غزّة تُنَطِّق أطفالنا...

د. علي العسلي
الثلاثاء ، ١٤ نوفمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٥:٠٠ مساءً

  حوار بسيط جرى  بيني وبين ابنتي الصغيرة (ميار خالد المقطري)،ابنة ابنتي.. تراني  منهمك في متابعة الفظائع على  مدار الساعة، لما يجري على أرض غزّة العزة والكرامة والكبرياء.. وتلاحظ غضبي وانفعالاتي، خصوصا، عند الحديث عن النظام العربي الرسمي، وحتى الشعوب وفتورها.. واحتفاظهما بعلاقات مميزة بإدارة حكومات الدول الغربية، وهم يرون ذلك الغطاء اللا أخلاقي واللا إنساني  للمجازر التي تُرتكب من قبل الكيان الصهيوني ولا يحركون ساكناً، بل يحاولون مجاملة أمريكا وإرضائها .. تُرى.. ما هو المُسكّن الذي جعل الضمير العربي والعالمي لا يأبه بمحارق غزّة والدوس على الإنسانية؟ كيف لضميرهم أن يتحمّل هذا الإجرام على منشآت محمية بحماية خاصة بموجب القانون الدولي الانساني؟! الانسانية تُكنّس بعنابر اطفال الخدج، وبجثث الشهداء في ساحات المستشفيات التي لا تجد طريقا لقبرانها.. الإنسانية ومصداقية الدول والمنظمات الدولية تُداس بجنازر دبابات العدو الصهيوني، وببيادات جنوده، تداس بأقدام القبح والخسّة واللا إنسانية، ولا رحمة للإطفال الخدّج.. إنه والله العار وشنار على كل مُدّعي إنسانية، إن لم يجبر الكيان على التوقف، وإن لم يحاكم مسؤولوه على مجازرهم؟!  طبعاً حبيبتي (ميار) ذكيّة ولمّاحة..وهي في الصف الثالث، ومن التلاميذ المميزين، قالت لي لما أكبر سأخرج كل ما تكتبه الآن  بكتيبات ليطّلع أطفال ذلك الزمان، لما كان يجرى لأطفال هذا الزمان من مجازر ومآسي.. ثمّ سألتني أيمكنني أن أكتب مثلك الآن؟!..فقلت لها اكتبي! وعن أي موضوع ستكتبين؟!؛ قالت لا يوجد غير اسرائيل!! قلت لها أكتبي وسأنشره لك.. قالت سأكتب باسم محامية! قلت لها، ولماذا أخترتي هذا اللقب؟ قالت.. أرغب أن  أكون في المستقبل  محامية، فقلت لها لماذا لاتكوني طبيبة؟ كوالدك ووالدتك.. قالت.. لن أكون طبيبة، حيث الذي رأيته على شاشة التلفاز قد دفع بي، لأن أكون محامية في المستقبل، لأجرجر قيادة الكيان الاسرئيلي أباً عن جد في محاكم العالم،  ومحكمة الجنايات الدولية..  شاشة التلفاز أحرقت قلبي عليك وعليهم، وأنت تتابع.. وأني أرى معك ذلكم الدمار واشلاء الأطفال التي تُجمع بأكياس، وأسمع بعض تلك  المعاناة، وغلى الرغم من وجودها؛ أرى وإياك ذلك الصمود والشموخ الاسطوري  لأبناء غزة الابطال..  إن أكثر ما تألمت عليهم ورحمتهم هم الأطباء وأطقم مستشفيات غزّة، ومستشفى مجمع  الشفاء بصفة الخصوص، وهم لا يفرّون من مستشفياتهم، وقرروا الموت مع مرضاهم.. هم أبطال مقاومون، يتألمون ويموتون كمداً على جرحاهم ومرضاهم،عندما يرونهم يموتون ولا يستطعيون إنقاذهم، سمعت من اصواتهم الحزن والحرقة؛ فأدركت أنني لا استطيع أن أجاريهم، فأكون طبيبة.. عليّ أن أكون محامية لأدافع عن الإنسانية كي تبقى ضمير ووجدان وقانون منفّذ على الأرض، كي تبقى حيّة.. بعد أن أكملت حواري معها، عادت إلي  بعد مدّة، وقد كتبت بخط يدها المقال الآتي: (( "ياصهيوني يامعفن.." بقلم المحامية ميار خالد المقطري  يا صهيوني اين الحنية؟ اين الانسانية؟ اين عطفك عندما ترى الناس أمامك يموتون وانت تضحك..اين قلبك عندما ترى طفل أو شخص  يُجمع أعضاء جسمه وانت تضحك، بينماغيرك يبكي.. ياصهيوني يامعفن..نحن كناس، تظن أننا سنسكت.. نقول لا، بل سننهي هذا الذل، وسننهي تعاملنا وتصديقنا للدول التي هي مع اسرائيل أو التي تسكت على افعالها..اقول لهمم اسرائيل عفن وانتم لا تكذبوا معها، ولا تسكتوا على افعالها وما تقوم به من عفن..))  .. أريتم كيف أن غزّة قد نطّقت أطفالنا وجعلتهم يُعبّرون؟!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي