متى يكون الاتفاق اتفاقاً؟! (2)

د. علي العسلي
الاربعاء ، ١٣ ديسمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٦:٢٤ مساءً

 

وقبل استكمال ما بدأنا نشره في هذا العنوان، فلفد قرأت من عواجل الساعات الماضية بعد نشر الجزء الاول؛  أن اتفاق السلام الذي انجزه الحوثي مع المملكة، بات مادة ابتزاز وتهديد من قبل بعض المسؤولين الامريكيين.

 فقد هدد الأمربكان، إن ستمر الحوثي في اعتراض السفن المتجهة للكيان الصهيوني، فلن يتم التوقيع على الاتفاق.. وهذا يعني أن الاتفاق ليس بين الأطراف اليمنية، وانما ترضية للحوثين.. والآن، لنتابع الجزء الثاني لعنوان المقال. فعلى سبيل المثال، إذا لم يكن:_ 

- الاتفاق آخذ وقته ومتفق عليه، وشارك في صياغته جميع الأحزاب السياسية والمكونات، والأطراف الفاعلة، والرعاة الأممين، وتوافقوا جميعا على بنوده؛ فلا أظن أن يعمّر الإتفاق لأكثر من ساعات. 

فالشرعية مثلا غير معفول ان توقع على اتفاق ينتقص من شرعيتها، ولم تشترك في إنجازه، وقد لا يعالج مشاغلها؛ وكذلك الاحزاب،  كيف لا تكون مشككة في  الشكل، ومتوجسة من المضمون، وقد استبعدت في انجازه؛ والمبعوث كيف سيرعى  مسودّة، دون ان يبدي تعديلاته وملاحظاته بما يتوافق مع القرارات الدولية وروح مهمته.

- الاتفاق آخذ في  اعتباره وحسبانه، تعثّر تنفيذ ما سبقه من اتفافات وتفاهمات؛ فمصيره لا شك كمصيرها.. أفلا تذكرون اتفاق السلم والشراكة؟ 

ولا أظنكم قد نسيتم ذلك الموقف المميز للأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، الذي رفض التوقيع عليه، لأن الكثيرين من أقرنائه لم يطلعوا عليه إلا في القاعة، ولأن ملاحقه لم يوقع عليها مع الاتفاق. فكان ماكان ولم يُنفذ منه إلا ما خدم صانعه، الحوثي والمبعوث الاممي! 

-  الاتفاق مضمن بآليات لتتفيذه وجهات ضامنة،  فبدونها لا قيمة له، ويحمل فشله عند التباحث على تنفيذ أول نقطة من تفاصيله، فبدون الوضوح، فالاتفاق قابل للتأويل، فكل طرف سيفسره بحسب رغباته وأهوائه. 

-  الاتفاق في حيثياته يذكّر بالاتفاقات السابقة ويبني عليها، بحيث يتعهد المعرقلون بتتفيذها أولاً؛ كجسر لبناء الثقة، مالم، فإنه سيكون مدعاة للفشل وتكرار لما سبقه.  

-  الاتفاق مشمول بتفاهمات بين امريكا  والمملكة العربية السعودية وايران وبريطانيا والامارات العربية المتحدة والامم المتحدة، حول بنود الإتفاق، وآلبات تنفيذه، وأن تكون هذه الدول هي الضامنة .. فإن الإتفاق سيكون كمن سبقه ومصيره الفشل. 

-  الاتفاق مكتوب ومنشور مسبّفاً قبل توقيعه، بحيث يطلع عليه المهتمون  والسياسيون وحتى عامة الناس، لابداء ارائهم فيه،  فعدم نشره، قد يوحي بان فيه  نواقص أو محاباه أو استرضاء لطرف على حساب الشعب اليمني.

 واستنادا إلى ما تسرّب من مسودة اتفاق السلام،او خارطة الطريق للتسوية في اليمن.. فإني هنا أبدي بعض الملاحظات التي أراها مهمة.

 وبحسب التسريبات فإن الاتفاق سيكون على 3 مراحل:  "المرحلة الأولى 6 اشهر يتم فيها وقف اطلاق النار بشكل كامل وصرف المرتبات وفتح مطار صنعاء صوب وجهات سفر جديدة وفتح ميناء الحديدة بشكل كامل بالإضافة الى السماح للحكومة الشرعية بتصدير النفط وتشكيل لجان عسكرية وسياسية للمرحلة الثانية.

وأن  المرحلة الثانية ستكون مرحلة حوار سياسي مدته عام كامل ستكون بين الأطراف السياسية وستناقش الترتيبات الإنسانية والاقتصادية والسياسية واستكمالها. و ان المرحلة الثالثة هي عامين يتم فيها التهيئة لانتخابات عامة وحل كافة القضايا السياسية العالقة" 

ولن اخوض في التفاصيل فعند نشره لكل حادث حديث..  غير انني سأعلق على بعض ماورد..  يعني انه يذكرنا هذا الاتفاق بالمبادرة الخليحية والتي كانت مدّتها سنتان، فتمددت الى ما شاء الله.. 

 والحوثي بعد انقلابه بأكثر من تسع سنوات، وقتل وشرد واعتقل الآلاف، وأوقف دفع رواتب الموظفين وفصل كثير منهم، واستبدلهم بسلالته.

يأتي  هذا الاتفاق لإشراكه في حكم البلاد بفترة انتقالية دون مساءلته او محاسبته او حتى اعتذاره! بل يشرعن له كل مكتسباته التي كسبها على حساب الشعب اليمني.. وهذا  اختلال وظلم كبير ان كان  الاتفاق بهذا الشكل! 

ولو سلمنا غصباً بهذا الواقع،وقبلنا الشرعنة له، وتبييض كل مدّته السابقة.  فمن يضمن بعد التوقيع  عدم الإنقلاب على شركائه الذين وقعوا معه؟ .. يتبع..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي