معادلات الردع!

د. علي العسلي
الأحد ، ١٠ ديسمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٦:٤٢ مساءً

 

ماذا لو أن النظام العربي الرسمي اتخذ قراره؟ وطبّق على الواقع  هذه المعادلات: 

 " إن دعمتم دعمنا.. وإن حاصرتم حاصرنا.. وإن قاتلتم قاتلنا.. وإن عدتم عدنا.. وإن جنحتم للسلام جنحنا.."

وماذا لو أن محور المقاومة ايضاً  نهض؟  وحذّر وأنذر محور الصهيو_امريكي..أن دماء غزة في رقابنا!  ((أكرر مراراً وتكراراً دعوة محور المقاومة للانخراط ولا أمل في ذلك حتى ينخرطوا بشكل جاد وتام، أو يظهر ربي إفلاسهم وتدليسهم)).. 

فماذا كما قلت.. لو أن المحور؟ تحرك لفرض معادلاته:  "غزّة  تساوي بيروت أو دمشق أو بغداد أو طهران.."  يقول المحور للكيان الصهيوني ولأمريكا ذلك ، بصوت مرتفع، وبإرادة جماعية فولاذية، وفعل مقاوم واحد بغرفة مشتركة واحدة.. 

وصوتهم الجمعي يقول.. لا نقبل تهديد بيروت بالتدمير كغزة، بل نؤكد أن صبرنا قد نفد، وأن محور المقاومة قد قرر:  " إن لم توقفوا العدوان على  غزّة الآن، سنُحرق وندمّر (تل أبيب)، كما فعلتم بالضبط في (غزّة)".

 فلا تهددوا أيها الصهاينة بجعل بيروت كما فعلتم غزّة.. ارفعوا صوتكم  يا محور المقاومة، فالإعلام سلاح قوي لا تتركوه لهم..

 قولوا لهم أنه بسبب  إجرامكم وقبحكم ووحشيتكم، فقد غادرنا الصمت، ولن نسكت بعد  (فيتو) امريكا، ولدينا القدّرة والإرادة والقرار لفعل ما نقول! 

ويا أمريكا لا نخشى تهديدك وتحذيرك بضرورة ووجوب التزامنا الهدوء وعدم توسيع النزاع في المنطقة؛ فأنت الموسّعة  والمعتدية والداعمة.. وعليك ألا تتدخلي مع العدو ضد حماس وغزة وفلسطين!

 عليك حالاً  أن توقفي مشاركة الإحتلال إحتلاله، والتغطية على جرائمه، وواجب عليك توقيف إرسال الأسلحة والمعونات إلى الكيان الصهيوني، وعليك أن توافقي على تقديم مسؤولي الكيان للمحاكم الدولية. 

 فإن رفضت، فأعلمي أن بوراجك وسفنك  وقواعدك ومصالحك في بحارنا ومنطقتنا ستكون أهدافا مشروعة لمحور المقاومة.. 

لابد من  استعمال المعادلات السابقة أو أهمها، بالاضافة إلى  المضايق وسلاح الطاقة والمشاريع والسلع التجارية في معركتنا المستمرة حتى ننتصر لغزّة حقاً وبسرعة ! 

إن طبّقت تلكم المعادلات  والمطلوبات من قبل النظام العربي الرسمي ومحور المقاومة، أو حتى أهمها  بشكل آمين وصادق؛  فلا شك، فإن العدوان على غزة والفلسطينيين سينتهي.

وستختفي الصورة المرعبة والمحزنة والمؤلمة التي نصحى وننام على رؤيتها كل يوم على أرض غزة، من مجازر ومذابح وإبادة؛  ومن ترويع وتعذيب وإهانات واعتقالات؛  ومن كل أنواع  الفظاعات. 

 والتي هي بلا شك تغضبنا وتُدمينا وتُحزننا وتُؤلمنا.. ولا شك  أن واقعنا بئيس فعلاً:  فلم يتجاوز بعضنا شطحاته ولم يبلغ العُشر من وعيده وتهديداته وإمكاناته؛

 وبدلاً من الترقب والانتظار لزوال اسرائيل..  نرى حتى الساعة مدى  الخذلان لحماس وباقي فصائل المقاومة؛

 وصرنا نخشى على إنهاء وزوال القضية الفلسطينية، ويزداد خوفنا أكثر على مستقبل مصر العروبة.

كل المخططات والاهداف الخبيثة للصهيو_أمريكية باتت معلومة..

 ونظامنا العربي الرسمي لا يزال خانعاً ومستسلماً، ويبحث على سلام مع من يقتل ويسفك ويُبيد ويخطط للتهجير والتطهير؛ 

 ومع من يُموّل ويُسلح ويغطي جرائم العصابة الصهيونية، مع من يغطي ويحمي المحتل المعتدي.   يستجدي  نظامنا العربي منه السلام والحلول بشكل فردي أو جمعي.

 يستجدي ويتوسل من أمريكا الحلول.   يستغيث بأمريكا ويضع يده بيدها. وهي لا تكتفي بالدعم للكيان الصهيوني؛   بل وتشترك معه في العدوان، وفي إضعافنا، وفي قتل أطفالنا بغزّة؛ 

وفي تدمير البنى التحتية وعلى الأخص المستشفيات، وتسمح بمنع دخول الغذاء والدواء إليها؛   وتسهم بحصارها، ولا تُوقف الكيان الصهيوني من تهجير أبنائها..  فالقبول بحلول امريكا، يعني القبول ببقاء العدو الصهيوني على أرض فلسطين. 

وبتصفية القضية الفسطينية، وبتطهير  الفلسطينيين من الوجود على أرضهم.. وهذا أبداً غير مقبول  يا أحرار.. ويا مقاومين.. ويا نظامنا العربي الرسمي.. ذلك لا يجوز ولا يستقيم! 

ويبدوا أن  الحوثي  تجرأ واعتدى على الممنوعات؛ فأعلن عن منع مرور السُّفُنِ المتجهةِ إلى الكيان الصهيونيِّ من أيِّ جنسية كانتْ، إذا لم يدخلْ لقطاع غزةَ حاجتُهُ من الغذاءِ والدواءٍ..  ولو تمكّن تنفيذ ما أعلن عنه. فإنه سيكون قد أسهم في تنفيذ قرار قمّة الرياض العربية الإسلامية في: 

" كسر الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية إلى القطاع"  فلن يكسر الحصار ولن تدخل المساعدات، إلا بتشكيل قوافل من كل الدول التي اتخذت القرار،  وهذا مالم يحصل؛  وإما بما قرره الحوثي بما فيه من مخاطر وتهديدات!! 

إن إجراءات الحوثي إن لم تخفي بالبواطن شيء مضرّ، فهي جداً مطلبية ومبررة؛   لأن  العدوان الوحشي والإبادة  مستمرة.   ولأن الحصار المطبّق على غزة ومنع وصول الغذاء والدواء ايضاً ما يزال على حاله.

 ولأن امريكا قد فاقت كل المحتمل بصلفها ووقاحتها،  عندما استخدمت حق النقض (الفيتو) دون مراعاة لمشاعر كل العرب وكل المسلمين،  وكل الدول التي رعت مشروع القرر بوقف النار على غزة فورا..

 استكبرت واغترت وتغطرست، فعطلت مجلس الأمن الدولي عن اتخاذ قراره بوقف العدوان انسانياً؛  وبرفضها، فإنها اعتدت على السلم والامن الدولي. 

ليس ذلك فحسب، وانما بعيد استخدام حق النقض (الفيتو) بلحيظات؛ فإن  وزارة الخارجية أرسلت إعلانا طارئا إلى اللجان في الكونغرس  بشأن(13) ألف قذيفة دبابة، تبلغ قيمتها حوالي(106) ملايين دولار،  لتسليمها فورًا إلى إسرائيل. أرأيتم وقاحة أكثر من هذا؟! إرسالها بسرعة حتى لا تتأخر الموافقة من قبل اللجان في الكونغرس، التي تاخذ في العادة (20) يومًا لمراجعة المبيعات العسكرية الأجنبية. 

وبمناسبة إعلان الحوثي،  فقد كنت شخصياً  طلبت في مقال سابق  التهديد أو التلويح  بإغلاق باب المندب بتاريخ 20  نوفمبر في الشهر الماضي؛ فـــ"باب المندب" لا شك  موقع استراتيجي مهم في العالم، وهو من نقاط قوة غزّة وفلسطين وأمتتا.

 ويمكن استخدامه لصالح غزّة وقضيتنا الفلسطينية، لو وظّف كغيره من الأدوات والأوراق المتوفرة بكثافة، توظيفاً مسؤولا، ذكياً وحكيماً!؛   خطوة الحوثي مرحب بها، إن كان لدى الحوثي القدرة على تطبيق قرار المنع.. 

.. ختاماً.. أقول للحوثي؛(باب المندب) في رقبتك، فلا تشاغب ثم تتركهم-بما لا نقبله-، يدوّلونه أو يحتلّونه!؛ فأترك التهديد والوعيد والمساءومة! 

فإن كان بإمكانك أن تنصر غزة بإغلاقه فأفعل الآن!؛ ولا تحاول أن تكون فيه، عاقلاً ومتعقلاً، وقد جننت على شعبك طوال تسع سنوات خلت، ولا تزال!

أوردنا بعض معادلات الردع  والمطلوبات العاجلة.. فبقدر استعمالها أو جزء منها يتحقق الفرج، وينتهي الإحتلال، ويعاد للأمة هيبتها وكرامتها واستقلالها واحترام مصالحها.. ودمتم..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي