الانفصالي الحقيقي في صنعاء

تيسير السامعي
الثلاثاء ، ٠٢ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٢٣ مساءً

 

كان بإمكان جماعة الحوثى حل أزمة السيولة النقدية، التي تعاني منها المناطق الخاضعة لسيطرتها، بطريقة سهلة، وبشخطة قلم، وذلك من خلال التراجع عن قرارها السابق، الذي يقضي بمنع التعامل بالعملة الجديدة الصادرة عن البنك المركزي اليمني في عدن.

هذا القرار، إضافة إلى أنه كان سينهي أزمة السيولة النقدية، كان سيحقق فوائد كبيرة لصالح اليمن الكبير؛ أهمها أنه كان سيعزز اللُّحمة الوطنية، وينهي حالة التمزّق والانقسام الحاصل في المجتمع اليمني، من خلال إنهاء الانقسام النقدي الذى أرهق الموطن اليمني،  بل إن هذا القرار كان سوف يسحب المبررات التي يطرحها اليوم بقوة التيار المطالب بالانفصال في المحافظات الجنوبية.

إضافة إلى ذلك، كان سيفتح أبواب الأمل أمام الناس، ويعطي رسائل تفاؤل لجموع الشعب بأن السلام قادم، وأن هناك جدية في الوصول إلى توافق ينهي الحرب المستمرة منذ عشر سنوات، لاسيما وأن هناك خارطة طريق قد تم الاتفاق عليها، ولم يتبقَّ إلا التوقيع عليها فقط.

ذهاب جماعة الحوثي إلى إصدار عملة جديدة سيقضي على ما تبقى من أواصر الوحدة الوطنية، ويعطي مساحة أكبر لتيار الانفصال، وسيضع المتمسكين بالوحدة من أبناء الجنوب أمام مأزق كبير.

بمعنى آخر، هذا الإجراء من قِبل جماعة الحوثي يعد فعلا انفصاليا يجعلنا نقول إن الانفصال الحقيقي في صنعاء وليس في عدن، وأن من يمارس الانفصال الفعلي هو من يحكم صنعاء وليس من يحكم عدن. 

إصدار عملة معدنية جديدة في صنعاء، ورفض التعامل مع عملة البنك المركزي في عدن، ليس له إلا تفسير واحد هو أن  جماعة الحوثي تضع أيدلوجيّتها وأفكارها الدينية ومصالحها الاقتصادية كأولوية مقدّمة على مصلحة اليمن الكبير.

السياسي المخضرم، الدكتور ياسين سعيد نعمان، يقول: "إن الذي يريد السلام سيبحث عن معالجات مختلفة تجعل من الاقتصاد والوضع النقدي والمالي عاملاً إيجابياً في معادلة السلام، وهي متاحة، وسيشكّل الأخذ بها أبلغ دليل على الرغبة في إنهاء الحرب". 

ويضيف: "أما الذهاب إلى تحطيم آخر عنصر سيادي في الدولة، فلا شك أنه متمسك بمساره المغامر والطائش، والمصمم على مواصلة تدمير هذا البلد".

الحجر الصحفي في زمن الحوثي