من المبادئ الحضارية في العقيدة الإسلامية..!!

ابراهيم ناصر الجرافي
الثلاثاء ، ٢٧ فبراير ٢٠٢٤ الساعة ١١:٠٢ صباحاً

لقد جاءت العقيدة الإسلامية بالعديد من المبادئ والقيم الحضارية والإنسانية ، في مقدمتها مبدأ ( تحرير الإنسان من براثن الكهنوت الأرضي ) ، وهذا مبدأ حضاري عظيم يحمل في طياته أعلى مراتب الحرية والتحرر لكل بني الإنسان ' وذلك من خلال تحرير الإنسان من العبودية لغير الله تعالى ، فلا يجوز في الإسلام بأي حال من الآحوال العبودية والخضوع والتذلل لأي مخلوق كان ، فقد خلق الله تعالى الإنسان حراً ويجب أن يعيش حراً طالما وهو لا يعتدي على حريات وحقوق الآخرين ' وهذا المبدأ يعرف بمبدأ الحرية الإنسانية ، والذي يهدف إلى القضاء على كل قيود العبودية والكهنوت الأرضي ، التي كبلت الإنسان بالكثير من القوانين والعادات والتقاليد والأعراف السلبية، والتي سلبته أغلى ما يملك في هذه الحياة وهي الحرية ' ولكن للأسف خالف العديد من المسلمين هذا المبدأ العظيم ، وراحوا يخضعون لحكامهم وسلاطينهم ، ليصنعوا بذلك الكهنوت الأرضي بأيديهم ويعظموه ويقدسوه ، ورغم تلك الممارسات السلبية وغير الحضارية ، إلا آن العقيدة الإسلامية تظل هي العقيدة العظيمة التي تنشد للإنسان الحرية والعزة والكرامة في كل زمان ومكان ، ولا تقبل منه إلا أن يكون حراً عزيزاً كريماً ' وهذا المبدأ من أهم المبادئ الحضارية الحديثة التي يتغنى بها الفكر السياسي الغربي الحديث ..!! 

 

ومن أهم.المبادئ التي جاءت بها العقيدة الإسلامية مبدأ ( تحرير العقل البشري من براثن الخرافات والأساطير ) ، فلم تتردد العقيدة الإسلامية لحظةً واحدة في الدعوة إلى تحرير عقل الإنسان من الخرافات والأوهام والأساطير ، التي تتناقض مع الحقائق والدلائل العقلية والعلمية ، وفي ذلك تأكيد على ضرورة تفعيل العقل من خلال البحث العلمي ، للوصول الى الحقائق ، بعيدا عن الخرافات والآوهام ، وهذا المبدأ من أهم مبادئ تطور وتقدم الحضارة الإنسانية ، وللأسف أهمل المسلمون هذا الجانب وساروا وراء الخرافات والأوهام ، وبدلا من البحث العلمي في الواقع المادي المحسوس ، الذي أمرهم ربهم في التفكر والتعقل والنظر والتآمل فيه ، ذهبوا يبحثون في الواقع غير المحسوس ، في الخلافيات والغيبيات والفلسفيات ، التي هي خارج قدراتهم وامكاناتهم العقلية ، مخالفين بذلك توجيهات الله تعالى التي تدعوهم الى البحث في ما يقع تحت السمع والبصر وفي حدود القدرات العقلية ، قال تعالى ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أؤلئك كان عنه مسئولا ) ..!! 

 

كما جاءت العقيدة الإسلامية لتؤكد على واحد من أهم المبادئ الحضارية والإنسانية وهو مبدأ ( الحرية الدينية ) ، لأن موضوع الإيمان والعقيدة موضوع قلبي ، لا يمكن أن يتم إلا من خلال الإقناع والاقتناع الذاتي ، ومن غير الممكن بناء عقيدة صحيحة وقوية في قلب إنسان بالإكراه والإجبار ، قال تعالى ( لا إكراه في الدين ) ، وبذلك يكون مبدأ حرية التدين من المبادئ الحضارية التي دعت اليها العقيدة الإسلامية ، قبل دعوات الغرب لذلك بالف واربعمائة عام ، ومن ضمن المبادئ الحضارية التي جاءت بها العقيدة الإسلامية مبدأ ( المسئولية الشخصية ) ، ذلك المبدأ الذي أكدته العقيدة الإسلامية ، حيث جعلت كل إنسان مسئول مسئولية شخصية ومباشرة عن كل آعماله ، ولا يتحمل أي مسئولية عن أعمال الآخرين ، قال تعالى :- ( ولا تزر وازرة وزر اخرى ) وقال تعالى :- ( يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل إمرء منهم يومئذ شأن يغنيه ) ، وهذا المبدأ الحضاري يؤكد أن الإنسان مسئول فقط عن أخطائه وآثامه الصادرة منه بشكل مباشر ' كما أن هذا المبدأ يعزز مفهوم العقلانية والمنطقية ' فالشخص عليه أن يستخدم قدراته العقلية بشكل إيجابي ' وأن لا يسمح للآخرين بأن يفكروا بالنيابة عنه ' وهذا المبدأ يهدف إلى تحرير الإنسان من براثن الإستغفال والغباء والتبعية الفكرية والمذهبية ..!! 

 

وهناك العديد من هذه المبادئ التي لا يتسع المجال لذكرها ، إن عقيدة تحمل في طياتها مثل هذه المبادئ الحضارية ، هي بحق عقيدة الحرية والتحرر والكرامة والعقل والعلم ، وتعمير الأرض ، وبناء وتطوير وتقدم الحضارة الإنسانية ، ومن المستحيل أن تكون عقيدةً لترسيخ ثقافة العبودية والجهل والتخلف والهدم والتطرف والتشدد والإرهاب وتسويق الخرافات والأساطير ..!!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي