رسالة إعلامية

كتب
الاثنين ، ٠٧ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٠٦ مساءً
د.عمر عبد العزيز مما لا جدال فيه أن المؤسسات الإعلامية اليمنية تعيش في ذروة المخاض، وهو مخاض عسير كما يتبدّى للجميع.. وبالتالي فإن التحول العسير سمة واضحة المعالم في أداء الإعلام.. لأنه مقرون بالحالة المجتمعية الكاملة. علينا أن نعرف أن الإعلام اليمني اليوم يتشظّى أو يتنوع أو يتوزع إلى مستويين.. مستوى الإعلام الرسمي الذي ورث تقاليد في ظل نظام تعددي ظاهر، وشمولي في جوهره .. نظام انتمى حصراً لما أُسميه بالاتوقراطية الجمهورية التي لا صلة لها بالآداب والممارسات الخاصة بفقه الجمهوريات التاريخية المعروفة. وهنالك إعلام أهلي ينتمي ضمناً إلى ثقافة الاستقطاب أو إلى ثقافة المناوأة العدمية، إن جاز التعبير. وبالتالي، هذا هو الموروث القائم في الإعلام اليمني، ولا نستطيع أن نقول إن كل الإعلام يصب في مجرى إعادة إنتاج ما كان، من صنمية الإعلام الرسمي، أو تطيُّرات الإعلام الحزبي والأهلي، ولكنه يتلمّس الطريق نحو منطقة وسطى بين هذه وتلك، ولقد لمحت مثل هذه المسألة في أداء بعض الفضائيات اليمنية، وأداء بعض الصحف اليمنية، وأتمنّى على الصحف الحزبية وبعض الصحف الأهلية المُجيّرة ضمناً على الاصطفافات السياسية “الحزبوية”، وليست الحزبية بالمعنى المثالي للكلمة.. أتمنّى عليهم أن يلتحقوا بركب الخطاب المسؤول، والمغادرة الاجرائية لثقافة الرفض العدمي للآخر، والإعتقاد بأن ثمة طرفاً يمتلك الحقيقة كاملة. جميعنا متشاركون في صُنع الماضي بإيجابياته وسلبياته، وليس من أحدٍ يخلو من العيوب، وهذا ليس تعميماً أو حكم قيمة إطلاقي، ولكنه حقيقة موضوعية.. إلا أن مسئولية السلطة دائماً أكبر، لأن السلطة بيدها القرار، وبيدها إمكانية أن تنجز كثيراً من الأشياء الإيجابية. ولكن حتى المعارضة في أفقٍ ما مسئولة عما جرى ويجري حتى الآن. الجدل الخلاق واضح المعالم يعطينا كل المبرر لشق دروب جديدة، فما نقوله اليوم لم نكن نقوله قبل سنوات، وما كنا نقوله في المرحلة الانتقالية وبعد المرحلة الانتقالية ما كنا لنقوله في ظل نظام الشطرين.. تبعاً لذلك، هنالك اعتمال داخلي يحصل في المجتمع ويأخذ طابع المخاض. لكن هذه المخاضات في المجتمعات البشرية، هي السبيل الموضوعي والجبري للولادة، تماماً كأي قانون طبيعي. كل ما نراه الآن هو عبارة عن مخاض عسير وحالة من التفاعل الجدلي، وحالة من الحيرة. ولكن هذه المسائل في نهاية المطاف، تصب في مجرى التفتيح لخطاب جديد، لمنطق جديد في المواطنة..التفتيح لرؤية جديدة في الحياة. اليوم نحن نتكلم عن وطن أكبر، ونتكلم عن ذاكرة أشمل، ونُعانق مستويات معرفية وتعليمية ومهنية متعددة ومتنوعة، ونتكلم عن حالة موضوعية عالمية تفاعلية، حيث نستطيع أن نكون رافداً بنّاءً في هذا العالم، ويرانا العالم أيضاً بعدسات مبصرة ودقيقة. كل هذه العوامل لا بد لها أن تؤثر على المجتمع، ولا بد لها أن تعطي أملاً في إمكانية تدوير الملعب السياسي على قاعدة اللعبة الديمقراطية، واللعبة الديمقراطية ليست لعبة مثالية في إطلاقها، ولكنها تنتمي لفن المُمْكن السياسي والعملي، من أجل الخروج من حالة إعادة إنتاج ثقافة الماضي .. ثقافة الاحتراب .. ثقافة الالغاء المتبادل.. ثقافة التنافي العدمي، ثقافة القطيعة الابستمولوجية مع الأنا والآخر الإنساني. تلك الثقافة التي رمتنا في مجاهيل “السيكوباتزم” والفصام، على المستويين الشخصي والمجتمعي. [email protected]
الحجر الصحفي في زمن الحوثي