بين البشر دون قلق!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الاثنين ، ١١ اكتوبر ٢٠٢١ الساعة ١٠:٤٩ مساءً

 

طلع امامي فيديو يتحدث عن اليمن انها موطن البشر او "ابو الدنيا بنفس سياق مصر ام الدنيا"، ولم يهمني الا توظيف الموروث التاريخي والطبيعي لصالح الانسان وهذا مفقود. كنت افكر في صنعاء، وجمال المدينة القديمة، وسقطرى وجمال الطبيعة التي ننفرد بها، والجبال الشاهقة والتاريخ المدفون والشواطئ. كنت اقول جوهرة بيد فحام كما يساق الحديث، شغلنا انفسنا بالفوضى ودمرنا مقومات يمكنها تحمل المجتمع ويعيش الجميع دون صراع او قلق. فلو فقط امتلكنا حس حضاري، ورتبنا بلدنا، فسوف نعيش من السياحة، كمورد رئيسي مهم للدولة والمجتمع بدل سرقة الغلابة سلات الغذاء ودفع المجتمع اليمني الى الفقر كل يوم اكثر.

فمدينة صنعاء لو استهدينا بالله سوف تدير لنا اقتصاد اكبر من ايرادات النفط والغاز في الجمهورية، لاسيما هناك مدن في العالم تعيش وتنتعش وتفتح وظائف من السياح. الاسواق والفنادق والمواصلات والخدمات والصناعات الحرفية وكل ذلك يعبد مسالك لبناء اقتصاد ومعرفة وحتى صناعة واسواق مال في بلدان ادركت اهمية الاستقرار والانفتاح.

بوجود الاستقرار سوف تنطلق الدولة وسوف تتحرك الاستثمارات وتنتعش السياحة الصيفية اقلها في البداية لابناء اليمن في العودة لداخل الوطن بدل الذهاب لتركيا او مصر، وسوف تكون اليمن مزار في بعدها الثاني للمنطقة العربية، وسوف تنتعش بالاستقرار الثقافة والابداع والنشاط- وتبتني جسور وصفقات وتجارة مع شعوب الارض، وتنتقل المعرفة وتزيد الحركة الطلابية والاستثمارية هنا بدل من الركض وراء ثقافة الصراع.

العالم يستغل كل شي مميز عنده لينفتح، ويتطور، وحتى امور غريبة حولها الى مزار، ومال مثل عيد اكتوبر في ميونخ اي عيد ينصبغ بالبيرة. فمدينة ميونخ يزورها فقط في اسبوعين ٦ مليون شخص من العالم قبل كورونا، اي في عيد اكتوبر هولاء ينفقون اكثر ٣٠٠ مليون يورو فقط في التكسيات والمشتروات والاكل. وينفقون ٣٧٠ مليون يورو في شرب البيرة اي الخمرة وفي اسبوعين، ولم احسب الفنادق ولا الخدمات. نحن نتحدث نحن هنا عن اسبوعين وليس اقل من مليار يورو، ولم احسب فترة الصيف كلها.

لم نفهم ان العالم منذ ٧ سنوات يتحدث عن مستقبل السياحة وان مليار و٥٠٠ مليون سائح في العالم كانوا قبل ٢٠١٩ ، وهذا ارتفاع فلكي من اقل من ٥٠ مليون سائح قبل ٦٠ سنة. هذا يعني انفاق مايقارب من الف و٥٠٠ مليار دولار تقريبا في سنة دون ان يكن لنا منها نصيب ولو قليل. فنصيب اسبانيا كونهم ادركوا ذلك مبكراً ٦٧ مليار دولار كان من السياحة، وفرنسا ٧٤ مليار دولار في نفس العام. لا اتحدث اليوم عن النفط والغاز في اليمن كثروة، وانما عن بناء الاستقرار، والانسان، واصلاح المجتمع.

اليوم السياحة مثلا هي احدى قصص نجاح مدينة ادنبرة، حيث تبيع المدينة خدمات ليست اقل من مليار و٣٠٠ مليون جنبه استرليني سنويا لزائرين، وهذا الرقم من قبل ٧ سنوات، بمعنى الحديث هنا عن اكثر من ٢ مليار جنيه في ٢٠١٩، وهذا بدوره اوجد ٣٠ الف وظيفة اقلها في هذا القطاع لمدينة واحدة. وفي اثينا ايضا المدينة كلها تقرش "على قولتنا" في السائح من فنادق ومواصلات ومحلات وخدمات، وحتى الاثار ادفع وهي مجرد اطلال وبشكل يصل الى ٣٠ و٣٧ يورو التذكرة.

يعني نحن لو غلقنا باب اليمن الى باب السباح والسور موجود، ونقرش الاجانب "على قولتنا" من ١٠ دولار فقط الدخلة طبعا بعد ترتيب اسواقها، واماكن تاريخية مثل غمدان، وقليس ابرهة، والجامع الكبير، وتم تطوير ذلك بشكل جميل وقديم مع مسارح خارجية في مناطقة معينة. ايضا الصافية وكل ما يحيط بصنعاء القديمة يتم ترتيبها من جديد، اي تحتاج لها اعادة بناء بنمط معماري صنعاني مميز، وقديم ومطاعم وفنادق واسواق بشكل راقي امام وزارة الدفاع، اي شارع الدفاع. يرافق ذلك ترتيب المناطق القريبة مثل دار الحجر وثلاء وغيرها، وايضا يرافق ذلك تغيير البشر لكي تتعامل مع الاخر بشكل افضل، وتهتم بذاتها اي بدون قات او سلاح كون الابتسامة تقرش السائح، وهو سعيد انك لطيف ومؤدب ومرتب.

بصراحة عندي تصور دقيق من كثرة سفري في العالم، كيف يمكن نرتب اليمن مدن، وارياف، وجزر، وشواطئ، وحتى بئر برهوت سوف تكن لها قيمة اذا عرفنا, ماذا يريد السائح؟ نحن تحدثنا هنا عن مورد واحد فقط.

احدكم سوف يقول حلم، ولن يحصل ذلك، والاجابة من يصنع له هدف يصنع لذلك خطط ومؤشرات، وكل سنة نتحرك خطوة في ذلك الاتجاه. المهم هو معرفة الاتجاه للننظر اليه. والذي هو تحت الارض بين الاقدام لايجد نفسه ويريد ان ينهض يتسلق اقلها على اكتاف العمالقة ليعرف الى اين ينظرون ويتحرك حتى بعدهم بفراسخ اقلها سوف يصل.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي