الرئيسية > جولة الفن > ولاد بديعة.. جاذبية درامية مكتملة الأركان

ولاد بديعة.. جاذبية درامية مكتملة الأركان

" class="main-news-image img

حبكة ذكية يقوم عليها مسلسل "ولاد بديعة" لمؤلفيه علي وجيه ويامن الحجلي؛ إذ إنهما لم يضعا المشاهدين مباشرةً أمام الصراعات وأسبابها، وإنما جعلا النقلات بين الزمنين الماضي والحاضر تتكفل بالكشف عن الشخصيات وتكوينها النفسي والاجتماعي، وإظهار انعكاساتها على سلوكياتهم ومحبتهم وكرههم لبعضهم.

 

العمل الذي أثار جدلاً منذ نشر البرومو الخاص به أثبت أن الكثافة الدرامية للأحداث وتشابكاتها، وللشخصيات ونوازعها ودوافعها لتحقيق أهدافها، قادرة على بناء دراما شعبية ذات طابع ملحمي جميل، ترتكز على تشبيك الجمهور بكل تفاصيله، وانتظارهم الدائم لما ستؤول إليه الأحداث.

 

حكاية تبدو في ظاهرها بسيطة عن ثلاثة إخوة من أم واحدة سكر (سلافة معمار) والتوأم ياسين وشاهين (يامن حجلي وسامر إسماعيل)، في صراعهم على الميراث مع أخيهم الرابع مختار (محمود نصر) من والدهم عارف الدباغ (فادي صبيح)، لكن القصة تتكشف شيئاً فشيئاً عن جدليات الفضيلة والرذيلة، العدالة والظلم، الوضوح والإضمار، مخبئةً في خباياها نوايا الانتقام المتأججة باستمرار.

 

 

مختار الخارج للتو من مصحة للأمراض العقلية، والساعي لاستعادة حصته من ميراث والده بغية عملية جراحية يحتاجها للعلاج من الباركنسون وتكلِّف 300 ألف دولار، يبدأ بقلب الطاولة على أخويه العاملين في دباغة الجلود، إذ يتحالف مع ألد أعدائهما "أبو هديل" (حسين عباس) ضدهما، ويسعى لتخريب استقرار عملهما.

 

في المقابل، يعمل على تشويه سمعة الملهى الليلي الذي تديره أخته سكر عن طريق دفع جارها المُتَديِّن "فراس إبراهيم" لرفع دعاوى إزعاج جوار، وإرسال المالية والتموين وغيرهما للتضييق عليها ومحاولة إغلاق محلها.

 

هذه المناوشات تتخللها محاولات للوصول إلى أبو الوفاء الشامي (تيسير إدريس) صديق والدهم، وهو الشاهد الوحيد على مقتل بديعة (أمارات رزق)، لكنه يعاني من زهايمر، وسبق لياسين وشاهين أن أخرجاه من المشفى وإخفاءه في منزل أحدهما حتى لا يصل إليه مختار.

 

 

ومن تابع الحلقات الثلاث الأولى يلمس تبنيا حقيقيا من الممثلين لشخصياتهم، وخصوصية كل منها، إذ إن كلا منهم كان مفاجأة حقيقية، خاصةً أولاد بديعة الذين تربوا في الشارع وباتوا يأخذون حقهم بيدهم كما يُقال، وأيضاً بديعة التي كانت متشرّدة ولا تلفظ سوى كلمتي "الله كريم" إلى حين أقنعها عارف بأنها باتت عروسته، فأنجبت منه توأم صبيان.

 

"لا مجال للملل"

 

المسلسل لا يترك لك مجالا للملل، فهو محبوك بعناية على صعيد النص، ثم أتى اشتغال المخرجة رشا شربتجي لتضيف نكهتها الخاصة إليه، سواءً في اختياراتها للممثلين أو مواقع التصوير أو لحركة الكاميرا المتزنة عند الحاجة، والتي تقتنص قلق الشخصيات عند الضرورة، مع موازنة لونية جمالية بين الماضي والحاضر، وتأنٍ ملحوظ في اختيار زوايا التصوير.

 

ويمكن القول إن الحكاية الشعبية في ولاد بديعة جاذبة بكل تفاصيلها، والتشويق المديد يجعل الجمهور مرتبطاً بها، وراغبا في معرفة متى ستكتشف سكر أن زوجها (غزوان الصفدي) لا يُريد أولاداً منها ويأخذ موانع حمل رجالية، وأن سرقته لأموالها ليست بسبب مرض والدته (أمانة والي) بالسرطان، وإنما ليؤسس مشروعه الخاص.

 

في المقابل، من أين تعرف المحامية (روزينا لاذقاني) مختار وهل ثمة علاقة حب سابقة بينهما، وكيف سيتم الكشف عن جريمة قتل بديعة، التي قالت في الحلم الذي أتى لابنتها سكر إنها احترقت بنيران المدبغة، كل هذا وغيره ستكشف عنه الحلقات القادمة، التي نعتقد أنها ستعد بالمزيد من تشابك الأحداث، والكثير من التشويق.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي