أسباب التصعيد بعد إعلان المبعوث؟!

د. علي العسلي
الأحد ، ٣١ ديسمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٣:١٢ مساءً

تصعيد الحوثي يدّل على رفضه لخارطة السلام السعودية.  وقيمة التصعيد  في الحقيقة تساوي ما يُثمّن الحوثي به نفسه من اللامسؤولية،  واللاجدّية، واللاوزن لإلتزاماته وتعهداته، واللا سلام في قاموسه! 

ودائما الحوثي يحاول إحياء ذاته عبر مفاوضات طويلة، أو إعلان مواقف متقدّمة  لقضايا أمتنا تتجاوز مقدرته الفعلية، وكل ذلك، كي يستمر الحديث عنه، وعندما يحين التنفيذ، يفضح ويُعرّي نفسه بنفسه.

 فالسفن تمرّ وتحميها بوارج من لعنهم الحوثي ودعى عليهم بالموت، والموت يحصل لليمنيين وحدهم!؛ فتصعيده الحقيقي والفعلي، دائماً هو على أبناء جلدته.

أفلا ترون تصعيده الحربي عندما قربت لحظة الحقيقة بالتوقيع على اتفاق سلام؟؛ بعد أن أعلن المبعوث الاممي عن قبول الحوثي بالالتزام  كما باقي  الأطراف بمجموعة من التدابير من أهمها وقف إطلاق نار في عموم البلاد.

ترى ما السبب الذي يجعل الحوثي يصعّد الهجمات في عدد من المحافظات، خصوصاً (تعز ومأرب)؟ .. أقول لكم ما أتوقعه وأرجحه.. أسباب الحوثي هي : 

أولاً:- أنه يتوهم أن موقفه تجاه غزة قد أكسبه مبايعة اليمنيين، وأن الأرض اليمنية صارت مهيئة لحكم الحوثي،خصوصا بعد استطاعته تحشيد الآلاف باسم طوفان الأقصى-وحتماً- سيُحركهم تجاه مأرب أو تعز،لأن المسار نحو غزّة موصد كما يقول. 

ولا أشك للحظة أن الحوثي يعتقد أنه بمقدمه لأي منطقة في اليمن سيفرش له السجاد والحرير، عندما يصل إلى مناطقهم.  لكن الحقيقة  أن الذاكرة اليمنية الجمعية  تكره حكم الأئمة والاثناعشرية بدرجة أكبر، فهم لا يذكرون منهم غير الخيبات، فلا ينسون اليمنيين  ما حلّ بهم وبأبائهم من قتل وتجويع وتجهيل واستعباد، ومن قد نسي من الكبار، فإن الأجيال الحاضرة لا يمكن أن تنسى أبداً ما حلّ بها في التسع السنوات الخوالي. 

ثانياً- أنه يظن أن المملكة قد تعبت من اليمن واليمنيين، وتريد الخروج من اليمن  وبأي شكل، وحتى لو يحكم الحوثي. وانها ستقف على الحياد فيما إذا ما نشبت الحرب مرّة جديدة. وهذا سيعطيه ميزة للانقضاض وتحقيق النصر على باقي المحافظات.

 أفلا تعلم يا أيها الحوثي؟! أن وقوف المملكة ليس بحق المجورة فحسب، وانما لحماية أمنها الوطني والقومي،  وهل تظن ستُصدق كذبك ووعودك وتعهداتك في السرّ أو العلنّ؟!  

 ثالثاً:- أنه يدرك أن  تعز هي من تُجيز الحكم في اليمن، وهي لا تجيزه للحوثيين ابداً،  لذلك يريد الحوثي إخصاعها، وهي في الوقت ذاته في لبّ التدابير الواردة في خارطة الطريق، وأصبح فتح الحصار عنها ضرورة، ولكنه يحاول أن يفكّها بطريقته،  وبالتالي هو يفكر أن اللحظة مواتية أثناءالعدوان على غزّة  للسيطرة عليها، فيكون قد أنهى هذا الملف وبالتالي التعاطي معه لاحقاً. يعمل ما يعمل وهو لا يدرك أن تعز وأهلها عصية عليه، وموقفها من غزة أكبر من مزايدة الحوثي واستغلاله لدماء غزّة لإسالة دماء التعزيين وكل اليمنيين!  .. وأنه يستغل ما يجري في مأرب من مشاكل، وهي أصلاً في قلب التدابير،ولأنها صمّام أمان للشرعية، وموردها مهم كذلك، وبالتالي يريد احتكار ما بداخلها من ثروة.  

ويتوهم هذا المُتمشكل، أن الأوضاع الشاذة في مأرب هذه الأيام قد تساعده على السيطرة عليها بسهولة، ويكون بذلك قد سيطر على جزء من النفط والتحكم به، أو أنه قد يساعده في التفاوض وفرض ورؤيته في دفع رواتب موظفيه بعد 2014. 

الخلاصة ان الحوثي لا ينفع معه سلام ولا استرضاء، ينفع معه فقط استرداد اليمن والسلطة والمؤسسات، باستخدام  نفس الوسيلة التي استخدمها لاغتصابها؛  مالم فسياخذ كل اليمن وسيستمر يهدد ويبتز الداخل ودول الجوار إلى ماشاء الله. 

نسال من الله أن يكون العام الجديد 2024، غُرّته استعادة الدولة وبحارها،وحدوث الاستقرار بإنهاء إنقلاب الحوثي، وتحقيق السلام الشامل.. وكل عام والجميع بألف خير..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي