ما يمكن استفادته من التّصنيف الأمريكي!

د. علي العسلي
الاربعاء ، ٢١ فبراير ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٤١ مساءً

 

إن تصنيف الأمريكان الجديد للحوثيين أقل حدّة، ويعد ناعماً قليلاً من تصنيفهم السابق للحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية. ولا بأس بذلك، المهم أنها تُراجع قرارها، وتدرجهم ضمن قوائم الإرهاب!

واسمحوا لي هنا أن أُجمل ما يمكن استفادته من التصنيف، فلو استخدمت الشرعية عقلها، واتخذت القرار المناسب، ووظّفت دبلوماسييها في تحرك نشط وفعّال، ومن دون تشكيك أو تقليل بالتصنيف.. فأقول؛ لربما قد يستفاد من التصنيف الأمريكي للحوثيين كمنظمة إرهابية في المسائل الآتية:

في التصنيف تجميد جميع أصول الجماعة الحوثية (أفراد وكيان)، ومنع المشاركة في أي معاملات مالية أو تجارية معهم.. 

ويقال ان الشركات الأوروبية تدفع حالياً رشاوي للحوثي مقابل عبور السفن وناطق الحوثي هو من يدير الاموال في الخارج..فرصة الشرعية ضمن هذا السياق أن تتحرك، ليس ذلك وحسب وانما تبرزه إن كان صحيحا وتعكسه على الشعب اليمني والعربي ليعرف حقيقة الحوثيين، وأن غزة لم تكن في حساباتهم؛ في حسابهم فقط باسم غزة جمع الأموال وتثبيت الوجود، وتغيير ثقافة ومعتقدات الناس، واهانة الدكاترة والطلبة بتدريبهم وتسليحهم ضمن تعبئتهم القذرة لمحاربة الشعب اليمني!؛ 

فالحوثيون لا يستهدفون في عملياتهم السفن المتجهة نحو فلسطين المحتلة فقط، وإنما كذلك المتجهة نحو اليمن.. هم يتعمّدون إحداث الأذى على اليمن ومصر والأردن وعُمان وجيبوتي أما "الكيان" فلم يتأثر بنفس الدرجة.

وفي التصنيف أيضاً إحراج لسلطنة عُمان في استضافة بعض الإرهابيين بحسب التصنيف الأمريكي، لا بل ينبغي مطالبتها بعدم إيواء إرهابيين في بلدها.

في التصنيف كذلك القضاء على تمويل الحوثة وتسليحهم.. وهنا ينبغي التركيز على إيران، فقد ثبت أنها هي الممول والمسلح والمستخدم لهذه الجماعة. وهي التي تتباهى وتفتخر بضم العاصمة صنعاء الرابعة إليها، وهي من صرحت بعد عمليات الحوثي في البحر الأحمر من أن البحر قد صار تحت قبضتها وسيطرتها!

والمطلوب أن تتقدم الشرعية بالسرعة الممكنة بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي ضد إيران لتدخّلها بالشؤون الداخلية لليمن، وتهديدها للاستقرار في اليمن وفي المنطقة كلها، ومطالبته باتخاذ قرار يمنعها من التدخل، ويفرض ضدها عقوبات إن هي أستمرت.

وعليه.. فالتصنيف يمكن الاستفادة منه بوجود علاقة ارهابية بين الحوثين والحرس الثوري الإيراني، وعلى اعتبار أن الحوثين امتداد للحرس الثوري، فينبغي معاقبتهما معاً.

فالتصنيف في مبتغاه هو الوصول لقطع الحبل السّري بين هذه الجماعة وإيران، وهذا لمصلحة اليمنيين والمنطقة.

ومن التصنيف ينبغي البناء على تطوّر الموقف الأمريكي، والتحوّل من اعتبار الحوثي مكوّن سياسي "معارض" فيما مضى، إلى منظمة إرهاببة عالمية غير قابلة للتعايش والمشاركة في الحكم.

وفي التصنيف بروز إيجابية للإدارة الأمريكية، إذ أنها أدركت خطأها وهي في حالة مراجعة وتقييم مستمر لمواقفها تجاه الحوثيين، حيث كانت في السابق ترى أن ما كان يجري في اليمن حرباً أهلية داخلية، واليوم تصف الحوثي بذراع إيران، وبأنه منظمة إرهابية عالمية، ينبغي الاستفادة من هذا التوصيف والتصنيف قدر الإمكان.

والتصنيف أيضاً أثبت وأكد صوابية الموقف والتحرك الصحيح للسلطة الشرعية والتحالف العربي من أجل الضغط لإنهاء الانقلاب، وعدم تمكين إيران من السيطرة على اليمن والمنطقة.. وهذا بحول الله سيستمر..

فلقد تعمّدت امريكا التفريط بدم اليمنيين، حين أعاقت التحالف من إنجاز أهدافه، وحين رفعت الحوثي من قوائم الإرهاب عندما كانت الدماء اليمنية تسير أنهاراً جراء العدوان الحوثي على كل اليمنيين، وأعادتهم بشكل مخفف وناعم عندما استهدفت هذه الجماعة السفن المتجهة لربيبتها إسرائيل.

ويا أيها العالم، أبعد أن رأيتم الصواريخ النوعية والغواصات بيد الحوثي، وأخطرها وأشدّها ضرراً هي صناعة عسكرية إيرانية؟! رأيتم وذقتم الآن ما ذاقه اليمنيون منذ عدّة سنوات؟!

غير أنكم مصرون حتى اللحظة بتأديب الوكيل تأديباً، ولم تصلوا بعد للمشغّل! فمتى ستصلون إلى معاقبة الوكيل والمشغّل معاً؟!

ويا أيتها الشرعية.. الحكمة تقتضي تسريع الخطى في تفنيد السردية والكشف عن حقيقة الحوثي، وإبراز جرائمه وانتهاكاته، فقد تكون بعد التصنيف طريقاً للتغيير واستعادة الأمن والسلام لليمن والمنطقة.

وأجد أن التصنيف يُمثل أيضًا فرصة للتعاون الدولي في مكافحة التطرف والإرهاب، فمن خلال تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، يمكن للدول والمؤسسات الدولية اتخاذ إجراءات جادة لقطع مصادر تمويلهم ومنع انتشار تهديداتهم. 

ويمكن عتبار التصنيف ايضاً محفزاً للجهود الدولية للوساطة والتسوية السياسية في اليمن، من خلال زيادة الضغط على الحوثيين وإيران لقبول حل سياسي يعيد السلام والاستقرار إلى البلاد.

 فالتصنيف ينبغي التذكير بأنه ليس هدفًا في حد ذاته، بل يجب أن يكون وسيلة لتحقيق أهداف أكبر تتمثل في استعادة الدولة وتثبيت سيطرتها وهيبتها وتعزيز الأمن والاستقرار في اليمن وفي المنطقة، وحماية السلم والأمن الدوليين من التهديدات الإرهابية.

وفي الختام، اعتقد أن اللحظة متاحة للحكومة الشرعية للتحرر من القيود المفروضة دولياً، وينبغي لها الاستفادة من التصنيف بالتعاون مع المجتمع الدولي لوضع حد للانتهاكات الحوثية واستعادة السلام والاستقرار لليمن والمنطقة.. 

اللحظة متاحة للشرعية الآن، لإنهاء اغتصاب الحوثي للمناطق واستعادتها، فإذا لم تبادر هي الآن، فلا تؤمل بالغد.. ينبغي الاستفادة من تعاطف دول العالم وحماقة الحوثيين وكثرة اخطائهم وخطيأتهم..

 تحركي ياشرعية بقوتك وإرادة الشعب اليمني، وسيتساقط الحوثي أمامك كأوراق الخريف.. ففرصة استرداد ما اغتصب ومحاكمة الحوثة على إرهابهم وجرائمهم متاحة، فلا تترددي!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي