اليمن ودعاة التشطير

كتب
الأحد ، ٢٤ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٦:٤٢ مساءً

 

عندما استقلت عدن والمحافظات، فيما كان يسمى باتحاد الجنوب العربي، وتسليم بريطانيا السلطة للجبهة القومية دون الفصائل الأخرى، ومحادثات جنيف وخطة همفري تريفليان لإقامة دولة شيوعية تهدد المنطقة حتى تم بيع السلاح، كما ذكر ذلك وأورده في مذكراته وزيارة سير كيندي تريفاسكس لتعز ورئاسته المؤتمر في تسليم السلطة واستبعاد جبهة التحرير وضربها بقوة وبعدها تمكنت الجبهة القومية وبدأت الصراعات بين أجنحتها وتمت تصفيات للعديد من القيادات على رأسهم قحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف وخربوا العوالق وقتلوا وسحلوا العلماء ثم صودرت الممتلكات وأممت وهرب الناس وكانوا أصحاب عز إلى دول الجوار التي آوتهم وأكرمتهم بأخوة وترحاب وبعضهم رحل إلى شمال الوطن وظلت الأمور كذلك وأصبحت البلاد في قبضة المتطرفين وتم مسخ الهوية ومحاربة الدين وفرض منهج الماركسية بالقوة. وكانت هذه القوى تطالب بنقل الثورة لشمال الوطن وأرسلت الجبهة الوطنية وتم اغتيال عضو المجلس الجمهوري محمد علي عثمان ثم محاولات اغتيال للإرياني وإرسال عصابات الإرهاب والتفجيرات، ونشأت حروب لولا تدخل الدول العربية، واستمر الوضع كذلك وتم بعدها قتل القاضي عبدالله الحجري بلندن بالتعاون مع جورج حبش، بالإضافة لتصدير الثورة لعُمان ودعم متمردي ظفار رغبة في إقامة دولة ماركسية كبرى لصالح روسيا. واستمر الصراع وقتل سالم ربيع علي بيد عبدالفتاح وأصحابه وعلى رأسهم علي سالم البيض وغيره، وبعدها تم الاختلاف مع عبدالفتاح وجاء علي ناصر واختلف مع البيض وغيره، وكانت حرب 13 يناير وما حصل فيها، وغيره من التاريخ الذي أسدل عليه الستار اليوم. وبعد سقوط نظام الشيوعية وتخلي يلتسين عن ذلك البرنامج ورفضت أمريكا التعامل مع بقايا الأنظمة الشيوعية وأوروبا الشرقية إلى غيرها.

 

كانت الوحدة هي المخرج لإنقاذ رموز النظام الماركسي المنهار وتم سلق الوحدة بطريقة شراكة مصالح وعندما تولى هؤلاء المناصب وحصلوا على الغنائم ونسوا أبناء بلادهم، وكان علي سالم البيض رجلاً انعزالياً عكس عبدربه منصور الذي هو رجل منفتح ووطني، وتوترت الأمور بعد الصراع على الغنائم وجاء السيد عبدالرحمن الجفري بعد أن كان منفياً من نفس حلفاء اليوم ويعرف جيداً ماذا كانوا يطلقون على حزبه من صفات ونعوت إلى الإعلام في ذلك العهد، ولكن بعد أحداث الخليج وموقف علي عبدالله صالح الخاطئ الذي أساء إلى اليمن وجعلها في الموقف الذي يتنافى مع مبادئ الأخوة والوفاء، وانهارت علاقة اليمن مع أشقائها، وعندما حصلت حرب 94 التي أدت إلى شرخ بسبب موقف علي سالم البيض ومن معه في إعلان الانفصال بطريقة غير دستورية مثلما فعل بالوحدة، وحصلت ممارسات من أشخاص في الجنوب وفي تعز والحديدة وغيرها، وعانت اليمن من أزمات متتالية، ولكن قادة الحزب الاشتراكي بعد أن وجدوا أنفسهم بلا غطاء روسي أو صيني أو بلغاري ورفض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لجأوا للعنصرية والتمزيق والتفريق وقلبوا الأمور وغيروا الأجندة ليعودوا للحكم.

 

كل هذا يقتضي أن نعيد الأمور إلى نصابها ونتحدث بالعقل وليس بلغة الكراهية، هؤلاء القادة هل كانوا ملائكة أم أنهم صادروا ونهبوا ممتلكات أبناء الجنوب المشردين في الخليج وغيرها وعمارات وفلل تملكها قادة الحزب وصادر بعضها زملاءهم من المؤتمر الشعبي وهكذا.. والآن وبعد ممارسات خاطئة قامت ثورة التغيير وهبت الأوضاع السابقة كان الواجب مساعدة الرئيس عبدربه منصور وهو أبناء الجنوب، وكذلك رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة وكلهم أصحاب تجربة ويريدون الخير لليمن جميعا، ولكن أن يمد هؤلاء القادة أيديهم باسم العنصرية لتنفيذ أجندة لدولة تريد الحرب الأهلية في المنطقة والصراعات وهم يعرفون أنهم ليسوا على رأي واحد من أجنحة الاشتراكي إلى الرابطة إلى السلطات إلى الجماعات الإرهابية... إلخ. كل هذا لا يمكن تجاهله ودول المنطقة تدرك هذا الوضع الصعب وخطره على أمنها واستقرارها لأنها ليست غريبة عليه وعلى ما يجري هناك وهي تعرف ماذا ما بعد ذلك من نتائج أمن المنطقة المستهدفة.. ويدرك هؤلاء أن العالم اليوم يسعى للوحدة وأن دول الخليج في الطريق للوحدة واليمن مرشح للاندماج بعد تسوية أوضاعه وإصلاحه.

 

أما الحديث عن هوية الجنوب وهوية الشمال فأمر غريب فنحن هويتنا الإسلام ونحن عرب وأبناء بلد واحد ومتداخلون وديننا يحرم دعوات العنصرية ورسولنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم جاء ليقول "لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى". ويصف الدعوات العنصرية بأنها منتنة ويقول القرآن (إنما المؤمنون اخوة)، وأنصح السادة القادة بأن يقرأوا سيرة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويذكروا شعاراتهم التي ظلوا سنين يحملون ويقتلون الناس لأجلها واليوم لأجل السلطة يبثون عقائد الكراهية والعنصرية والحقد ويسعون لحرب أهلية ويثيرون العنصرية المقيتة بدلاً من الجلوس وحل المشاكل والالتزام بمبادئ الإسلام الذي أعزنا به وهم قبل غيرهم يعرفون أن الكعكة لن يصلوها لأن المتنافسين كثر جدا وهناك أطراف، فالسلاطين لم يأخذوا بثأرهم والجماعات الإرهابية والأجنحة الأخرى كذلك ودماء الماضي تحت الرماد، فليتقوا الله. وعلى الدول العربية ألا تسمح لإيران بالعبث بأمن الجزيرة العربية من خلال اليمن ويضعوا برنامج وخطة حلول لجميع الأطراف بما يحفظ استقرار اليمن ورفض تقسيمه ورفض الطائفية والعنصرية والمناطقية والمساس بسيادة الدولة.

الشرق 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي