ألم يآن للخذلان والتخاذل أن ينتهي؟!

د. علي العسلي
الأحد ، ١٩ نوفمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٨:١٧ مساءً

 

بعد ثلاثة واريعين يوماً من الصبر والتحمل غير المسّْبوق لاهل غزّة العظام.. آن من الجميع ان يغادروا التخاذل والخذلان، وأن يهبّوا لِلجم هذا الكيان الصهيوني، المُمّعن في الإجرام، للحد الذي لم يسبقه به أحد؟ لقد قام ويقوم بالإبادة لأهلنا.. أيجوز أن نتفرج؟  قام ويقوم بإستخدام الأحزمة النارية، إلى تدمير الابراج وكل المباني كـــ"السجاد"، وبالتزامن، ومن قبله إطباق الحصار ومنع كل مقومات الحد الأدنى للحياة من الدخول، إلى التوغّل البري وأهدافهم فيه، هو الوصول إلى إنجاز،  فاعتبروا مستشفى الشفاء انجازاً، وفُضحوا فيه، دخلوا المستشفيات دون رصاصة واحدة مقاومة، دليل على أخلاق المقاومة ومدنية المنشآت، فثبُت كذبهم وادعائهم، فقتّلوا واختطفوا الجثثث ودمروا المحتويات، وأجلوا بالقوة الامراض والجرحى سيراً على الأقدام؛ ولم تسلم منهم مدارس الإنروى التي ترفع العَلَم الأممي، والتي يتجمع فيها النازحون من جحيم القتل العبثي الصهيوني، فوجدوها فرصة لإشباع غريزتهم بمزيد من إسفاك الدماء.. يرتكبون كل يوم في التجمعات المجازر،بغرض الصدمة والترويع والتطهير العرقي والتهجير، وبغرض حبّ القتل للفلسطينيين، المُعْتبرين في نظرهم حيوانات، ثم بعد كل هذا يتباهى هذا العدو اللا أخلاقي، ويدّعي الأخلاق، ويدّعي أن جيشه من أعظم الجيوش في الأخلاق بالعالم، بعلامة ماذا أيها المصابون بهوس القتل وانتهاك حقوق الانسان؟؛ ثم ّ بعد ادعائه  يفضح في الحال،  حين يسأل الصحفي (نتنياهو): لماذا ادخلتم وقوداً إلى غزّة، وانتم قلتم ألا قطرة ستدخل إليها ؟! فيظهر حقيقة إنسانيته المدعاة، ويظهر أخلاقه وكيانه، بأن ذلك خوفاً على إصابة الجنود الصهاينة والمحتجزين لدى حماس والفصائل الاخرى بالامراض المنتشرة جراء انعدام المياه واختلاطها بالصرف الصحي، ومنطقي هذا السبب، فمن يتصوّر ان يسمح الكيان  بدخول المساعدات الى غزة بغير القوة؟ آنّى ياتي منهم ذلك، وهم المحاصرون المانعون؟! سمحوا بإدخال شاحنتين يومياً وقود لتشغيل تحلية المياه، وليس للمستشفيات، التي من أخلاقهم انها تستهدف، وتستباح وتجّْلي نزلائها وطواقمها الطبية تحت نيران الرصاص والدبابات المتمركزة في ساحاتها،  فالمستشفيات صارت سجون كبيرة وتحصينات عسكرية، وأبقى الكيان اللا أخلاقي بعض الامراض محتحزين فيها، ومن دون توفير رعاية طبّية لهم، فقط  أبقوهم كدروع بشرية للحفاظ على جنودهم  المجرمون النازيون!؛ فعن أية أخلاق يدّعون؟! 

إذاً من بيده إيقاف هذا التنمر وهذا الجنون وهذه النازيّة؟! 

بكل تأكيد ليس بمساعي الدول العربية والاسلامية وما تضمنه بيانهم؛ أي ليس بمصطلحات التهدئة واستجداء إيقاف العدوان، وليس بإبرام  اتفاق سلام مع هكذا حكومة يهودية متطرفة لا تعتبر الفلسطينيين بني آدم  لهم نفس الفرصة في العيش والحياة بكرامة!؛

 بل أن هذا الاجرام والوحشية  توقف بالقوة، فيها وحدها يُلجم ويرتدع العُدوان، ولكن القوة تحتاج لإرادة للإستخدام، وتحتاج من حواضن الأمة عدم التخاذل أو الخذلان! 

إن الانتصار للقضية الفلسطينية ونصر الغزّيين  _الذين يضربون أروع الأمثلة في التاريخ القديم والمعاصر بالبطولة والتضحية والصبر والتشبث بالبقاء أحياء على أرضهم، أو الذوبان بأجسادهم ودمائهم فيها، ورفض المغادرة منها طوعاً أو قسراً_، ينبغي وجوباً أن يتم مغادرة هذا الخذلان وهذا التخاذل الذي نراه، وعلى النحو الآتي:_

- لا ينبغي الخذلان لغزّة، والتخاذل من قبل الأهل في الداخل أو في الشتات.. فما يجري في الضفة الغربية ومناطق الثمانية والاربعين، غير كاف البتة، بل ينبغي تفجير انتفاضة عارمة الآن ضد الكيان الصهيوني، ليس دفاعاً عن أهل غزة وإبادتهم فحسب، بل دفاعاً عن الضفة الغربية وأهلها، فالذي يحدّث على أرض غزة سيحصل غداً في الضفة هذا أولاً، وثانياً. تقصير أهل البيت مُلام، في عدم استخدام الطاقة القصوى التي يختزنها الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والثمانية والاربعين، فبتقصيرهم قد يتسببون بأن الاخرين يكونون ايضاً مقصرون، وقطعاً غير معذورون!؛

- لا ينبغي كذلك الخذلان والتخاذل ممن أعلنوا أنفسهم بديل الانظمة العربية الرسمية في تمثيل الشعوب، في التصدي للإحتلال والدفاع عن فلسطين والقدس والأقصى ، بل واعلنوا الدعم والإسناد لملحمة طوفان الأقصى_ أعني محور الممانعة والمقاومة_، خصوصا أن هذا العدو الصهيوني ومن ورائه،  لا يؤمنون بغير القوة سبيلاً لإخضاعهم وفرض تراجعهم في الوصول لأهدافهم! فلو دخل حزب الله الحرب الفعلية، بما يمتلك من قوة نارية ترهب العدو الصهيوني، لتغيّرت حتماً المعادلة، ولتوسلت امريكا والكيان، الهُدن، وتوقيف الحرب المرفوضة الآن، ولأفشلت كل أهداف امريكا والكيان،وسيفضي ذلك إلى هزيمة امريكا والكيان ولأجبروا على الانسحاب من غزّة، ولانتصرت حماس الذي وعد (نصر الله) بعدم السماح بهزيمتها، فما بالكم لو دخلت ايران الحرب وأذرعها الآخرين..هنا اقول لحزب الله إن المُسايسة في هذه الحرب ضرر وخطر على بقاء وجودكم وهيكليتكم، فالتقيه هنا لا تنفع،  وخاصة وكلكم تدركون أن الأساطيل لم تأتي من أجل غزّة، جاءت ضد حزب الله، وضد إيران اذا تدّخلّت معه، ولن تعد دون إنهاء وتفكيك حزب الله بعد إنهاء وتفكيك حماس _لا سمح الله_؛ ولدمّرت في طريقها المفاعل النووي الايراني وبنيته التحتية؟! إذاً المعادلات القائمة لم تعد نافعة وحامية، لأن العدو في حربه على غزّة قد تجاوز كل الخطوط الحمراء، وارتكب فظائع، وأحد أهدافه الخفيّة، ترويع وتحييد حزب الله إلى حين، ودائما ما يشير إلى ذلك  قيادة العدو في تصريحاتهم بجعل بيروت كغزة، وهذا هو الذي سيحدث إن تمّ الرضوخ لتهديداتهم، انتبهوا تظنون أنهم سيتجمّلون بعد غزّة، بضبط النفس والالتزام بعدم التوسيع اثناء عدوانهم على غزّة ! فكل المشاغلات والاستنزافات المنفّذة  من قبل  حزب الله  حتى الآن، كافية، لأن يشُنّ حرب ضد حزب الله وضد لبنان؟!؛ فلماذا الانتظار للدور والتسليم بالاستفراد، فبادروا  واسروعوا بالتوسيع  لتحمون غزة وفلسطين ولبنان والأمة، فبالتوحد قوة وانتصار! وقد امركم الله بالتوحد والاعتصام بحبله جميعا..

ما هو المطلوب إذاً؟ بعد أكثر من أربعين يوماً من العدوان على غزة..مطلوب..  الفزعة.. الفزعة.. الله.. الله.. واحذروا أن تكونوا من المتخاذلين؟!؛   

- ثَبُت لحد الآن أن النظام العربي والاسلامي بعمومه متخاذل، وعند الدخول في التفاصيل؛ فالبعض مع العدو، والبعض الآخر متواطئ، والبعض يحسب ويخاف؛ لا شك أن وضع الحكام لا يسر، وهم على  المحك؛ فإما الوقوف مع غزّة وفلسطين وقضيتها، وهذا ما يتطلب بالأحرى فعله من قبل وفد القمّة في الذهاب إلى امريكا أولاً، وليس إلى الصين التي هي مع غزة وفلسطين والعرب، مطلوب سريعاً التحرك إلى أمريكا واستخدام الضغوط والأوراق التي تجعل من امريكا بسرعة البرق تأمر ربيبتها بوقف العدوان وتدخل المساعدات وتمنع التهجير القسري أو الطوعي من غزّة؛فإن رفضت وتقاعست، فلا خيار لكم وبكل ثقلكم غير التوجّه إلى الصين وروسيا؛ وإما أن تقبلوا بالاستمرار بالتحرك وعلى مهلكم حتى يُستكمل إبادة غزّة، فالتقصير والتخاذل والخذلان،سيجعل غبار غزة لا شك سيصل إلى مصالح امريكا في المنطقة، واليكم مهما حاولتم وتحاشيتم..فالله.. الله.. غزة بانتظار غوثكم وإعانتكم وانقاذكم لها من الإبادة، وهذا التطهير المُذّل والمخزي لفخامتكم وجلالاتكم!؛ 

- إن حراك وتحركات الجماهير العربية لا تساوي عشرة في المائة مما يحصل في البلدان الغربية التي حكامها مع الكيان الصهيوني الغاصب.. الله.. الله.. في عروبتكم وفي اسلامكم، فهبوا للتداعي أكثر وأكثر.. فلقد جاءت اللحظة لتوحيدكم، وللوقوف مع قضيتكم المركزية الأولى فلا تقصروا ولا تتخاذلوا؟! 

- اللهم نسألك الثبات والتمكين والتوحد والمؤازرة، وعدم التخاذل أو الخذلان لأهلنا في غزّة البطولة والفداء، ولفلسطين،  اللهم نصرك الذي وعدت .. آمين اللهم آمين..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي