الشعب اليمني .. 9 أعوام من الألآم والأحزان والمآسي ..!!

ابراهيم ناصر الجرافي
الثلاثاء ، ٢٦ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٥٨ مساءً

 

تسعة أعوام إنقضت منذ بدء الحروب والصراعات والتدخلات الخارجية في اليمن ، ولا أمل يلوح في الأفق لأي حل يمكن أن يفضي إلى وقفها وتحقيق السلام الشامل والعادل ، وذلك بسبب أن هذه الحرب قد تجاوزت بعدها المحلي وأصبحت ذات أبعاد إقليمية ودولية ، والسبب الثاني هو تعنت أطراف الصراع ، ورفضهم تقديم أي تنازلات يمكن أن تساهم في الوصول إلى تسوية سياسية شاملة ، ويمكن أن تساهم في وقف نزيف الدم اليمني ، ويمكن أن تساهم في رفع المعاناة والمآسي من على كاهل الملايين من أبناء الشعب اليمني ، التي يتجرعونها كل يوم ، كونهم الخاسر الأكبر مما يجري ، فهم من يدفعون الثمن الباهض لهذه الحروب والصراعات والتدخلات الخارجية ، وهم من يذوقون مرارة الجوع والخوف والمرض والفقر ، وهم من يتلظون بجحيم الفوضى والظلم وفقدان الأمن وانعدام الإستقرار ، وإنهيار الإقتصاد ، والحرمان من حقوقهم وحرياتهم ومرتباتهم ، وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة خلال 9 أعوام على التوالي ..!! 

 

في ظل اللامبالاة من قيادات بعض أطراف الصراع ، الذين أثبتت الأحداث والشواهد أنهم الرابح الأكبر من إستمرار الوضع كما هو عليه ، بعد أن أصبحت الحرب بالنسبة لهم تجارة رابحة ورائجة ، حققوا من خلالها الكثير من المكاسب التي لم يكونوا ليحلموا بالحصول عليها في ظروف غير هذه ، لذلك نراهم أكثر الناس حرصاً على إستمرار الحرب ، وأكثر الناس حرصاً على إفشال كل مساعي السلام ، وأكثر الناس رفضاً للشراكة الوطنية ، وأكثر الناس عملاً على دق طبول الحرب ، وأكثر الناس حرصا على استمرار الحال كما هو عليه ( لا حرب ولا سلم ولا دولة ولا نظام ولا قانون ولا واجبات ولا مسئوليات ولا اقتصاد ولا حقوق ولا حريات ولا خدمات ولا مشاريع ولا رقيب ولا حسيب ....الخ )، كيف لا وهذه الحرب قد أصبحت بالنسبة لهم فرصة العمر التي لا تعوض لتحقيق المزيد المزيد من المصالح والمناصب ، وتجميع الكثير الكثير من الثروات والأموال ، والإستمرار أطول فترة ممكنة في السلطة والثسلط على رقاب الشعب ، فالكثير من قيادات أطراف الصراع ، مناصبهم ومكاسبهم ومصالحهم باتت مرتبطة بشكل مباشر بإستمرار الأوضاع كما هي عليه ، لذلك نراهم أحرص الناس على استمرارها وديمومتها ، دون مراعاة لنتائجها الكارثية على ملايين البشر ..!! 

 

إلى هذه الدرجة شبق السلطة وعشق التسلط ، يمنع الإنسان من الشعور بمعاناة ومآسي شعب ، ويحجب عن ضميره الإحساس بأنين وألآم وأحزان مئات الألاف من اليتامى والأرامل والثكالى والمشردين والجائعين والمحرومين ، كل ذلك رغم أن حل الأزمة اليمنية ، ووقف الحرب وتحقيق السلام ، ووقف التدخلات الخارجية ، ليس بالأمر الصعب ، بل إنه في متناول الجميع ، في حال توافر الضمير الإنساني والمسئولية الوطنية والإرادة الحرة والاستقلال السياسي ، والإحساس بمعاناة ومآسي الشعب ، وكل ما في الأمر هو قبول من يسيطرون اليوم على السلطة بالسلام ، وإعادة تقسيم السلطة والحكم والنفوذ والمناصب فيما بينهم ، والقبول بالآخر ، والقبول بالمواطنة المتساوية ، والالتزام بالقوانين والأنظمة واللوائح النافذة ، وكل ما سبق هو في مصلحة قيادات جميع أطراف الصراع ، والإلتزام والقبول بهذه الأمور ليس بالصعب ، ولا يشكل خسارة كبيرة عليهم ، فقد جمعوا من الثروات والأموال ما يكفيهم لمئات السنين ، كما أنها ليست بالطلبات التعجيزية ، بل إنها أمور سهلة في حال توافرت الإرادة والمسئولية الوطنية ، وفي حال تمكنت تلك الأطراف من فك ارتباطها بالمشاريع الخارجية التي ربطت نفسها ومصيرها ومصير الشعب اليمني بها ..!! 

 

وفي كل حال وفي ظل الظروف والمعطيات والتوازنات السياسية والعسكرية القائمة اليوم داخلياً وإقليمياً ودولياً ، فإنه من المستبعد سيطرة طرف على حكم اليمن بالقوة ، ففي نهاية المطاف عاجلا او آجلا سوف يتم إجبار وإخضاع جميع الأطراف على القبول بالشراكة الوطنية كخيار وحيد ، ومهما ظن أمراء وتجار الحروب بأن الأمور والأوضاع والمتغيرات تعمل في صالحهم ، فإنه سوف يأتي اليوم الذي يتكوون فيه بنار الحرب ، وسوف يأتي اليوم الذي يخضعون فيه للسلام ، ويجبرون فيه على تقديم التنازلات ، والقبول بالشراكة الوطنية ، لأن الخيارات تضيق أمامهم كل يوم ، ولا يمكن أن تستقر سلطة أي طرف، ولا يمكن أن تنعم قيادات تلك الأطراف بالأمن والأمان ، في ظل ظروف اللا حرب واللا سلم القائمة ، وليكن معلوما لدى الجميع بأنه من المستبعد حدوث أي استقرار دائم في اليمن ، إلا بقبول جميع الأطراف بالقرارات الدولية ذات الصلة ، ومن يظن أن باستطاعته تجاوز القرارات الدولية أو القفز من فوقها أو التحايل عليها فهو واهم واهم واهم ..!!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي