تجار الحروب .. من هم.. وكيف نستطيع معرفتهم؟!

تيسير السامعي
الثلاثاء ، ٢٣ فبراير ٢٠٢١ الساعة ٠٥:٠٨ مساءً

في الحروب والأزمات يظهر على السطح تجار فقدوا الضمائر وباعوها بثمن بخس لتحقيق مكاسب خاصة، بقيامهم بأعمال وممارسات غير أخلاقية وغير إنسانية.

يستغل هؤلاء الأحداث والظروف السيئة والصعبة التي يعيشها الناس بكافة شرائحهم وانتماءاتهم نتيجة الحرب والتدخلات الإقليمية والدولية الدائرة في البلاد.  تجّار الحروب هم من يجعلون من الحرب وسيلة وخيارا وحيدا لتحقيق أهدافهم. هذه الأهداف قد تكون أهدافا دنيئة أو أهدافا سامية.

في الغالب أصحاب الأهداف السامية يسعون إلى تحقيقها بالوسائل السليمة، لكن في أحيان كثيرة تختلط المواقف فتُستخدم الأهداف السامية في تجارة الحروب، وإشعال لهيبها. 

  كيف نعرف تجار الحروب، وكيف نميّزهم؟

للجواب عن هذا التساؤل نحتاج إلى أن نجرّد عقولنا من الشّبهات، وقلوبنا من الأهواء والنزوات، والعواطف. فنحن نستطيع أن نعرفهم ونفضح أكاذيبهم والآعيبهم، من خلال علامات واضحة: أولها: لا يضعون للسلام أي أولوية.

دائما يرددون عبارة "نحن نريد السلام وأيدينا ممدوة للسلام، ولكن.."، وتحت كلمة "لكن" يسوقون عشرات المبررات والذرائع والشروط، التي عادة ما تكون عبارة عن وهْم وافتراء يستخفون بها عقول البسطاء والمغفلين. من هذه المبررات اتهام الطرف الآخر بأنه لا يريد السلام. وأن الحرب فُرضت عليهم، وهذه كذبة كُبرى، لأن من فُرضت عليه الحرب لا يهاجم الآخرين، ولا يعتدي عليهم فى قراهم  ومُدانهم.

ثانيها: عدم وضوح الأهداف التي يقاتلون لأجلها، وتختفي وراء شعارات عامة، وفضفاضة، وقضايا كُبرى لها قبول كبير فى وجدان الناس، فيتذرعون بها، ويخفون أهدافهم الحقيقية.

وأحيانا، يكون هدفهم الحرب لأجل الحرب، لذلك تفشل معهم جميع المفاوضات والوساطات، والأدهى من ذلك   نقضهم العهود والمواثيق،  [كلما عاهدوا عهدا نبذه فريقٌ منهم].. 

ثالثها: لا يهتمون بحجم الخسائر التي سيدفعها الناس، لاسيما الخسائر البشرية، فيصرِّون على قناعاتهم، ويعطون لها نوعا من القدَاسة. فأحاديثهم عن الموت أكثر من أحاديثهم عن الحياة، يعتبرون دعوات السلم استسلاما، ودعوات المصالحة والتوافق خنوعا. 

رابعها: يتهمون من لا يتّفق معهم، ويسير وفق مُرادهم بالخيانة والارتزاق . 

خامسها: تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، هُم كنار "تأكل بعضها بعضا إن لم تجد ما تأكله"، عندما لا يجدون عدوا يقاتلونه يقتلون بعضهم بعضا، لأن الحرب والقتل والدِّماء صارت 'غريزة' في نفوسهم، وعلامة بارزة في شخصياتهم.

سادسها: الإفراط  الشديد بالتمسك بالقناعات، واعتبارها ثوابت لا يمكن التنازل عنها، ووضع الشروط المسبقة قبل أي حوار أو تفاوض أو وساطة، غالبا ما تكون هذه الشروط تعجيزية، الهدف منها  فقط "الاستمرار في الحرب".  سابعها: أشقياء قلوبهم قاسية، لأن الرحمة نُزعت منها، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- [لا تُنزع الرحمة إلا من شقي]، فمن يشعل الحروب ويُوقد لهيبها، ويجعلها خياره الأول، لتحقيق أهدافه، حتى وإن كانت أهدافا سامية ونبيلة، لا يمكن أن تكون في قلبه رحمة.     

تُجار الحروب هم سبب الماسي والأحزان والدّمار والخراب والتخلف، لكنّهم ما كانوا ليحققوا ذلك لو أنهم وجدوا شعبا حيا واعيا، يقدِّس الحياة، ويكره الموت. 

فالمشكلة الحقيقية ليست في هؤلاء، بل تكمن في أولئك الحمقى والمُغفلين الذين انجروا  وراء الشعارات الكاذبة، ورضوا للأنفسهم أن يكونوا وقودا لحرب عبثية، تدمّر حياتهم ومستقبلهم.  إنها مشكلة الوعي الذي غاب، فغاب عن حياتنا "السلام والمحبّة" وفقِد "الأمن والاستقرار".

الحجر الصحفي في زمن الحوثي