الرئيسية > محليات > البيان السياسي الأخير ما يشبه خطبة وداع .. قراءة في خطابات الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي

البيان السياسي الأخير ما يشبه خطبة وداع .. قراءة في خطابات الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي

 

يمن فويس – تعز :

 مرت 35 عاماً على اغتياله لكن إبراهيم الحمدي لايزال الرئيس الذي لن ينساه اليمنيون على مدى اجيال لا يمكن التنبؤ بعددها، إذ لا احد يعرف ماذا يخبؤوه المستقبل ليمن محكوم بالحروب والثورات غير المكتملة وبالمثل لا تزال ذاكرة قادرة على إلهاب حماس عشرات الألاف ليخرجوا تحت شعار المطالبة بالتحقيق في وقائع اغتياله الغامض ومحاكمة المتورطين فيه.

 وفي ذكرى اغتياله الـ35 تنشر "الأولى" مقتطفات في هذه المناسبة السوداء في ذاكرة الشعب اليمني فإبراهيم الحمدي الذي لم يقتصر ظهوره كرئيس مقتدر على التعاطي مع كل القوى في الداخل والخارج، برز أيضاً كزعيم شعبي أحبه اليمنيون كما لم يحبوا رئيساً أخر، وكان لديه ما لم يدعم به مصداقيته عندما يتحدث باسم مصلحة الوطن، وفي هذا الصدد لم يجد خصومه السياسيون مكاناً لأيديهم في منتصف العصى, اذ تمكن حتى من سحب البساط من تحت قدم مراكز النفوذ القبلي في احتكار التعامل مع المملكة السعودية فصارت هذه الأخيرة كأي شقيق عربي عليه أن يتعامل مع اليمن بشروط مختلفة عما سبق. كانت هذه هي الحركة التصحيحية التي قادها الحمدي ولم تكن التي أرخ لها في 13 يونيو 1974م.

 استنادا الى بعض السير الذاتية ومذكرات الساسة اليمنين لم يكن مسار الحمدي متوقعاً عندما رشحته القوى الثالثة بإعلان الانقلاب الابيض على القاضي الارياني كانت اوجه الشبه بين الحمدي وبين رئيس الشطر الجنوبي سالم ربيع علي (سالمين) كبيرة فالأخير تبنى "التجربة الصينية" في الاشتراكية ذات أوجه الشبه الكثيرة بنظام الإصلاحات الزراعية الذي تبناه الحمدي.

 كان اغتيال الحمدي قبل تنفيذ زيارته لعدن بيوم واحد أقرب ما يصفه المثل القائل "بين الكأس والشفاة تحدث أمور كثيرة" على أن احداً لا يستطيع التأكد على ما كان سيسفر عن لقاء الرئيسين وقد أسس اغتيال الحمدي بفصل جديد من العنف السياسي لم تجد الذهنية اليمنية المتربية على الثأر صعوبة في استساغته كأكثر ردات الفعل اشباعاً بروح الثورة التي كانت لا تزال طرية ليتلبسها الحماس بسرعة مذهلة.

 كانت روح ثورة سبتمبر 62 مازالت متأججة ولم تكن اليمن قد شهدت الثورة السلمية كالتي شهدتها العام 2011م لكن سلمية الاجيال المخلصة للحمدي لم تلد من تروس محركات العنف السياسي.

لطف الصراري

في إحدى صوره في مرحلة المراهقة مع العائلة يظهر الرئيس إبراهيم الحمدي جالسا، بيد ممدودة إلى طفل صغير وابتسامة خفيفة لوجه محبّ. ظلّ ذلك الوجه مبتسماً بجميع تفاصيله حتى بعد أن صار رئيساً للجمهورية، ليظهر الرئيس الشاب في جميع صوره مبتسماً.

صور قليلة اختفت فيها ابتسامته، وفي هذه الحالة، ظهرت ملامح انشغال على وجهه الذي احتفظ في نفس الوقت بملمحه الودود. أما حين كان يلقي خطاباته الرسمية، فلم يكن بحاجة إلى صوت جهوري ليضفي المهابة على الخطاب الرئاسي، إذ كانت مضامين خطاباته، وبالمثل، البيانات السياسية ممتلئة بسياقات منطقية اكتسبت قوتها من واقعيتها.

 الإطلالة الودودة على الشعب

 عوضاً عن اللباقة واستخدامه اللغة العربية الفصحى، كان الرئيس الحمدي يلقي خطاباته بهدوء ويعبّر عن حبه لجميع أفراد شعبه دون حرج، سيما في زياراته التفقدية، مع إبقاء الحضور الرئاسي بعيداً عن الأجواء العاطفية. وإلى ذلك، اتسمت مفرداته بالتواضع وحثّ قادة البلد للحرص على البناء مع استهداف للذهنية الشعبية لتهيئتها للحفاظ على المكتسبات الوطنية، كما كان بالمقابل، يوجّه كلامه للشعب لوضعه في الصورة إزاء المستجدات والأوضاع الاقتصادية والإنمائية والاجتماعية والسياسية، حسب تأكيده هو نفسه في أكثر من خطاب، وبخاصة البيانات السياسية بمناسبة عيد الثورة.

الفقرات التالية توجز مضموناً أخلاقياً في خطابات الحمدي التزم به طوال فترة رئاسته؛ فحين حضر تخرّج دفعة من طلاب الكلية الحربية عام 1975 وجه لهم هذه الفقرة: "إنني لسعيد كل السعادة أن أوجه لكم كلمة هي من القلب وأنا على ثقة بأنها ستستقر في القلب وهي أن تكونوا خداما صادقين لشعبكم وان تكونوا مثالا حقيقيا للجندي المجهول الصادق الذي يعمل دون أن ينتظر شكرا أو جزاء".

ولم تخلُ كلمته من تعريف للثورة ينبغي أن يعرفه الضباط المستقبليون: "إذا كان هناك من يعتقد بان الثورة دماء وخراب فإننا نعتبر الثورة شيء آخر، نعتبر الثورة هي الثورة على النفس، على الأنانية في أعماقنا وعلى المصالح".

وحين كان في ذمار في نفس الفترة ألقى خطاباً في مهرجان جماهيري تضمن هذه الفقرة: "إن سعادتي بالغة حينما التقي بكم وحين استطيع أن أقدم شيئا خدمة للمجتمع في أي مكان، وإذا كنا قد عملنا شيئا فإنما هو بفضل الله وبفضل إرادتكم وتجاوبكم، أما نحن المسئولين فانه مهما عملنا فسنظل مقصرين وسنظل باستمرار نشعر بأننا لم نؤد الواجب الملقى على عاتقنا كما يجب".

غادر الرئيس ذمار متجهاً إلى إب، إذ كان من عادته، كما يقول معاصرون له، أن يحتفل بإيقاد الشعلة في صنعاء ثم يتنقّل للاحتفال بالمناسبة في المحافظات الرئيسية الأخرى بدءً بذمار واختتاماً بالحديدة.

توقّف الرئيس في يريم والتقى الناس هناك، وقال لهم التالي: "نلتقي لقاء الأخوّة والمحبة ولقاء التعاون والمسئولية.. نحن لا نلتقي لقاء الحكام والمحكومين ولا لقاء السادة والعبيد ولا لقاء الأعداء والمتناحرين، وإنما نحن منكم.. نحن إخوانكم وأبناؤكم بل ونحن خداما لكم، نعمل ما نستطيع لأجلكم".

 وحين وصل تعز ورأى أن المواطنين استقبلوه بحماس كبير وهتافات باسمه، ذكّرهم بالقرار الذي بموجبه أنزلت صورة رئيس الجمهورية من مكاتب المؤسسات الحكومية، وأكّد على سريان ذلك القرار من منطلق الابتعاد عن تقديس الأشخاص. وإزاء الحماس في استقباله، قال لهم: "إذا كنا اليوم نجد هذا الحماس العظيم متمثلاً في الإرادة الشعبية الكريمة التي تمثلونها في هذه المشاعر، فإننا نعدكم بأننا في طريق التصحيح سائرون.. في بناء دولة النظام والقانون، دولة العصر الحديث، دولة الخير والعدل لكل أبناء الشعب، سنمضي قدما.. وإنني اعتز كل الاعتزاز بكل المشاعر الوطنية التي وجدتها في كل مكان، وأنا في طريقي من صنعاء إلى تعز".

لم يكن الحمدي متحمسا في خطاباته أو عاطفياً، كما لم يكن متهوراً في طموحه كما يصفه بعض القادة والسياسيين في مذكراتهم أو حواراتهم الصحفية. ربما أثارت تلك الخطابات حماسة اليمنيين ونبشت فيهم اهتياج الحالمين بحياة أفضل، لكنه لم يدع الأحلام تلعب بعواطف شعبه، مثلما لم يترك عواطفهم رهينة الحماس فقط. اسمعوه بأنفسكم أو اقرؤوا هذه الفقرة من البيان السياسي في الذكر الـ15 لثورة سبتمبر: "... ليس عسيرا على المسئول أن يتحدث إلى الجماهير حوله ويروي لهم أحلامه وتطلعاته نحو بناء حياتهم وحياة أبنائهم مستقبلا، فأيسر ما يكون هو هذا الكلام النظري، لكن من الناحية العملية تأتي الصعوبة...".

 توجد الكثير من الشواهد في خطابات الرئيس الحمدي تدلّ على تلقائية حبه لشعبه وامتلائه الذاتي بما هو أكبر من منصب رئيس الجمهورية.

ولذلك لا يزال اليمنيين يتذكرونه بما كان عليه من صفات الودّ والألفة والبساطة في تخاطبه مع أفراد الشعب.

 البيان السياسي الأخير، ما يشبه خطبة وداع

 لعل البيان السياسي الذي ألقاه عشية 26/9/1977 بمناسبة الذكرى الـ15 لثورة سبتمبر، كان بمثابة خطبة وداع؛ تحدّث فيه دون مواربة بلغة الواثق من أن التجربة التي اكتسبها خلال 3 سنوات من توليه الحكم قد مكنته من التعامل مع القضايا الوطنية بمنطقية و "تسميتها بأسمائها الواضحة".

رغم انه كان في خطاباته السابقة يلمح تلميحات تتسم بذكاء عالٍ إلى الاختلالات وعوائق التنمية التي كانت تتسبب بها بعض القوى الوطنية، إلا أنه في هذا البيان بدا راغباً في التحدّث إلى شعبه بإسهاب، "وبقلب مفتوح".

أوضح الحمدي تلك الليلة الكثير من الأمور وسمى الأشياء بأسمائها بالفعل؛ كان تقييمه لما تحقق خلال 3 سنوات من حكمه و15 عاما من عمر الثورة بأنه كـ"البناء على رمل أو كالذي يقبض كفّه على الماء".

وكان الحلّ الذي ارتآه وأبلغه للشعب وللقيادة هو الاهتمام بقضايا "التنمية ذات البرمجة والتخطيط"، وظلّ يردّد "التخطيط والبرمجة" على امتداد فقرات البيان الطويل.

من موقع الرئيس الملتزم أخلاقياً وسياسياً بتوضيح الوضع القائم لكافة أفراد الشعب، استمر الحمدي في سرد حصيلة الإنجازات، منوهاً إلى أنه لا يقلّل من شأن الانجازات التي "تحقّقت عفوياً" حتى ذلك الوقت: "ولان بعض المسؤولين من بداية قيام الثورة إلى أعوام تلت ذلك ظلوا يتمثلون الثورة مناصب ومراكز حتى ولو كان ذلك على حساب الثورة ومبادئها الستة الخالدة فان العقم كاد يدرك ثورتنا، وكادت الشيخوخة تدب في كيانها"، ولذلك كان من الضروري أن ترسم حركة 13 يونيو التصحيحية تصور المسئولية الوطنية "بعيداً عن صراع المصالح والنفعية والارتزاق وممارسة ضروب العمالة".

وانطلاقاً من المبدأ الأول من مبادئ الثورة الذي يهدف إلى بناء مجتمع عادل، أعلن أن تركيز الدولة التي يقودها انصب على نقطتين:

1- تصحيح ما هو قائم بحيث يصح عليه البناء الفوقي.

 2- التخطيط والبرمجة في توجه الدولة نحو التنمية الاقتصادية والبشرية والاجتماعية".

وعلى ذكر ذلك مضى في شرح "البرنامج الثلاثي للإنماء" الذي قال إنه "مكننا من وضع أقدامنا على درجات السلم بثبات في المجال الداخلي والخارجي". عند هذا السياق تظهر عظمة الزعيم المسئول في الاعتراف وعدم ادّعاء الكمال؛ "ولا ندعي لأنفسنا أننا قد نفذنا ذلك البرنامج وطبقناه، وإنما نستطيع أن نقول أننا، إلى جانب ما أمكن لنا أن نطبقه من ذلك البرنامج، وهو نسبة منطقية بالنظر إلى ما أحاط بنا من ظروف، قد استفدنا كثيراً.. دخلنا تجربة الخطأ والصواب في التخطيط والبرمجة.. ولذا فان وضع الخطة الخمسية الشاملة قد تم على أساس من المعرفة والتجربة".

بعد هذه التوطئة، سيتطرّق الرئيس المسئول بشجاعة إلى "الكثير" من المعونات والقروض التي تلقتها اليمن منذ قيام الثورة، وهي مخصصة بالأساس للأغراض التنمية وخلق اقتصاد متماسك في البلاد ومحاربة التخلّف.

ومرة أخرى يمتلك الشجاعة ليخبر الشعب والقيادة بأن "من أعانوا او ساعدوا وقدموا القروض قد ضاقوا ذرعاً لأننا لم نستطع ان نستوعب ما قدموه ولم نوظفه في الأغراض والمشاريع التي كان يخصص لها".

ورغم معرفته بوجود أسباب أخرى للتعثر والعشوائية مصدرها بعض القوى والشخصيات الوطنية، إلا أنه لم يتخلّ عن نبله في الخطاب، وأرجع ذلك لسبب جوهري بالفعل يشمل كافة الأسباب هو: "غياب أو انعدام التخطيط والبرمجة والى الارتجالية في المشاريع ومراعاة الأمزجة في توزيع تلك المشاريع التي فشل معظمها إن لم نقل كلها".

كان الحديث مناسبا عن الخطة الخمسية أكثر من أي وقت مضى، ولأن هناك من كان يعارضها –كما يتضح من ذلك البيان، فقد وصفها الحمدي بأنها مدخلاً للخروج بالبلاد من الارتجال والتخبط والفوضى.

 لم يتحدّث عمن يعارضه ولم يتحدث بسوء عنهم، بل أوضح للشعب تمسكّه بأهمية ما قاله في البيانين السابقين عام 75 وعام 76.

 يؤكد الحمدي بذلك احترامه للخطاب الرئاسي بإكسابه إلزامية ينبغي على جميع القوى الوطنية احترامها بالمقابل. لكنه في بيان العام 77، يعبّر عن خيبة أمله في تحوّل مراعاته للقوى والعناصر الوطنية من "دعوة لإثبات المواطنة الصالحة والإسهام في البناء" إلى "رشوة". لقد أبدع في تصوير واقع سياسي مازال يراوح عند ذلك الوصف.

بعد ما تطلبه البيان السياسي من سرد لما أنجزه الرئيس خلال عام كامل، توقف الحمدي ليقول للجميع: "لا أحب ان أعيد عليكم ما سبق وان تحدثت به إليكم"، لكنه استدرك قائلاً: "من هذا الموقع نقول صراحة إن الذين يريدون أن يفرضوا علينا مواقف، او يجرونا الى مواقف تصرفنا عن مهمتنا الأساسية التي هي بناء الدولة اليمنية المركزية الحديثة.. وصولاً الى بناء وطننا وتنميته بشراً واقتصاداً إنما يعملون لمصلحة الشيطان الرجيم ولا يعملون لمصلحة هذا الوطن".

 يا لبراعة هذا الرئيس! لا أحد يستطيع مقاطعته إذا كان سيتحدث بعد هذا عن الديمقراطية ومفهومها اليمني: "إن الديمقراطية التي نحرص على تطبيقها في بلادنا وداخل مجتمعنا هي ان لا يجد الفرد مجالاً في ظلها لاحتكار السلطة، ولا يجد الأفراد او الجماعة مجالاً لاستعمالها في اغراضهم وجعلها مطية يقفزون من على ظهرها على حقوق غيرهم من المواطنين، وينصبون من أنفسهم أوصياء ويتهددون بها غيرهم اذا لم يسيروا في طريقهم."

 لم يكن لأحد في ذلك الوقت أن يشكّك في دقة هذا التعريف أو مدى التزام الرئيس بتنفيذه. اقرؤوا الفقرة التالية وحاولوا أن تتصوروا كمية الصدق التي تشبّع بها خطاب الحمدي: "لست اليوم منتهزاً للمناسبة لأتحدث مزايدة عن الديمقراطية، يعلم الله ان الديمقراطية والعدل يجريان في دمي، ولكنني أتحدث عنهما وأقول لكم ان من قد يتظاهرون بالتمسك بهما لو اتيحت لهم فرصة الوصول إلى السلطة لذبحوهما من الوريد الى الوريد والشعب قد جربهم عدالة وديمقراطية قبل وبعد الثورة. "هل نقول نقطة على السطر؟ لكن رئيسنا المحبوب مازال يلقي خطابه التاريخي، وكأنه سيودّع الحياة بعد أقل من شهر. وعلى أية حال، فقد أوشك هذا البيان على الانتهاء، بقي فيه فقط بضعة أسطر تحدّث فيها الرئيس، عن السياسة الخارجية باقتضاب وحسم، وعمّا أنجزه في سبيل تحقيق الوحدة اليمنية، عن لقائه بالرئيس سالمين في قعطبة وعن اتفاقهما على توحيد كتاب التاريخ (كان تحت الطبع) ليدرّس في كلا الشطرين، كتمهيد لتوحيد بقية المنهج.

 قال الحمدي إنه اتفق وسالمين على أن يظل ذلك هو المسلك كي يتمكنا من خلق الجو الملائم لتحقيق النجاح الكامل للوحدة.

 خطابات السلام وأشياء أخرى

كما يقتضيه الموقع الرئاسي، كان للحمدي خطابات تاريخية في المؤتمرات الدولية، ولعل أشهرها ذلك الذي ألقاه في مؤتمر عدم الانحياز في سيريلانكا الذي دافع فيه عن حقوق البلدان النامية عن دراية وإلمام، ومؤتمر القمة الرباعية الذي عقد في تعز ودعا إليه الدول المطلة على البحر الأحمر لمناقشة المسألة الأمنية للمياه الاقليمية، وفيه اعتبر الدخول في شباك الصراع الدولي تفريطا بالمصلحة الوطنية.

الرئيس الذي كان يتحدث بلباقة في السياسة الخارجية، كان يحتفل أيضاً بيوم الجامعة وعيد الأم ويلقي كلمة بالمناسبة كسياق لتأكيد حرصه على أن تأخذ المرأة مكانها اللائق في الحياة العامة.

كان يتحدث في كل شيء يعرفه حديث العارف، ويوكل الأمور التي لا يلمّ بها إلى أصحاب الشأن. ذلك ما قرأته من خلال خطاباته المتوفرة، مكتوبة ومرئية ومسموعة.

وأمر أخير

كنت أود الكتابة عن خطابات الرئيس إبراهيم الحمدي بطريقة المقال الصحفي المتجرّد، لكني أعترف بأني لم أستطع قراءة أو سماع أي خطاب له بدون أن تلفحني الحسرة على فقدان رئيس كهذا. وهذا اعتراف ربما حرّضتني على قوله تلك السياقات التي كان يعترف بها للشعب بإخفاقاته دون خشية من اللوم أو الانتقاص.

قرأت القليل من خطاباته الوافرة بمضمونها، وسمعت القليل من التسجيلات الصوتية له، وكان بعضها قد تعرّض للتلف. هنا يلحّ التساؤل عن وجود مكتبة صوتية ومرئية وورقية لنشاطات هذا الرئيس وخطاباته؟ إذا لم تفعلها مؤسسة التلفزيون الذي لم يعرفه اليمن قبل الحمدي، فالأحرى أن يقوم بذلك التنظيم الناصري الذي ينسب الرئيس الحمدي إليه، وعلى أبنائه وإخوته وأبنائهم أن ينفضوا الغبار الذي تراكم على صوره ومتعلقاته الشخصية.

عن يومية الأولى

مواضيع ذات صلة :

- أكثر من 25 صورة نادرة: الرئيس إبراهيم بن محمد الحمدي الخولاني .. الطريق إلى الرئاسة ولحظات الاغتيال

- تفاصيل دقيقة عن اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي ووجود الرئيس صالح وعلاقة الفتاتيين الفرنسيتين


الحجر الصحفي في زمن الحوثي