القبيلة احتمت بالثورة

كتب
الاثنين ، ١٨ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٥ مساءً
    محمد الشلفي أسقطت الثورة نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح بعد 33 عاماً، وجاء الوقت لفهم ما حدث خلال سنة كاملة 2011 أنتجت مرحلة سياسية جديدة في التاريخ اليمني، ليمكننا ذلك من معرفة ما علينا فعله باتجاه بناء الدولة المدنية. إن أسوأ تزييف يردد هذه الأيام من قبل البعض وخاصة من ينتمون إلى القبيلة هو القول بأن “القبيلة حمت الثورة”، ومقولة كهذا تسيء للثورة وللقبيلة ذاتها قبل أي شيء. وتعتبر المقولة القبيلة نداً للثورة الشبابية الشعبية السلمية لا جزء من الثورة، بل كانت طرفاً كان مهمته حماية الثورة؛ باعتبارها شيئاً ملموساً لا فعلاً aثقافياً لا يمكن تطويقه أو حمايته بمجموعة من الرجال المسلحين الذين يحملون ثقافة على النقيض من ثقافة السلمية، لقد كانت رغبة جارفة تتنادى متوحدة في أنحاء اليمن، من أجل هدف واحد هو الخلاص من نظام مستبد وفاسد، وبناء دولة تعيد الحقوق والإحساس بالكرامة والإنسانية لليمنيين. يعترف المنضمون من القبائل إلى الثورة بمشاركتهم في أخطاء النظام السابق، وبقدر ما يدل الاعتراف على حسن النوايا، فقد يوحي بمحاولة ليست بريئة للتقليل ليس من الأطراف الأخرى، ولكن من فكرة الثورة نفسها، فبحسب كلامهم الثورة قاصرة وضعيفة وبحاجة لمن يحميها وفعلت القبيلة، وإذن فمن قاموا بالحماية لم يؤمنوا بالثورة، بل انتهت مهمتهم بحمايتها، وسيعودون إلى دورهم السابق المتخلف عن أهداف الثورة في إقامة دولة مدنية أساسها المساواة والعدالة والحرية. كما قد توحي بمحاولة البحث عن دور يضاهي الثورة ذاتها أو انتظار ثمن لما يفترض أنه واجب لا مقابل له. لقد كان الفاعل الحقيقي في الثورة هم الشباب وفعلهم الثوري السلمي الذي حمى يحمي الثورة، رغم انصدامهم بواقع تتحكم به قوى ليس لها نهاية. فلم تكن الثورة مجرد ساحات فقط، بل عمل ثوري وسياسي لا تتشابه وسائله وطرقه مع وسائل القبيلة والسلمية التي اعتمدها الشباب هي وحدها من حمت الثورة، وهي الميدان الذي هزم فيه النظام السابق، أما ميدان الحروب فهي لعبته التي أتقنها وبسببها كسب جولات ضد الثورة. لم تكن الثورة بحاجة إلى طرف يحمل السلاح، يحميها من العدو الداخلي بل من أعداء يتكاثرون ويعملون على إجهاضها ليل نهار. بل إلى من يؤمن بعدالة القضية. أستطيع القول: إن الثورة هي التي حمت القبيلة من ثقافتها، وفي أشد اللحظات كانت هي المنقذ لها من نظام ليس له عهد. لقد كانت القبيلة ككيان موجود إنجازاً للثورة وليس العكس، حيث اقتنعت بترك السلاح جانباً والتقدم بصدور عارية أمام الموت، وحين فكرت بحمل السلاح أدى هذا إلى منح الطرف المعادي فرصة ليكسب المزيد من الوقت في التشويش على الثورة الشبابية الشعبية السلمية. القوة الاستثنائية لليمنيين أثناء ثورة الشباب الشعبية السلمية، سببها الرئيس أنهم توحدوا تحت هدف واحد بعيداً عن العصبيات سواء كانت سياسية أو قبلية أو دينية أو مذهبية، ليصبحوا بصوت واحد ضمن معادلة إذا حاولت فصل بعضها عن بعض تساوي نتيجة خاطئة. لنعد إلى فبراير حيث الساحة أمام جامعة صنعاء بحركتها الطبيعية المعتادة، هل القبيلة مؤهلة لأن تكون بديلاً للشباب ونواة الثورة ضد نظام صالح؟ وكيف ستتعامل القبيلة مع العالم القرية؟. كيف ستوحد اليمنيين كلهم معها؟ قلت قبل ذلك في مقال: إن محاولة إعلاء طرف أو التضخيم من دوره في الثورة، هي محاولة للالتفاف على إنجاز الشعب، وإذا ما علينا الحديث عن دورك، فمهم ألا تنسى أنك تتحدث عن ثورة كان للآخرين دور يكملك.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي