أهمية الموقع الاستراتيجي لليمن في الصراع المحلي-الإقليمي-الدولي

عبدالناصر العوذلي
الأحد ، ١٩ نوفمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٧:٠٤ مساءً

 

موقع اليمن الاستراتيجي جعله ساحة صراع محلي وإقليمي ودولي وخصوصاً أنه يقع بين السعودية وسلطنة عمان ويطل على مضيق باب المندب أحد أهم المعابر المائية في العالم.

مضيق باب المندب أحد أهم المعابر المائية في العالم يجعل اليمن ساحة صراع

ترتبط اليمن مع المملكةالعربيةالسعودية من الشمال بحدود تبلغ نحو  ألفي كيلومتر مربع وهي حدود مترامية الأطراف  .

 بينما تحد اليمن من جهة الشرق سلطنة عمان، وتشترك الدولتان بحدود يبلغ طولها 288 كيلومتراً. على مسافة قدرها 2500 كيلومتراً، تمتد الجبهة البحرية لليمن، وتطل على بحر العرب وخليج عدن من الجنوب، والبحر الأحمر من الغرب. موقع اليمن البحري إضافة إلى تكونه من جبهتين مائيتين، يتميز باطلالته على مضيق باب المندب أحد أهم المضائق المائية  باعتباره عنق الزجاجة بالنسبة للبحر الأحمر، والذي يتحكم بالطرق التجارية بين الشرق والغرب. يمر عبر باب المندب يومياً ما نسبته ثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف برميل نفط،  بنسبة تقدر بنحو 4 في المئة من الطلب العالمي على النفط، وتمر عبره إحدى وعشرين ألف سفينة سنوياً، أي أن الشحنات التجارية التي تمر عبر الممر تعادل عشرة بالمئة من الشحنات التجارية العالمية. هذه الخصائص جعلت باب المندب يحتل المرتبة الثالثة عالمياً بعد مضيق هرمز، ومضيق ملقا من حيث كمية النفط التي تعبره يومياً. 

مما زاد أهميته الاستراتيجية، وزاد من قيمته الاقتصادية. ومما يضاعف من أهمية موقع اليمن انتشار الجزر البحرية في مياهه الإقليمية على امتداد بحر العرب، وخليج عدن، والبحر الأحمر. .

إن  موقع اليمن الجغرافي المهم والاستراتيجي يجعل منه اليوم ساحة صراع محلي وإقليمي ودولي، ويجعل من الجهة المسيطرة عليه لاعباً أساسياً في المنطقة، ويعطيها القدرة على التحكم بمدخل أحد أهم المعابر المائية في العالم.

نظرا لأهميته الجيو أستراتيجية التي  تجعله محط أنظار قوى الهيمنة الإمبريالية والإستعمارية ومن هذا المنطلق  عانى اليمن لحملات إستعمارية متعددة كان آخرها الإستعمار البريطاني في الجنوب الذي دام ل 129 عام  و انتهى في الثلاثين من نوفمبر 1967 ميلادية .

ولكن مشكلة اليمن وموقعه الإستراتيجي يظل العامل الرئيس لوضعه في دائرة الخطر ف في الآونة الأخير من القرن العشرين بدأت   إيران تسعى للوصول الى مضيق باب المندب  لإحكام سيطرتها على المضايق المائية بدءاً من مضيق هرمز  ووصولا الى باب المندب  والتحكم بقناة السويس من خلال السيطرة على بحر العرب والبحر الأحمر ولقد عملت إيران خلال الثلاثين السنة الماضية وبالتحديد منذ وصول المقبور آية الله الخميني الى سدة الحكم على أنقاض  مملكة الشاة أيران محمد رضا بهلوي  بما عرف بالثورة الإسلامية الإيرانية على إعداد الخطط والبرامج للوصول إلى تحقيق هذه الغاية التي تعتبرها إيران جزءا من إستراتيجيها لاستنهاض أمبراطوريتها المقبوره تحت حوافر خيل الإسلام في القادسية الأولى  .

لقد استغلت إيران إقصاء اليمن  من تشكيلة مجلس التعاون الخليجي وعدم إحتواء اليمن في هذا التجمع العربي  ما اتاح الفرصة لإيران لاستقطاب جماعات زيدية إستطاعت بمنهجية عالية من تغيير فكرهم من الزيدية المعتدلة الى الجعفرية الإثني عشرية ودعمهم بالدعم المادي السخي  بل وتم تدريبهم حتى جعلت منهم جزءا من الحرس الثوري الإيراني  حاملين الفكر الصفوي وأهداف ثورة الخميني  .

وبما أن اليمن ذو موقع استراتيجي هام فإنه يشكل خطورة استراتيجية على محيطه العربي والإقليمي كما يشكل خطورة على الملاحة الدولية فيما إذا سيطرت عليه قوى خارجية  تتحكم بحدوده البحرية والبرية .

ومن هذا المنطلق نؤكد أن اليمن هو البعد الإستراتيجي والأمني اولا لخطوط الملاحة الدولية عبر خليج عدن  وثانيا لجواره العربي والإقليمي من جهة الشمال وهو غاية ماتريده إيران وحليفها الحوثي  أن يكون اليمن منطلقا لوصول طلائع الحرس الثوري الإيراني الى مكة المكرمة والمدينة المنورة  لاحكام سيطرتهم على مقدسات المسلمين  ومن هنا نؤكد أن عدم إستقرار اليمن هو بلا شك عدم إستقرار للمنطقة العربية بشكل عام والمملكة العربية السعودية بشكل خاص وأن غياب الدولة اليمنية وغياب جيشها وأمنها هو العامل الرئيسي لنشوء  الجماعات المسلحة الحاملة لأهداف وبرامج تدميرية تحمل أجندات خارجية معادية للعروبة والإسلام  . .

ومن هنا نؤكد أن دعم اليمن لاستعادة دولته المدنية الإتحادية القوية واحتوائه  في إطار مجلس التعاون الخليجي لهو أمر هام لسقوط المشاريع القادمة من الحوزات الصفوية التي تحاول أن تجعل من اليمن بؤرة توتر وعدم إستقرار للمنطقة العربية بشكل عام  .

ونحن إذ نقرع ناقوس الخطر،  نؤكد أن استمرارية الحرب الدائرة في اليمن منذ  21  سبتمبر  2014 ومنذ انطلاقة  عاصفة الحزم في  26 مارس 2015 وإلى يومنا هذا  يجعل اليمن يسقط بيد إيران رويدا رويدا  من خلال أدلجتها للنشىء عبر المراكز الصيفية ومن خلال تغيير المناهج التعليمية التي تعمق الوجود الشيعي الإيراني في اليمن إذ تعمل إيران بوتيرة عالية وبمنهجية دقيقة  لجعل اليمن حوزة صفوية كبيرة لتشكل من خلاله جوارا للمملكة العربية السعودية عبر الشريط الحدودي الممتد من البحر الأحمر غربا الى حدود الربع الخالي شرقا .

إن موقع اليمن الجيو إستراتيجي يحتم على العرب بشكل عام تشكيل حاجز صد لمشاريع الهيمنة الصفوية وإفشال خططهم في تشكيل الهلال الشيعي او ماسمي بالهلال الخصيب الذي تسعى إيران من خلاله لتطويق الجزيرة العربية والتحكم بخطوط ملاحتها وخنقها إقتصايا .

وعليه  فإن الواجب الديني والأخلاقي يحتم على دول الجوار ارساء دعائم السلام في اليمن ومساعدته في بناء دولته الإتحادية القوية التي تتكامل مع محيطها العربي في  دولة  قوية  ذات سيادة  وإفشال الإنقلاب الذي قوضها وقوض إستقرارها إذ أن إستقرار اليمن  هو بلا شك إستقرار للمنطقة العربية برمتها فاليمن هز  السياج الأمني والإستراتيجي لجواره الإقليمي والعربي  .

والله من وراء القصد .....

الحجر الصحفي في زمن الحوثي