الرئيسية > محليات > التحرش الجنسي وزواج الصغيرات في اليمن حقيقة أم مبالغة..؟

التحرش الجنسي وزواج الصغيرات في اليمن حقيقة أم مبالغة..؟

يمن فويس - تعز :

 دأبت المواقع الألكترونية والصحف نشر موضوعات تدعي أنها من قبل مراكز بحثية ومنظمات مجتمع مدني، وهم بذلك يوهمون البسطاء ومحدودي الثقافة أن القضية شديدة الخطورة وبالتالي جاء إقرارها من اللجنة الفنية للحوار لأنها ضرورة وطنية مستعجلة.

أبدأ بعنوانين تم نشرهما في عدد من المواقع الألكترونية ورصدتهم صحيفة "اليقين" ويمكن للقارئ الكريم استخراجهما عبر البحث في موقع جوجل.. العنوان الأول (أكثر من95 %من النساء اليمنيات تعرضن للتحرش عبر اللمس أو التفوه) والعنوان الثاني (اليمن : 8 حالات وفاة يومياً بسبب زواج الصغيرات) تلك العناوين تزييف للوعي ولا علاقة لها بالبحث العلمي والمراكز البحثية.

ويمكن لأي شخص لم يمارس البحث العلمي الممول من المنظمات الغربية أو الشرقية إدراك ذلك التزوير؛ ففي الخبر الأول أن (95% من النساء اليمنيات تعرضن للتحرش عبر اللمس أو التفوه) وبالعودة إلى عدد الإناث في اليمن سنجده حوالي(12) مليوناً منهن حوالي (8) مليون فوق سن(15)سنة، فإذا كان ذلك المؤشر صحيحاً فإن من يفترض تعرضهن للتحرش أكثرمن(7.5) مليون إمرأة؛ فهل يعقل أن ظاهرة بهذا الحجم لا يلاحظها أفراد المجتمع! بمعنى لوكانت في حارة أو قرية معينة(40)أسرة لديها(100) فتاة فإن جميع نساء تلك الأسرتعرضن للتحرش باستثناء خمس نساء فقط وعددهن محدود جداً!! فهل فعلاً أصبحنا في حاراتنا وقرانا إلى هذه الدرجة من قلة الأدب وسوء الأخلاق، ومعنى ذلك أيضاً أن ملايين اليمنيين شباباً وكباراً من الرجال يمارسون التحرش؟! أترك للقارئ الكريم بنفسه الوصول إلى النتيجة؛ لأننا نعيش في مجتمع يشترك فيه الذكور والإناث في العديد من الأنشطة البشرية في الجامعات والأسواق والمزارع...إلخ، فهل هذه النسبة من نسائنا تتعرض للتحرش؟! وهل قلة الأخلاق في ذكورنا وصلت إلى هذا الحد من السوء؟!

أما العنوان الثاني فهو(8حالات وفاة يومياً بسبب زواج الصغيرات) إن ذلك الرقم يعني(240)حالة في الشهر و(2880)حالة وفاة في السنة. والسؤال الذي نريده من المروجين لهذه الفكرة وأنها نتيجة بحوث ودراسات علمية، نريد فقط أسماء المتوفيات من القاصرات نتيجة الزواج المبكر.. لو طلبنا منهم ذلك لن يجدوه أبداً؛ لأن المؤشر وهمي ولا يستند إلى حقيقة. إن ذلك الرقم لحالات الوفيات فقط، ويعني ذلك أن المقابل لهذا الرقم أعداد أخرى استكملن حياتهن ولم يتعرضن للوفاة، وذلك يعني أن مئات الآلاف من اليمنيات يتزوجن سنوياً قاصرات(في سن الطفولة)! وندع للقارئ الكريم قياس هذه الظاهرة في محيطه الاجتماعي -سواء في الريف أو المدينة- ليقدرعدد الفتيات المتزوجات في مثل هذه الفئة العمرية.. وكم منا علم بعدد الفتيات المتوفيات بسبب الزواج في مرحلة الطفولة؟!

ما ندركه جميعاً هو العكس تماماً، أي أن كثيراً من الأسر تشكو من تأخر سن الزواج نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها اليمن اليوم. فحكاية مراكز الأبحاث ومنظمات المجتمع المدني ومؤشراتها الحنانة الطنانة من السهل اكتشافها؛ فلا يعقل أن ظاهرة يتعرض لها مئات الآلاف والملايين من أفراد المجتمع يصعب ملاحظتها في أي عينة من المجتمع في الريف أو الحضر.. فالبحث العلمي الحقيقي ماهو إلاّ نتيجة لظاهرة حقيقية في المجتمع يسهل إدراكها من العامة متى زاد عدد أفرادها. أما أن نتكلم عن ملايين ومئات الآلاف من البشر ولا يوجد في الواقع من تلك الحالات إلا بعدد الأصابع وفي مناطق جغرافية متباعدة أو حتى بالعشرات وفي أماكن محددة، فإن الترويج لمثل هذه الظاهرة وتضخيمها لا يحمل رؤيةً علمية بل تضخيماً وتلميعاً لأهدافه، بعضها ظاهرة مثل الدعم المقدم من المنظمات الدولية (بالدولارواليورو) لمنظمات مجتمع (مدني) مهمتها نشر مثل تلك الأرقام المخيفة، وهناك أهداف باطنة لا يعرفها إلا من لهم علاقة مباشرة بمثل ما يسمى تجاوزاً دراسات اجتماعية.

أخيراً نقول إن تضليل الرأي العام وإشغاله بمثل تلك القضايا، في ظل أوضاع سياسية شديدة الخطورة تهدد مستقبل اليمن، لا يخدم مطالب المرحلة الراهنة، كما إن إدراجها ضمن مؤتمر الحوار الوطني يمثل تشتيتاً يخرج مؤتمر الحوار الوطني عن أهدافه الأساسية. نأمل من النخب السياسية والفكرية أن تحصر قضايا مؤتمر الحوار الوطني في القضايا الجوهرية التي تمس حاضر ومستقبل الوحدة الجغرافية والسيادية للجمهورية اليمنية، أما قائمة القضايا الطويلة وخاصة محل الخلاف فإنها ستفسد الحوار وتنذر بفشله.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي