخت من تراثها وتاريخها،  وانظروا لتركيا واندونيسيا وماليزيا من محيطنا الاسلامي.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي