متى يكون الاتفاق اتفاقاً؟! (1)

د. علي العسلي
الثلاثاء ، ١٢ ديسمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٤:٥٨ مساءً

 

لا شك أن أي اتفاق لإحلال السلام  في اليمن هو المطلوب والمرغوب وعلى الدوام.

إن أي إنسان يحمل بصراً وبصيرة،  لا أظنه سيقف ضد توقيع أي اتفاق سلام في اليمن بعد ان وصلت معاناة الشعب اليمني إلى ذروتها. 

 لكن من يفكر بعقل، لابد أن  يطّلع على الإتفاق،  ويحكم على نصوصه، ويرى مدى قربه أو بعده عن المرجعيات المتفق عليها.

وبعد أن يرى ويحكم عليه؛ فإن عليه إن أراد أن ينبّه ويحذّر ويبيّن بضرورة ووجوب  عدم تجاوز تلك المرجعيات، فذلك قد  يحقق للاتفاق قدر معقول من النجاح.

 والاتفاق لا يسمى اتفاقاً، إلا إذا اتفق على تفاصيله المتصارعون،  وتعهدوا  أن يكونوا به ملتزمون؛ وبنوده يرتضيه المواطنون.

فأي اتفاق، يمكن يسمى اتفاقاً في اليمن؟ والشرعية عنه غائبة أو مغيبة؟! 

تحدّث الكثيرون عن أن هناك اتفاقا أو خارطة طريق، قد  انجزت بجهود سعودية فمشكورة عليها؛  إن كان الهدف منها تقريب وجهات النظر، وتذليل الصعاب، والتكتمّ حدث من أجل النجاح ولجولات متعددة، والشكر موصول لسلطنة عمُان، إذا هم جميعا اسهموا في التوصل لحل لكل اليمنيين. 

غير انه لا يعقل التكتم بعد أن أعلن عن الانجاز؛  وصار الاتفاق مكتوباً، وبين لحظة وأخرى قد يعلن عن موعد ومكان التوقيع.

ومع ذلك.. لا يعلم احد بما تمّ التوصل إليه إلى يومنا هذا؛ ولا  الأحزاب، أو على الأقل الأمناء العامّون فيها؛ فضلاً عن عدم إشراكهم في التفاوض بشأن لاتفاق..  فلا اشتركوا ولا اطلعوا ولا أحيطوا.

 فكيف لهذا الاتفاق أن يرى النور إذاً؟!؛ ولماذا الأحزاب صامتة صمت القبور؟ ومسلّمة أن الحوثي عليهم قدر مقدور!  وكيف للمبعوث أن يتسلم عملاً أنجز بدون انخراطه فيه،  ويُطلب منه تبنّيه وأن يضع لمساته عليه، ويعلنه باسمه؛

 دون التمعن في النظر لما بين سطوره وبنوده، وفحصه وتدقيقه؛ فإن وجد فيه ما هو خارج  على المحددات ( المرجعيات).. أيعقل أن يقبل أن يكون راعياً له وباسمه؟! 

أيُعدّ أي اتفاق، اتفاقاً يمنياً_ يمنياً؟؛ والأحزاب اليمنية لا تعلمه. 

والسلطة الشرعية لا مفاوضة فيه، فكيف سيعهد إليها التوقيع عليه؟ وقد ينتقص من شرعيتها!  الأسئلة السابقة أظن مهم  إثارتها، والأجابة عليها؟ 

وتردد مؤخرا ان هناك  لقاءات مكثفة مع الاطراف من قبل المبعوثين لهذا الشأن.

ويقال أن الجميع يسابق الزمن هذه الأيام من أجل توقيع الإتفاق الذي أنجز، خوفاً  من ردود فعل صهيو-امريكي، وغربي ضد الحوثي، فيتعطل توقيع الاتفاق. 

وعلى الرغم من أن آمن البحر الأحمر مسؤولية الدول المطلة عليه؛ إلا أن الحوثي يتفرد بإجراءات ضد السفن المارّة بمضيق (باب المندب)، والمتجهة إلى الكيان الصهيوني، فيمنعها، مطالباً برفع الحصار عن غزة مقابل السماح لمرورها. 

وطبعاً لو اعترضت دول الجوار على إجراءاته، لوظف ذلك ضدهم، بأنهم مع االكيان الصهيوني، وضد الفلسطينيين وأبناء غزة.

 وهذا الاتفاق  المعلن عن إنجازه والتوصل إليه، هو على المحك،  إذ قد يتأخر توقيعه، أو بتطور الامور وردود الافعال ضد الحوثي ، قد لا يوقع ولا ينفّذ ابداً.

 وقد تتغير الأحداث، وتتبدل المعطيات والاولويات، والتحالفات، وتختلط الاوراق والتدعيات! 

وعلى الرغم من التطور الآمني الخطير الحاصل  في باب المندب، لكنّه  يأتي بالتزامن مع تقارب حوثي وضح  مع المملكة؛ والادعاء بأنهم معها، معا،  قد قطعوا شوطاً كبيراً نحو السلام المستدام.

وكان قد أشاد ناطق الحوثي بالنقاط التي تناسبه في خارطة الطريق التي سعت إليها المملكة. 

 حيث قال:  " نشيد بالتقدم الذي تم إحرازه في خارطة الطريق وتجاوز أهم العقبات لضمان إنهاء العدوان والحصار وصرف المرتبات لجميع الموظفين اليمنيين والإفراج عن كافة الاسرى والمعتقلين وخروج القوات الاجنبيه من اليمن وإعادة الإعمار والتهيئة للحوار السياسي".

 نقاط إن كانت حقاً مضمنة بالنصّ في الاتفاق، فإنه اتفاق لضرب شرعية الشرعية، ولإنهاء أهداف تدخل المملكة والتحالف العربي؛  ويعدّ اتفاقاً جاء لخدمة الحوثي  وانتصاراً له، لا لليمن! 

وسأضرب أمثلة والتعليق على ما سُربّ فيما يتبع..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي