أخبار التبادل تعمّية على ما يُرتكب من جرائم!

د. علي العسلي
الاثنين ، ١٣ نوفمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٧:١٢ مساءً

يا ايها العالم المتحضر والمتأخر على حد سواء.. غزة أثبتت التساوي، فلا فرق.. إن الإنسانية كلها تدفن على أرض غزّة..الإنسانية يا كل أولئك، لا تتجزأ، فإما تأديتها دفعة واحدة، وإن كان ولابد؛ فهناك أولويات إنسانية مستعجلة؛ فالأولوية عند الأسوياء مثلاً هو العمل على  إجبار الكيان الصهيوني على  إيقاف عدوانه على غزة، ومنعه فوراً من قصف ومحاصرة  المستشفيات، والسماح الدائم بإمداد الوقود للمستشفيات المُنْقِذة للحياة، فأطفال الخدج لا يحملون سلاح،  ومن في العناية المركزة لا تقوى  ايديهم على حمل السلاح، وكذا المصابون والجرحى؛ ومن الأولويات خروج كل مصاب والتي لا تستطيع المستشفيات العاملة التعامل معه، ثم من الأولوية التي تليها، دخول كل المساعدات لكل قطاع غزّة باعتباره  قد نُكب بهذا العُدوان الوحشي الانتقامي، المفروض يدخل لغزّة كل ما يحتاجونه للإبقاء على الغزّاويين أحياء..ثم يأتي أخبار الحديث عن تبادل الأسرى وما شاكل، وتكرارها بحيث يطغى على ما يرتكب من جرائم وفظائع من قبل العدو،فالحديث عن التبادل ونجاحه من عدمه، يعد رفاهية.. فلم كل هذا التضخيم الاعلامي،  والإيحاء بصفقة التبادل؟ لا شك في أنه يصب في خدمة الإدارة  الامريكية في الانتخابات القادمة،  والصهيوني (نتنياهو)، لعلّها تنقذه من موته السياسي الذي ينتظره بعد انقشاع غمة المجازر الحادثة في غزّة... إن التطبيل للتوصل لإخراج الرهائن والكل يسهم بطريقته في الهزيمة  الانسانية والبشرية في مجمع الشفاء الآن، وربي إن ذلك، لهزيمة أخلاقية قبل السياسية.. كذلك التركيز والانتقاء على جنسيات معينة هو تمييز مقيت، ومبادلة أسرى بدخول شيء لا يكفي من الوقود خصوصا للمستشفيات، هو إهانة للإنسان بمساواته بالمادّيات، أو بربط البقاء على الحياة  باطلاق اسراء هم بصحة، هذا هو الجريمة المركّبة.. إن الهُدن التكتيكية كذلك أكبر جريمة بحق من هم تحت الاتقاض،فإخراجهم يحتاج لوقف العُدوان نهائياً.. وما يجري من تفاوض بشأن الرهائن أو ضيوف القسام، مساومة غير إنسانية، بل غير إخلاقية، إذ كيف يصح مثلاً أن يطلقوا مقابل دخول كم (لتر) وقود لا يشغّل المولدات ولا ينقذ لحياة، ومستشفى الجثث بساحاته ولا يستطيع دفنها من قنّاصوا الكيان للصهيوني وطائراته المسيرة .. كذلك من غير الأخلاقي ولا الإنساني ولا حتى من السياسي أن يصطف قادة الدول الغربية وبعض مؤسساتهم للمحتلّ والمعتدي المجرم، والمجرم بشكل أكبر لمن لهم حماية خاصة كالمستشفيات.. لا بل واتباع الداعمين، سياسة ممنهجة للتقليل من آثار جرائم الصهاينة، ولتبرير أفعالهم الإجرامية وتحميلها حماس؛  من أنها هي المتسبب، وهي من تتخذ المدنيين دروع بشرية.. والحقيقة والواقع يفنّدّ هذا التبرير، بشهادة كل الاطباء الأجانب وأشهرهم الطبيب النرويجي، الذي عمل لمدة ستة عشر سنة في مجمع دار الشفاء، وكذا المنظمات العاملة في غزّة، وكل الصحفيين العاملين، وكل النازحين المحتمين بالمستشفيات..  إن ما جرى في السابع من اكتوبر الماضي في طوفان الأقصى، لا ينبغي عقلاً ولا منطقاً ولا قانوناً ولا سياسياً أن يُطلق العنان من قبل الدول الغربية للكيان الصهيوني، ليمارس بشائعه وجرئمه وحقده وانتقامه بمحارق ومجازر كعقاب جماعي بإبادة شعب باكمله..بل كان ولا يزال المفروض أن يحاكم ويشنق قادة الجيش الصهيوني وقادة أجهزته الامنية لعدم استطاعتهم وفشلهم في حماية قطيع المستوطنين، ورفع القبعة لحماس التي تقاوم محتلّ كان يعدُّ العدّة لغزو غزّة ..أما الحديث والتبرير الممجوج من قبل قادة الدول الغربية الذين أعطوا الضوء الأخضر للكيان لاستباحة غزّة، فلا يعفيهم من المسؤولية القانونية والأخلاقية والانسانية.. ويا ( إيمانويل ماكرون)، لا أخلاقي أن تقول أن اسرئيل لا تتحمّل مسؤولية تعمّد إيذاء المدنيين الأبرياء في قطاع غزة.. عيب عليك هذا التصريح.. وعيب عليك تراجعك بعد أن تلقيت التوبيخ من (نتنياهو) .. ويا (بايدن) جرمك مشهود، وأنت عمّا يجري في غزّة مسؤول..  ويا ( جوزيب بوريل) حماس لا تتخذ من المدنين دروعاً بشرية لها، وقبل التعميم،  بإمكانكم أن تصلوا إلى الأعيان المدنية وتشاهدوا بأم أعينكم الاحتماء المُدعى، والمقرات التي تحت المستشفيات، ومعكم ايضاً انظروا، واحكموا من صار يحتمتي بالمدنيين الغزاويين، انهم  الجيش الصهيوني ودباباتهم هي من تحتمي بالمدارس والمباني، وعلى طريقكم انظروا واحكموا لحجم المأسات التي ارتكبتها ربيبتكم بين قوسين إسرائيل!؛ أما تبريركم بالقتل المخالف للقانون واتفاقية جنيف الرابعة فيوقعكم في الشراكة.. أختم فأقول؛ أن لإنسانية لا تتجزأ، والسياسي  الديمقراطي القانوني لا يجيز القتل وإهانة الإنسان ومخالفة القانون الدولي والإنساني؛ والسياسي الأخلاقي لا يظهر أمام جمهوره والعالم بوجهين ولونين ومبدأيين، ارضاءًا لعصابة محتلة معتدية تازّية، ولا يقف مع الظالم، حتى لو كان  متحالف معه، فليوقفه عن ظلمه، هذا هو الصائب.. ولاحول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي