وضوح الرؤية يحدد أولوية المرحلة! (1)

د. علي العسلي
السبت ، ١٧ فبراير ٢٠٢٤ الساعة ١٠:١٧ مساءً

 

جميل جداً أن يتحدث كبار مسؤولينا كرئيسي مجلس القيادة الرئاسي والحكومة عن مصفوفات مستقبلية للأولويات؛

 فالأول يطرح مصفوفته التي فيها اهتمامه وأولوياته ، والثاني يَعِدُ بتحويلها إلى برامج تنفيذية عملية وميدانية، ويضيف أولوياته ايضاً!

ولأول مرّة ارى تغطية جيدة لمصفوفة الرێيس وما قاله رئيس الوزراء، فقد غطّيتا بشكل جيد،وبامكان المهتمين الاطلاع عليهما..

وجميل جدا أن يبدأ الدكتور احمد عوض بالادلاء بالتحديات الماثلة، وثقته بتحويلها لفرص، وذلك الاهتمام بعدن والمواطن، وتطلعه بأن ينال رضاه.. ثم يلحقها بزيارت مفاجئة لبعض الدوائر الحكومية للإطلاع وحل مشكلات المواطنين من شباك المعاملات بنفسه، والاتصال بالمحافظين وغير ذلك من النشاطات! 

غير ان الملاحظ في مصفوفة الأولويات المقدّمة من قبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أن بعض الأولويات تحتاج لأولويات مكملة لإزالة التعارض.. مطلوب من الحكومة ايجاد توازنات بين الأولويات المقدمة عند التنفيذ..

والتنافر في الأولويات قد يحصل أحياناً بسبب عدم وضوح الرؤية؛ أو بسبب الموقف والتقدير بين مستويات المكونات المشاركة والداعمة، وكذلك بين مستويات وسلّم الهرم الوظيفي باختلاف درجاتهم وأولويات كل منهم.

 ولا بد من تجنب تعارض وتشتت الأولويات، فالأولويات المتعددة أو المهام المزدوجة تجلب لا شك الانخفاض في مستوى الاداء! 

ولتجنبها ينبغي تحديد اهداف تكميلية متوافقة ومترابطة مع بعضها البعض بدلاً من أهداف متنافرة. ولابد من تقييم الاهداف وقابليتها للتحقيق، خصوصا إذا كانت تتنافس على الموارد المحدودة أصلاً.

وضروري المحافظة على التوازن بين الاهداف القصيرة والطويلة المدى. وضروري ترتيب الاهداف بحسب الأهمية والوقت المتاح لتنفيذها، ولابد أن تكون الأهداف مرنة ليسهل تعديلها وتحديثها بانتظام. 

وأهم ما يجعل الأولويات "متوافقة" وليست "متنافرة" هو "وضوح الرؤية". 

والرؤية بالنسبة لرئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي واضحة بموجب إعلان نقل السلطة:((إدارة الدولة اليمنية سياسياً وعسكرياً وامنياً))..

 فما سبب وجود بعض التضارب؟ لا شك بأن الحالة اليمنية معقدة ومتشابكة داخلياً وخارجياً! 

ومن اجل استيعاب أولويات الرئيس وتنفيذها..علينا أولاً أن نحسم الخيار الأمثل والأقل كلفة والأسرع تنفيذاً لما نبتغيه جميعنا، وهو انهاء اغتصاب (اختطاف) الحوثي لصنعاء والمحافظات، وعديد المعسكرات واستعادة ترساناتها، وكذا باقي المؤسسات الأخرى المسيطر عليها من قبل جماعة الحوثي المتمردة الانقلابية الارهابية (ضبط المصطلحات مهم لتحقيق الانجاز).. 

 ولن يتحقق عودة اليمن لحضنها العربي؛ ولتعيش بأمن واستقرار سياسي واقتصادي، إلا بزوال الحوثية كفكر ومنهج وتهوّر وعدوانية واستعدا، والتخلي بالحسنى أو بالقوة من التحكم بمصير شعب اليمن لصالح إيران!

ولن يتم ذلك واقعاً إلا بتعاون دول الاقليم وعدم تخليها عن دعم السلطة الشرعية، خصوصاً بعد أن أنجلت حقيقة اطماع ايران بالبحر الأحمر، وما قد يلحقه من ضرر مباشر على دولها، وبعد أن اصبح سلاح الحوثي ايراني "نوعي ومتطور"، وضرره لاشك سيتجاوز حدود اليمن. ولابد كذلك من مؤزرة اقطارنا العربية لليمن لإخراجها من مأزفها وإعادتها سالمة معافاة الى حضن أمتها.

والتعاون مطلوب من اصدقاء اليمن في العالم بعد أن أصابهم الضرر من الحوثيين كما أصاب من قبلهم اليمنيين بكثير. 

وعلى هذا أقول.. أن السلطة الشرعية أمامها اربعة خيارات وعليها ان تختار وترتب أولوياتها وفقا للخيار الذي ستختاره. 

فالخيار الأول:- ((عملية تفاوضية والسير حتى النهاية وفقا لخريطة الطريق السعودية(خريطة طريق وتسوية بمراحل ثلاث كما سُرّب))..

وهذا الخيار كان قد وافقت عليه القيادة الشرعية، إلا أن الأحداث الاخيرة قد أجلته او ألغته.. 

لكن.. من المؤكد أن خيار التفاوض والحوار مع مغتصبين، يشرعنهم دون مقابل، فيستفيد الحوثي منه باستغلال الوقت، ولأن السلام ليس من أولوياتهم فسيتنكّرون له عند أي حدث حتى ولو كان عارضاً او ليس للشرعية والتحالف علاقة به، كما ترون كيف انعكس خلافهم مع الامريكان على خريطة الطريق السعودية..

وقد اختبر التفاوض مع الحوثي كثيراً بالسنوات الماضية وأثبت عدم نجاعته. فقط منح المغتصب للسلطة في صنعاء وقتاً اطول بالبقا، لنهب الموارد للمجهود الحربي وتحشيد القبايل ولاطفال للقتال، ولتغيير معتقدات المجتمع والمناهج التعليمية، ولغسل ادمغة الفتية، وتمكّنه في ايجاد طرق للمراوغة والتكيّف وتهريب الأسلحة وما الى ذلك..

إذاً.. الخيار الأول، اظنه غير مجدي، إلا بشروط قوية،فيما إذا التزم الوسطاء والرعاة القيام بتوفير الضمانات الكافية لإنجاحه.. وأن تقوم بما يلزم من دعم قواتنا المسلحة والتدخل لإجبار الحوثي على التنفيذ إن حاول، مجرد المحاولة أن يعرقل ينكث. 

وبشرط أولاً تنفيذ اتفاق ستكهولم كاملاً، وإجبار الحوثي بعدم استخدام قوته ضد عملية استئناف تصدير النفط والغاز؛ 

وبشرط ألا تتجاوز مراحل تنفيذ خريطة الطريق من سنتين فأكثر إلى ستة أشهر فأقل.. بعدها يذهب اليمنيون لانتخابات مبكرة لاختيار قيادتهم ولبناء دولتهم. 

الخيار الثاني:-((الانتقال من أولوية "صدّ" التصعيد الحوثي الى "الهجوم"(لاستعادة العاصمة والحديدة وتعز وكل المناطق والمعسكرات والمؤسسات وعمل كل ما يلزم حتى يتوقف الحوثي، كذراع لايران في اليمن )).. 

 وهنا يمكن تنفيذ بعض الأولويات الواردة في مصفوفة الأخ الرئيس، بالاضافة الى أولويات لم ترد كالاهتمام بالمؤسسة العسكربة والامنية "راتباً وتدريباً وتسليحاً قتالياً نوعياً وكفوءًا"، بحيث تضمن التفوق على ما يمتلكه الخصم، والبدء بالتحرك الميداني على كافة الجبهات وبمختلف التشكيلات والتكوينات بغرفة عملية واحدة مشتركة.. بمعنى أن الأولوية للمجهود الحربي، ولتخصص له الموارد الكافية، ووفقا له ربما تتبدل وتتقلص الأولويات التي جاءت في مصفوقة الاخ الرئيس اذا ما اختير هذا الخيار..

 إن حصل ذلك ستتمكن القيادة من اعادة تصدير النفط والغاز، ومن كسب رضا المواطنين ودول الاقليم والدول والمؤسسات الدولية الاخرى كالبنك الدولي وخلافه..

واعتقد لو اعتمد هذا السيناريو سينكسر الحوثي وسيجعله يأتي للسلام صاغراً وقد يقبل أن يكون مكوناً يمنياً لا إيرانياً.. وللحديث بقية.. يتبع..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي