كتائب القسّام في حرب الصورة

د. علي العسلي
الأحد ، ٠٣ ديسمبر ٢٠٢٣ الساعة ١٠:٠٢ مساءً

 

في السابع من أكتوبر 2023  ، كتائب عز الدين القسام _الجناح العسكري لحماس،  قامت بعملية بطولية، اسمتها "عملية طوفان الأقصى".. أنتصرت فيها استخباراتياً وعسكرياً على  جيش دولة الكيان الصهيوني؛  وهي بذلك أسقطت وإلى الأبد مقولة الجيش الذي لا يقهر، ومقولة أقوى اسخبارات في العالم!

وعلى مدى ستة  وخمسين يوما من العدوان الصهيو_امريكي على غزّة، بغرض الإبادة والتطهير العرقي والتهجير؛  انتقاماً منهم؛ كونهم امنوا وصدّقوا المقاومة في جديتها في تحرير وحماية الأرض والعرض الفلسطيني،  فارتضوا بها، فكانوا الحاضن للمقاومة.  ودفعوا ثمن ذلك أرواحهم الطاهرة، ويتحملون الحقد والوحشية الصهيونية.

 وأثناء هذه المدّة الماضية، صنعت كتائب القسام نصراً إعلامياً فريدا،ً  فلقد تعملقت وابدعت وتفوقت في حرب الصورة، وحصدت احترام من كانوا يناصبونها العداء قبل الأصدقاء!  فكانت رسائل التسجيل الصوتي لــكلمة ( أبو عبيدة)، ولا تزال، كالبلسم الذي يوضع على الجرح، فيطيب؛ بكلماته الرائعة المعبّرة، وثقته بربه ومجاهدي كتائب القسام وباقي الفصائل.. يقرّب النصر إلى الأذهان، ويقرّه يقينياً في القلوب، وبزيل  الشوائب والتشويهات، ويفند التضليل والاشاعات.  ويقدٌم الحقائق في قالب بسيط واضح وبليغ، بلغة سهلة تنبع من قول الحقيقة لا سواها، لتصل إلى قلب المتلقي رسالة قوية معبّرة، فيصدقها كل صاحب ضمير حي في العالم؛

ولا يكتفي بذلك، بل يدّعمها بنشر مشاهد مصورة لعمليات المقاومة والتحام الابطال بآليات العدو من النقطة صفر؛  ليبرهن على شجاعة المقاوم الفلسطيني وايمانه بقضيته.. ويرينا وهن عدوه الذي يمارس القتل والتدمير ليس بالمواجهة المباشرة، وانما بالآلة للامريكية القذرة! 

 ويا حبذا.. وهنا أبرق لكتائب القسام ولناطقها (أبو عبيدة)، متمنياً عليهما أن يضمنان في الرسائل المقبلة ملخصات باللغة الإنحليزية لما يعرضونه باللغة العربية  وبالصوت والصورة.

..الله ما أحلى السبّابة وهي مرفوعة لرّبها تكبيراً وتعظيماً، فلقد صارت سبّابة (أبو عبيدة) ماركة يقلدها كل حر شريف في هذه المعمورة؛

 ولا شك ان رسائل  (أبو عبيدة)، تأتي في توقيتاتها، والكل بنتظرها بفارغ الصبر لما تحمله في كل مرّة من بشائر النصر من الميدان، ولتزيل بعضاً من وقع القصف الصهيوني وشدته على النفوس؛ فوقعها ومشاهدها جدّ مؤلمة،  لانها تستهدف الأعيان والناس العاديين والنساء والاطفال! 

 وصار واضحاً لدى عامة الناس أنه كلما اشتدت  الوحشية والاستهداف من قبل العدو على قطاع غزّة ،  كلّما دلّت على شدة ضربات المقاومة على جنود وضباط وآليات هذا العدو الجبان في الميدان!؛ وعجزه عن التقدم في مختلف المحاور بتصدي المقاومة له؛

 والعدو اصلاً يتكتم على خسائره، فمن الذي ينطّقه؟! للاعتراف ببعض الخسائر، إنه أبو عبيده؟!؛ فبعد ظهور وحديث أبو عبيدة؛ ثم يعقبه عرض صور لبعض عمليات المقاومة؛ فيضطر العدو الإعلان عن بعضها، ويخفي معظمها. ودائماً بحديث ابو عبيدة ، ترتاح الأنفس لثبات وقوة وإصرار المقاومة على الانتصار. لأن حديثه يعقبه تمتيع نظرنا بمشاهدة لمناظر الجنود والصباط وهم يقتلون، والدبابات والمعدات والجرافات الصهيونية وهي تدمّر وتحرق، والصواريخ وهي تطلق للعمق الصهيوني. 

ثمّ ترى الأعين ذاتها بعد رؤية أبو عبيدة ؛ ذلك المتحدث العسكري الذي لا يعرف ما يهذرف.  تراه كأن به مسّ من الشيطان.. فلا يستطيع إجاية الصحفيين الآمنين الصهاينة وهم يلاحقونه بالاسئلة عن حماس والسنوار وأبو عبيدة والضيف وغيرهم...  فينهي حديثه ويغادر القاعة كالهارب.. 

هنا..تتيقن بأن  نصر الله آت لا محالة للمؤمنين..نرى  النصر من رؤية المشهدين، ونرى وقد تحطمت تلك العنجهية والتنمر والغرور بعمليات المقاومة اليومي.

إن  رسائل أبو عبيدة الصوتية أو المصورة، ومشاهد القسام تجعل الأمة كلها تثق بأن النصر آت، آت للفلسطينينين باذن الله!  نرى قادة العدو (مجلس الحرب الثلاثي) يظهرون وكل واحد فيهم منكّس الراس ومكسيّ بالسواد حزناً على الضحايا دون ان يعترفوا بأعدادهم الحقيقية؛

 لكن ظهورهم بتلك الهيئة يبيّن ان خسائرهم كبيرة "جنودا وضباطاً"؛ بينما ما يفعلونه هم، القتل بدم بارد للاطفال والنساء، انتقاماً وتطهيراً؟!

 نرى سواد لُبسهم كسواد قلوبهم..نراهم وقد طأطأوا رؤوسهم، وقد نزلوا من الشجرة، وسينزلون من سقف اهدافهم لا محالة بصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته البطلة  الباسلة؛  ورجال كالذي نرى، استحالة ان يهزموا او يفككوا او يقصى عليهم! 

ولقد جاءت الهدنة، واحاط الله بمكر الصهاينة والإمريكان، فكانت للصورة المنقولة من غزة وقعها، وأثرها على قلب كل حرّ في العالم.

 فازداد التعاطف برؤيتهم لتحمل هذا الشعب فيما رأوه من دمار وركام وتدمير وحشي في غزة، وهي أفعال غير مبررة على الإطلاق، وتنم عن قصد الابادة الجماعية؛ لأن الكيان الصهيوني بإمكانه إطلاق محتجزيه وهو احد الاهداف من غير حرب ولا قتال!

 ولله درّ كتائب القسام.. فلقد  أدارت معركة الصورة باقتدار قبل وأثناء الهدنة، فجعلت العالم كله يترقب لما ستقوله كتائب القسام.. متى ستوافق على الدفعة الجديدة؟ ومتى ستطلقهم؟ ومن أين ستطلقهم؟ وكيف حالهم والصورة التي ظهروا بها؟  وفي الوقت ذاته، العالم كان  يراقب كيف كان الصهاينة حذرين وعقلانيين ومنفتحين ومنتظرين ومعتمدين على الوسطاء؛  وبعملية التبادل.. فضخت كتائب القسام والمقاومة في غزة للعالم بان هذا الكيان الصهيوني المدّعي الديمقراطية والحرية والتحضر يعتقل مئات القصر والنساء من دون وجه حق او محاكمة.  

ولا شك أن الجميع تابع عملية التبادل وسمع المعاناة والشكر، وقارن وحكم.. لتكون النتيجة قطعاً  لصالح المقاومة وحماس! 

فبسلوك حماس القيمي، أفشلت تعويم تصنيفها بالارهابية، وطالما تحقق هذا! فعدّوهم بالضرورة هو الارهابي!    وفي معركة الصورة؛ هناك صورة اخرى تنمّ عن اخلاق المقاومة، تمثلت بالود والرحمة رغم شراسة وفجور العدو في الخصومة، ومعاملة العدو للأسرى الفلسطينيين في الاهانة والتعنيف؟  كانت في غزة الصورة مغايرة تماماً..  فقد حملت عناصر القسام المحتجزين المسنيين على ظهورهم، وجر بعض المسنّات او المصابات بعربات الجرّ، واعطائهم المياه وهي في غزة شحيحة، نتيجة للحصار الصهيوني، وذلكم التوديع الحميمي، وتبادل الرسائل المؤثرة الذي رأها العالم، ورأى عكسها في المقلب الآخر!

وهناك صورة اخرى ملفتة؛ ظهور فصائل المقاومة جنبا الى جنب اثناء التسليم للمحتجزين باستعراض فريد، وسلم بعض المحتجزين  في قلب غزة التي ادعى الاحتلال سيطرته عليها؛  ليس ذلك فحسب، وانما اتفاق الفصائل  على معايير، لاختيار اطلاق الأسرى في الصفقة وفقا للاقدمية دون الالتفات الى من يتبعون؛  بل والأكثر اثارة واحترام هو اختيار المقاومة لمبادلة اليهود بأسرى فلسطينيين يحملون الجنسية الاسرائيلية.  أي رقيّ لدى القسام والمقاومة؟!  وأية دناءة عند العصابة الصهيونية وامريكا، الذين يشترطون، ألا دخول للمساعدات لغزة، إلا باطلاق محتجزين؟!

حقاً في معركة الصورة؛ لقد هزمت كتائب القسام الكيان الصهيوني والامريكي وماكنتهم الاعلامية والالكترونية.

 فبصدق وسلوك القسّام والمقاومة ، وكونهم أصحاب حق، سيمكنهم ذلك من الثبات والمكوث في الأرض.  بينما سلوك وجرم  وكذب الصهاينة والإمريكان، وكونهم على باطل؛  فهم كالزبد يذهب جفاء، لا فائدة منهم!

هنا__   اذكركم بالأحدث لوزير الخارجية الأمريكي..

((جاء لاسرائيل قال كلاما معسولاً، للضحك على الفلسطينيين والعرب، لكنه في مجلس الحرب الاسرائيلي  اعطى التعليمات للقتل غير المسبوق  الذي يُرى في غزة .. 

أرأيتم  تصريحاتهم كأنها كلمة السر للبدء بتتفيذ عكسها؟ هذا هو حالهم وكذبهم ولا فائدة منهم للبشرية.. وقد عرفهم العالم بهذه الصفات..)) 

لقد هزمت المقاومة وقنوات المقاومة  امريكا واسرائيل اعلاميا في معركة طوفان الأقصى.  ولذلك رأيناهم يستهدفون الصحفيين في الجزيرة والميادين وغيرهما؛

فطوفان الأقصى كان فاضحا كاشفا للادعاء بكذب حرية الصحافة والاعلام، ورأينا كثير من دول الغرب يسنٌون القواتين ويتخذون الإجراءات ويلاحقون كل من يعبر برايه ضد وحشية  اسرائيل، وضد من يتضامن مع الفلسطينيين.

 هُزمت اسرائيل اعلاميا من قبل القسام؛ وهي  التي منذ تاسيسها اهتمت بالاعلام ومولته وسيطرت عليه عالمياً ،  من أجل الترويج للصهيونية والهجرة إلى فلسطين،فجاء القساميّون فمحوها.

كتائب القسام باعلامها الصادق الآمين، وبضرباتها القوية الشجاعة، وبسلوكها الرحيم الودود مع المحتجزين،  وبمشاهد تصويرها لعملياتها دون مبالغة أو تضخيم..

فإن المقاومة بفعل ذلك  استطاعت تفنيد كل سردية للصهاينة التي روجتها  شبكة الدعم الواسعة التي يعتمد عليها الاحتلال لنشر أكاذيبه، وليس  أدل على الطريقة التي تعمل بها الآلة الإعلامية المضللة والداعمة للاحتلال من خبر"قطع رؤوس 40 طفلا إسرائيليا" والذي ردده كبار المسؤولين الغربيين وفي مقدمتهم جو بايدن، من دون نشر صور لهذه الأكذوبة..  

ها هي كتائب القسام  تدك كل سرديات العدو،  ومقولة ان الصهاينة يمتلكون وسائل إعلام هي الأقوى على وجه الأرض؛  نعم! هم كذلك فقط في حالة الكذب والتضليل.. في تحويل الأبرياء إلى مجرمين، وتصوير المجرمين في صورة أبرياء.. 

غير أن القسام  بقليل من الكلام.. فيه الصدق في المضمون، ومعزز بالصورة  الدامغة.. هزمت كل كيدهم وتضليلهم وماكنتهم الدعاية الكاذبة!  وربي لقد انتصرت كتائب القسام بمعركة الصورة ايضا!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي