فلسطين وغزّة.. اليمن والرئيس؟!

د. علي العسلي
الاربعاء ، ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٢:٤٩ مساءً

كلام كله من خبرة، وفيه حِكَم وقِيم.. كلام بليغ مؤثر يصب في العمق لصالح فلسطين والقضية واليمن والأمة! 

قبل ثلاثة أسابيع انعفدت القمة العربية الإسلامية المدموجة، خرجت بواحد وثلاثين قرار، وشكلت لجنة للمتابعة وهي تجوب العالم هذه الأيام من أجل ذلك!

 لست هنا بصدد تقييم القمّة وفعاليتها وجدواها، واعتقد ان الهدنة أحد مخرجاتها، طبعاً تحركهم جاء لتعزيز قوة وصمود المقاومة، لمثل هذا تتكامل الأدوار!؛ غير أني هنا مضطر فقط لتحفيز القادة، باستخفاف (النتن ياهو) بهم، عندما خاطبهم، وقال لهم (أنتم اصمتو) ولا تتكلموا! 

إن فلسطين وغزة هما في قلب ووجدان الشعب اليمني منذ البداية وستستمر حتى النهاية.. فموقف شعب اليمن ورمز الشرعية رئيس مجلس القيادة الرئاسي مع القضية، مع الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وضد الاحتلال والعربدة الصهوتية! 

ودعوا الحوثيين المزايدين المستغلين تمثيل اليمنيين يعيشون أوهامهم، فإن اثخنوا العدو سيُحسب لهم، ولن يغير ذلك من موقفنا تجاههم داخلياً شيئاً، غير انه في حال لم يثخنوا العدو، فإن اليمنيين سيدفعون ثمناً إضافياً في المعاناة وفي تدخّل الآخرين في شئوننا الداخلية والمساس بسيادتنا وقرارانا المستقل؛ بحجة حماية الملاحة البحرية من القرصنة!؛

 إذ ان السفينة  الاسرائيلية حقاً، تخلّف عنها الحوثي!  وبدا أن من حاول اختطافها في خليج عدن واحبطهم الامريكان كانوا قراصنة (صومالين)، وليس (الحوثيين)!! 

المهم، جنونهم وطيشهم قد يسبب لليمن ظروف أصعب مما هي عليه الآن؛ في البرّ والبحر والجو، ويعلم الله كم سيكون المدى!  

نعم!  كل الشعب اليمني مع فلسطين وغزة، فلا مزايدة في ذلك لأحد.. وحسناً فعل (ابو عبيدة)، وقادة حماس الآخرين، حين  شكروا كل اليمنيين ولم يخصوا بالشكر الحوثي!؛   ولقد وضع رئيسنا النقاط على الحروف.. كلمات بأحرف من حرقة وآلم، وتشخيص بعقل وحكمة، ولا تخلوا من حلول إذا أخذ بها!؛ 

فلقد قال رئيسنا ما معناه؛ أن فلسطين هي قضية الأمتين العربية والاسلامية المركزية، فهي بالوجدان، وهي محور الأمن القومي!؛ 

اذاً، فلتعد القضية إلى مكانها الطبيعي،  إلى عمقها العربي والاسلامي، وينبغي الدّفاع عن بقائها حية وحاضرة باعتبارها "حق"، وليستمر رفض تصفيتها، وبالتالي وجوب الدعم الصريح لمقاومة الاحتلال كما الامريكا يدعمون بوضوح المعتدي المحتل، فلما الحرج يا قادة يا كرام؟!؛ 

 غير أن ما لم يقله الأخ الرئيس من أن فلسطين قد تُركت للسباع لعقود، تُركت على اعتبار أنها قضية ذات شأن فلسطيني.. فماذا كانت النتيحة؟!؛   إحتلال واعتقالات للنساء والولدان، وبناء الآلاف من المستوطنات، وممارسة الإذلال بحقارة، وأخيراً دمار ومذابح وإبادة كلية لغزّة! 

 وكان يعي ما يقول الأخ الرئيس؛ عندما طالب اسرائيل بأن تدرك، بأن الدول العربية والإسلامية موحدة وقوية في" تعزيز الجهود الجماعية والمتعددة الأطراف من أجل وقف فوري للعمليات العسكرية الأسرائيلية، وحماية المدنيين المحاصرين، وتمكينهم من الحصول على المساعدات المنقذة للحياة"! بدا شيء من هذا أثناء الهدنة الهشة التي تزال سارية! 

ولقد شخّص الاخ رئيس مجلس القيادة الرئاسي بأن واقع الحال الفلسطيني مردّة إلى ضرب جميع مبادرات السلام عرض الحائط، واللجوء لفائض القوة التي امتلكها الكيان الصهيوني  من أمريكا التي تغطّي وتحمي دوماً كل جرأىم هذا المحتلّ، تستخدم فائض قوتها، لتثبيت الوضع التي تريد، أو بمعنى أصح إلى فرض سياسات الأمر الواقع، وبتجاهل تام من المجتمع الدولي، بل والتخلي عن الدور الأخلاقي والقانوني، والسياسي في حلّ قضية فلسطين العادلة!؛ 

 وكل القضايا العادلة  اللاحقة لها؛ كقضية اليمن المنكوب بانقلاب المليشيات الحوثية على الشرعية الدستورية والوفاق الوطني، وعدم تطبيق قرارات الشرعية الدولية فيما يخص اليمن!؛  والسبب وقوع القوى الكبرى في حسابات غابت عنها مصالح الشعب اليمني، إلى مزيد من الخراب، وأسفر ذلك حتى الآن إلى تمكّين المليشيات!؛

 إلتفاتة ذكية من قبل الاخ الرئيس، ووظفها بشكل صحيح في خدمة قضيته، اليمن المسؤول عنه كقائد!

 وأكد فخامة الاخ الرئيس  في خطابه، موقف اليمن الدائم المبدئي، وتنبأ كقائد لا تنقصه الخبرة من أن فلسطين مهما جثم على صدرها المحتلّ ، فإن النهاية الحتمية، قيام الدولة الفلسطينية ذات السيادة، وبخاصة بعد دماء الغزيين الطاهرة، فإن الأمر يشي لقرب قيامها!؛

 على الصهاينة إدراك ذلك، وعليهم أيضاً أن يدركوا بوضوح الوقوف الجماعي للدول الإسلامية مع إقامة الدولة الفلسطينية، ومؤازرتها في قضيتها العادلة، والتمسك أيضاً بما  أسماها الاخ الرئيس باللاءت العربية، والإسلامية المعلنة خلال هذه الازمة: "لا لتصفية القضية الفلسطينية.. لا للتهجير القسري _ومن باب أولى الطوعي_ ، ولا لتهديد مصالح شعوبنا، وامن منطقتنا تحت أي ظرف كان"!

 أضيف إلى ما سبق؛ لا لإستمرار العدوان وإبادة غزّة .. وذكرتني لاءت الأخ الرئيس، باللاءت الثلاث  في القمة العربية في الخرطوم عام1967، التي لا تزال حاضرة اليوم وبأمس الحاجة اليوم لتبنيها وتفعيلها،بعد أن مرّ عليها (ستة وخمسين) سنة.. واللاءت هي: " لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه"! 

يقول الأخ الرئيس كذلك، كي ننصر غزة، ينبغي إنهاء الحروب والنزاعات، ويذكّر الرئيس هنا، بتعنّت الحوثي وعدم استجابته لمساعي السلام والوساطات، ويطالب الحوثي إن كان مع القضية الفلسطينية وغزّة حقاً !؛  أن يجنح للسلام في اليمن اليوم، وليس غداً!؛

 ولكي تنتصر غزّة ايضاً، على الأمة  أن تكون في موقف واحد وكلمة سواء، وتقوية دولنا الوطنية وامننا القومي، وانهاء الخلافات البينية. كلامه مائة بالمائة صحيح! 

واعتمدت تأخير أهم فقرة من وجهة نظري، لأختم بها هذا المقال.. عندما قال الاخ الرێيس:  " إن ما يحدث في فلسطين اليوم هو نتيجة متوقعة عندما يتم؛ ((تجاهل قوة الحق لمصلحة حق القوة))".. 

كلام ينهي كل كلام قبله أو بعده.. لقد تجاهل العالم فلسطين والفلسطينين وهم أصحاب الأرض، فتوالت عليهم النكبات وأخطرها قرار تقسيم فلسطين في الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة رقم 181 والذي أُصدر بتاريخ 29 نوفمبر 1947؛ وما سبقه ولحقه من نكبات ومجازر؛  فبحسب مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات (مقره بيروت)، فإن عدد المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية فقط في الفترة بين 1937 و1948، زادت عن 75 مجزرة، تلاها تهجير الكثيرين، وتوالت النكبات والمجازر؛ من مجازر صبرا وشاتيلا، وصولاً إلى النكبة المستمرة الحالية على أرض غزّة ، التي يخطط فيها إحداث الابادة لابناء غزة، والتهجير لمن تبفى منهم إلى صحراء سيناء.. سيفشلهم المقاومون وبدعم عربي واسلامي بحسب تعهدهم! 

ولقد تداعت الدول الغربية لدعم الكيان الصهيوني فقط، لأن بغص مئات من المقاومين مارسوا حقهم المشروع بعملية بطولية (طوفان الأقصى) في السابع من اكتوبر 2023، لمقاومة المحتلّ!؛

 فجاء القادة الغربيون إلى  فلسطين المحتلة لإظهار الدعم للمعتدين، وتبعهم السلاح الفتاك، تخيلوا أربعين ألف طن من قذائف الغرب سقطت على رؤوس غزّة. تجاهلوا فعلاً اصحاب الحق (خمسة وسبعين سنة)، وركزوا نصرتهم وتسليحهم لكيان صهيوني زرعوه بأرض فلسطين التاريخية، مُكِّن وقُوّي من الغرب المستكبر المدّعي الحضارة والانسانية،كيف لهم الإدعاء؟! وهم يقفون بقوة السلاح لإعطاء حق من ليس له حق! 

شكرا لك فخامة الاخ الرئيس، حين عبّرت بصدق وصراحة في خطابك بالقمّة على موقف اليمن واليمنيين، بعبارات لا لبس فيها ولا غموض، كلماتك حملت دلالات وابعاد مستوحاة من الحكمة اليمانية، فشخصت المشكلة، وبيّنت الحلّ! لو كانوا يسمعون او يعقلون؟!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي