بين ثقافة الطغمة والزمرة ونوال ومسعدة والكراهية والطائفية نفقد العمل السياسي ونفقد اليمن

د. عبده مغلس
الجمعة ، ١٠ يناير ٢٠٢٠ الساعة ٠٧:٠٦ مساءً

العمل السياسي الوطني هدفه ومشروعه ومهامه، مصلحة اليمن والنهوض بشعبه وتوحيده، ونقله من واقع التخلف للتقدم، وتوفير الكرامة الوطنية لمواطنيه، بعمل وصحة وتعليم وعيش كريم، ومواطنة واحدة متساوية وتعايش، وحرية القول والفكر، أما العمل السياسي الغير وطني فهدفه ومشروعه ومهامه عكس ذلك. 

وللعمل السياسي الوطني خطاب في القول والعمل، يترجم هدفه ومشروعه ومهامه، وإيصاله للناس، وتحويله لواقع ممارس يعيشه المواطنون، تغيير في ثقافتهم وفكرهم وحياتهم وسلوكهم، ليصنعوا حاضرهم ومستقبلهم واستقرارهم وتعايشهم.

وهذا الخطاب السياسي له منهجه وأدواته وأسلوبه وكلماته، في تقديم العمل السياسي بمشروعه الوطني للناس، لكننا اليوم نجد خطاباً سياسيًا عند البعض يؤصل لعمل سياسي مخالفاً لما سبق، فما نشهده في الخطاب السياسي لبعض القوى السياسية، وما يكتبه أنصارها في وسائل الإعلام المختلفة، يقوم على منهج وأدوات ومصطلحات، ليس لها أي علاقة باليمن ولا بالعمل السياسي الوطني وخطابه، بل تستهدف إلغاء الأخر، وتدمير العملية السياسية بمشروعها وخطابها، وتدمير المشروع الوطني والتعايش، وتمزيق الوطن والشعب الواحد، كما أنها ليست عملية نقد للعمل السياسي وخطابه، فالنقد مرتكز مهم لتقويم وتصويب العمل السياسي وخطابه، له منهجه وأدواته يستهدف الإصلاح لا التدمير، فما يمارسه البعض في خطابهم السياسي ليس نقدًا بل سفاهة وانحطاط وتدمير وتمزيق لليمن الأرض والإنسان.

وهذا الانحراف في العمل السياسي وخطابه، نجد له انحراف مشابه في عمل وخطاب بعض من يحملون شعار الإسلام منهجاً للتغيير ، فخطابهم قائم على التدين لا الدين، وفهمهم للنص الديني بذواتهم وثقافتهم، وزمانهم ومكانهم ومعارفهم، وليس بذاتية النص الديني ودلالته الزمانية والمكانية والمعرفية وأدواتها، هذا الخطاب يعمق المذهبية والطائفية، ويلغي الأخر ويُكفره،  ويمزق الوطن والدين، هذا الخطاب السياسي والديني يؤكد بان إشكاليتنا في أصلها ثقافية، أسست لها ثقافة مغلوطة، بفقه مغلوط، وخطاب سياسي مأزوم.

لنحرر مشاريعنا السياسية والدينية وخطابهما من الثقافة المغلوطة ومصطلحاتها مثل،الطغمة والزمرة، مسعدة ونوال، لغلغي، فرس، ابناء، عباهلة، عفافيش، هاشميين، إخونج، دواعش، عرب ٤٨، دحابشة، الهضبة، الدنق، مثلث الدوم، تعزي، تهامي، زنابيل وقناديل، رافضي وناصبي الخ.. 

فجميعها ليس لها علاقة بالعمل السياسي الوطني، ودين الله الحق وخطابهما، ولا بالنقد الهادف، الذي يحلل البرامج والمواقف السياسية، وقربها وبعدها، من الثوابت الوطنية وخدمة الوطن والشعب، والذي يستهدف تصحيح المسار والانحراف. هذا الانحراف والسقوط بالخطاب السياسي والديني، يؤكد عمق الأزمة اليمنية، بما يروج له من ثقافة تستنهض الكراهية والعصبية وتمزيق النسيج الإجتماعي والوطن، وهو خطاب يؤسس لصراعات وحروب لا تنتهي في كل قرية ومحافظة وهو ما تُدفع اليمن والمنطقة إليه.

إن سلوك الإنسان انعكاس لخياراته المؤسسة على  ثقافته، والمتابع للخطاب السياسي والديني المتعلق بالأزمات السياسية التي عصفت وتعصف باليمن، يجد أنه في الغالب خطاب مأزوم مدمر، يعكس ويستثير ثقافة الكراهية والعصبيات المختلفة، المناطقية والقبلية، الحزبية والمذهبية، العنصرية والطائفية، وهو خطاب يستهدف تمزيق النسيج الوطني، وتقطيع أواصر المحبة ووشائج الأخوة والعيش المشترك، وتدمير الدولة الوطنية، بتفكيك روابط مكوناتها، ويسعى لتفتيت الشعب اليمني إلى فيئات عصبوية متناحرة، كل منها متخندق في عصبيته وأرضه.

هو خطاب لا يخدم اليمن، الوطن والأرض، الدولة والشعب، فمحصلته النهائية، استبدال الوطن الواحد والدولة الواحدة، بأوطان ودول، مناطقية وقبلية وعنصرية ومذهبية وطائفية، واستبدال الشعب الواحد بشعوب المنطقة والقبيلة والعنصرية والمذهب والطائفة، والنتيجة الحتمية لهذه الأوطان والدول والشعوب حروب مستمرة دامية ومدمرة، تحرق الأخضر واليابس، وتقتل الحرث والنسل، وبهذا الخطاب نفقد العمل السياسي واليمن، ولا مخرج لليمن من كل هذا سوى شرعية فخامة الرئيس هادي ومشروعه اليمن الإتحادي بأقاليمه الستة، فهو الذي يحرر ثقافتنا وخطابنا السياسي، من هذه الثقافة المدمرة وخطابها وانقلابها، لنستعيد وطننا ودولتنا وعيشنا المشترك، وتنفيذ اتفاق الرياض بداية لذلك.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي