هناك فرق بين الإتفاق والتفاهم؟!

د. علي العسلي
السبت ، ٣٠ ديسمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٦:٥٨ مساءً

من يريد إحلال السلام، لا يرفض توقيع إتفاق مع من يتقاتل معه. 

ومن يؤمن باليمن الموحد لا يتصرف أحاديا وكأنه الوصي والمفوّض بأن يجزم ألا اتفاق إلا مع السعودية دون باقي الأطراف اليمنية، ولا يحالف ابداً ما أجمع عليه اليمنيون في مؤتمر حوارهم الوطني الشامل، والذي اعتمد العالم ما توصلوا إليه بقرارات دولية! 

ومن يريد عقد سلام لا يمكن ان يقصي الآخرين وأن يحتفظ بالسلاح الذي هو المفروض ان يبقى حصرياً وحكراً  على المؤسسة العسكرية الوطنية. من يعمل ذلك ليس بمسالم ولا ينشد السلام ابداً، هذاأولاً. 

أما ثانياً. غير صحيح وغير منطقي أن يعقد الحوثي اتفاقا مع المملكة، كما سُرّب من  أنه سيتم التوقيع عليه بداية العام الجديد 2024.كل سنة وانتم طيبين وللآمال والطموحات محققين. 

أقول من غير المنطقي ولا من الصحيح أن يشترط الحوثي توقيع اتفاق سلام يخص اليمنيين مع المملكة العربية السعودية؛

 لأن المملكة لم تعتدي بل استجابت وتدخلتّ بناءً على طلب السلطة الشرعية في اليمن. ثمّ أنها قد جمّدت طلعاتها الجوية، وفقاً للهُدن التي أنجزت في العام 2023.

 ولأن المملكة ليست طرفاً، ولا تقبل أن تصنّف بذلك، كما يدّعي الحوثي، فلو وافقت كما ادّعى الحوثي، لما جاء الاعلان من قبل المبعوث الأممي على أن جميع الأطراف قد وافقوا على الالتزام بالتدابير المعلن عنها من قبله.   كانت ستكتفي بالتوقيع بحضور الوسيط العُماني، ولما اعتُبر ذلك اتفاقاً، بل تفاهما قد يؤسس لاتفاق بين الأطراف!

ثالثاً. أستطيع أن أجزم أن هناك  فعلا تفاهمات قد تمّت طيلة العام المنتهي بين المملكة والحوثيين بجولات مكوكية في عُمان وصنعاء والرياض، بناءً على المبادرة السعودية التي أعلنت في مارس 2021، والرامية لإيجاد حل سياسي ووقف شامل لإطلاق النار والانتقال من مرحلة النزاعات إلى الاستقرار.

 نعم! لقد اقتنعت المملكة بعدم جدوى استمرار القتال؛ وبحق الإخوة والجوار، أقتضى الواجب أن تلعب دور المذلّل للصعاب والقيام بكل ما يلزم لتقريب وجهات النظر بين الشرعية والحوثيين، حتى يوقع الطرفان على خارطة السلام التي بذلت جهودا مضنية لإقناع الحوثي ببنودها، ولمّا أن وافق مفاوض تلحوثي، سرعان ما تراجع زعيمهم،  ولا يزال يتشرّط.

هناك إذاً تفاهمات جرت وتجري بين الحوثي والمملكة تمهيدا لإتمام اتفاق بين السلطة الشرعية ومكوناتها ومكوّن الحوثي.  

فمذكرة التفاهم هي خارطة السلام المقدّمة من قبل المملكة والتي ارتضاها ووافق عليها كل من الحوثي والسلطة الشرعية وأيدها وباركها معظم دول العالم. 

أما الاتفاق سيكون بناءً عليها بين الحوثي كمكوّن وبين باقي المكونات ومجلس القيادة الرئاسي في السلطة الشرعية. 

وبحسب التعريفات القانونية، فإن مذكرات التفاهم عبارة عن اتفاقيات غير مُلزْمة قانوناً، وهي صك  ذو طابع أقل رسمية.  وغالباً هي ما تحدد الترتيبات التنفيذية المندرجة في اتفاق سيوقع بين الاطراف اليمنية.

 وتُستخدم كذلك في تنظيم المسائل التقنية والتفصيلية. وتتخذ عادة شكل صك واحد ولا تحتاج إلى تصديق.   فها هي السعودية قد أنجزت مذكرة تفاهم ومستعدىدة لترتيب مؤتمر لليمنيين في الرياض أو في مكة لهذا الغرض.

بينما الاتفاق هو وثيقة قانونية، ملزم قانوناً  بين الموقعين عليه، إذ ينص عادة  على الحقوق والالتزامات التي يجب على الأطراف الوفاء بها. 

ويحتوي الاتفاق على بنود محددة وملزمة، ويحتاج إلى توقيع من الرعاة كشهود وضامتين، ومن الاعتماد في مجلس الأمن الدولي عليه إن كان يحقق السلام المستدام، ليصبح بعد ذلك الاتفاق ساري المفعول.

وبالله عليكم انظروا واحكموا.. على الرغم من أن السعودية والامارات لم يشتركا بالتحالف الأمريكي المُعلن عنه في البحر الأحمر، إلا أن الحوثي يشكك في ذلك، ويهدد، فيقول ستظل عيوننا مفتوحة تجاه الإمارات والسعودية، ومن يشترك في العدوان دون أن يعلن، فهو أشد ضررا ممن يعلن! فعن اي سلام او اتفاق يتم الحديث عن توقيعه مع المملكة تحت التشكيك والتهديد والابتزاز! 

وبالخلاصة فإن الحوثي إن رفض توقيع اتفاق مع الشرعية والمكونات اليمنية،فإنه سيخسر المكاسب التي كان سيحصل عليها من التفاهمات التي أنجزتها المملكة.. هذا باختصار.. ولا جاكم شرّ..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي