تحالف حارس "الأشرار" لا "الإزدهار"!

د. علي العسلي
الاربعاء ، ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً

 

صَنع حُسنا التحالف العربي الداعم للشرعية أن جنّب نفسه  الإنضمام إلى التحالف الصهيو_امريكي في البحر الأحمر!

وجميل جداً الفصل والتمييز  بين تحالف من أجل استعادة الدولة اليمنية والسلطة الشرعية المعزز بقرارات دولية؛  وبين تحالف خارج مجلس الأمن الدولي، وغرضه فعلاً  حراسة وحماية (اسرائيل) من الملاحقة على شرورها المستمرة في فلسطين، فهذا هو الهدف من التشكيل، لا حماية حرية الملاحة البحرية كما يدّعون! 

وحسناً تفعل السلطة الشرعية، حين  تتعامل مع الوضع القائم  بمسؤولية، وتريد إنهاء معاناة الشعب اليمني، دون ان تنزلق للتفريط بموقفها القومي تجاه غزّة، فتكثّف لقاءتها واتصالاتها من أجل التسريع بتوقيع  اتفاق سلام شامل، أو البدء في تنفيذ خارطة الطريق للسلام المستدام، المقدمة من قبل المملكة، لتنفيذ ما  تمّ التوصل إليه، بجهود سعودية _عُمانية مشتركة، أنجزت بمفاوضات شاقة ومضنية وبمدد زمنية متعددة.

  فلم تتهوّر السلطة الشرعية،ولم تكن انتهازية كما الحوثة، لاستغلال الوضع القائم، والاستفادة قدر الإمكان من غضب امريكا  الطارئ والمستجد على الحوثيين؛ وهي التي قد دللتهم سنين، دون اكتراث بمقتل مئات الآلاف من اليمنيين.

إن أمريكا تستطيع- وباعتراف الحوثي نفسه-، حماية الملاحة البحرية، وكذا قامت باسقاط  الاستهدافات الموجهة  على الكيان الصهيوني من قبل الحوثي،  وقد فعلت ذلك قبل انشاء هذا التحالف المشبوه.

 فلقد اعلنت امريكا عن إسقاط أكثر من اربعة وثلاثين هجوماً معادياً للسفن أو تلك الموجهة صوب الكيان الصهيوني؛  إذاً لا حاجة لتشكيل تحالف متعدد الجنسيات ومن خارج مجلس الأمن الدولي، إلا إذا كان الغرض منه المحاولة المستميتة لإنهاء عزلة (اسرائيل). 

فإن كان لابد من قوات بحرية مراقبة، فلديكم تحالف سابق في البحر الأحمر، وقد أثبت نجاعته ضد (القرصن)  لسنين. لكن هدفكم معلوم، هو حماية (اسرائيل) وغسيل جُرمها وما ترتكبه من إبادة في غزّة العزّة!

والحوثي ذاته، اشتكي سابقاً من حصاره بحرياً  لسنين قبل غزة؛ ولم يستهدف أحداً لفك حصاره! فهل الآن عاقد العزم على فك حصار غزة؟!؛ أتمنى أن يفعل ذلك حقاً، فهذا واجب وطني عروبي اسلامي وانساني! 

إن امريكا وايران جبانتان، تتحاربان بغيرهما على البحار اليمنية والعربية، والعرب أصحاب البحر غائبون أو مُغيبون!؛ فقصة البحر الأحمر، مشابهة تماماً لقصة غزة وكل فلسطين.

فالعدو الصهيوني، عديم الضمير، يعبث ويحاصر ويستوطن ويهجّر، واصحاب الارض ممنوعين، واذا ما قاوموا، فهم ارهابيون في نظر الحليف الامريكي، ووجبت إبادتهم ليكونوا عبرة لباقي الفصائل وكل المحيط العربي! 

هناك في البحر الأحر صراع إيراني_امريكي أصبح غير خفي،  فبعد أن طرد الحرس الثوري البوارج الامريكية من مضيق هرمز، ها هو  يلاحقها في البحر الأحمر عبر ذراعه الحوثي، معتبراً إياه منطقته وتحت سيطرته! وغزة-ربما- للاستهلاك،  وحماية البحار _ربما_، للتمويه وفخ لإستقطاب دول الى الحلف الصهيو_امريكي المعني بالابادة والتطهير،عبر حماية السفن المتجهة لإسرائيل ! 

بل ولقد صعّد الحرس الثوري فأعلن أنه  يتواجد  الآن اكثر من(50) آلفاً متطوعاً، بدءوا يجوبون البحار بقوارب وزوارق مسلحة، يصل عددها لأكثر من(35) آلفاً .

وعلام يبدوا فإن الحوثي يستغل غزة  ولا يُلام،  فأمريكا منحازة باستعلاء وتكبّر وعدم اكتراث بالدم الفلسطيني أو اليمني قبله، وكل ما تقوم به هو إهانة للعرب ولا علاقة لها بحماية البحار من أجل حرية التجارة! 

فمن "تل أبيب" أعلن وزير الدفاع الامريكي التحالف الجديد  في البحر الأحمر، وفي المستقبل القريب  -إن مرّ هذا- ستوسعه،  والقصد كل القصد فك عزلة (اسرائيل) وشرعنت جرائمها وحصارها على غزة!  

إن أي تحالف بحري، دون تفويض دولي، هو مرفوض، وهو يجر المنطقة لعدم الاستقرار، وليس كما يشاع رادع لتوسع النزاع؛ بل قد يفضي إلى دخول المنطقة في حرب اقليمية _لا سمح الله_.

 إن ما يطالب به الحوثي،  ليس مستفزاً، فهو  طلب منطقي وبسيط، ولا يستدعي تشكيل تحالف بسببه، أو للتهديد  بردّ قوي ضده، لمجرد أنه تجاوز خطوط حمراء امريكية، كونه سبّب إزعاج لـــ(ربيبة) امريكا (اسرائيل). 

فارفعوا حصاركم على غزة، يمتنع الحوثي عن استهدف السفن التي تصل( إيلات) كما قال،نقطة ومن أول السطر.

أما تحالف امريكا فهو المستفز، بمضمونه وشكله؛ فمن اسمه: "حارس الإزدهار"؟ مستفز! 

فإن كان القصد تأمين الطرق لما تنتجه مصانع الغرب،  فدعونا نستقر ونتطور كما انتم،  دون تدخل استعماري من قبلكم، ودون تحكّم بإرادتنا ومواردنا أيها الغرب الجابي لمُقدراتنا!

 نحن نرى حارس الإزدهار تعدّ صارخ لا نقبله، فأمن بحارنا، لدوله المشاطئة..نحن نرى تحالفكم  بأنه حارس: 

" للكيان، للفجار، للاشرار، لقتلة الاطفال، لدافني الاحياء، لمدمري الديار، لمانعي دخول الغذاء والدواء إلى غزة، للمُمعنين في التعطيش والتجويع والافقار". 

فأي ازدهار يا أمريكا العار،  ونحن لم نرى منكم سوى قنابل الدمار،  ومنع وصول الغذاء والدواء لأهالي غزة الكرام. 

فالعالم الذي لم يستفق بعد من صدمته  من هول كل صنعتم بغزة، وتريدون إدخال المنطقة كلها في خراب ودمار؛ العالم يرى غزة تُباد.. يُقتل الناس ويموتون هناك، ولم يُرى  على ارضها غير الدمار، فعن أي ازدهار تحكون يا أمريكا؟!

.. العالم لا يزال يتفرج على  (بايدن) و(النتن) وهما يلعبان بأرواح الغزيين، لعبة انتخابية وقمار!؛  فأي عار هذا وأي شنار؟!  وأين التطور وأين الحضارة؟؛ واي تجارة، وأية إنسانية والجميع  يتفرج على  ظلم الظلمة الفجار الأشرار؟! 

فتحالفك يا امريكا  تحد للشرعية الدولية، فهو تحالف  خارج مجلس الأمن.. تريدين تصنعي تحالف على مقاسك وربيبتك.  بينما وقفت ومنعت التحالف  العربي الداعم للشرعية من تحقيق أهدافه، وهو تحالف بطلب من السلطة الشرعية،  ومعزز بقرارات دولية.

لتاتي أنت اليوم، وتكتشفي أن الحوثة إرهابيون ومتهورون ووجب تاديبهم!؛ وقد كانوا كذلك ورفعتيهم من لوائح الارهاب!؛  فمن يدري ربما جنون الحوثة وتهوّرهم قد يسفر اليوم عن صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بايقاف النارعلى غزة، من دون (فبتو)  أمريكي؟! 

إن تحالف حارس الازدهار هذا، يدلّ على الازدواجية لدى الإدارة الأمريكية؛ ولا شك أنه سيؤسس لانكسار أمريكا ودويلة (اسرائيل) وحتى الوصول لمرحلة الإنهيار التام، بإذنه تعالى!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي