الرئيسية > محليات > صالح واللواء الأحمر يلعبان بورقة القاعدة لتسوية خلافاتهما الشخصية

صالح واللواء الأحمر يلعبان بورقة القاعدة لتسوية خلافاتهما الشخصية

 

تقرير كاسي كومبس -ترجمة مهدي الحسني:

قالت مجلة التايم الأمريكية إن الرئيس اليمني السابق علي صالح واللواء "علي محسن الأحمر" يلعبان بورقة القاعدة في اليمن بهدف تسوية خلافاتهما الشخصية وذلك في احدث اتهام يوجه للرجلين حيث تتهمهما أطراف يمنية عدة بأنهما يقفان خلف الجماعات المسلحة التي تدعي انتماءها لتنظيم القاعدة .

انضمام المسلحين القبليين إلى الحملة ضد فرع التنظيم المتطرف قد يكون ساعد على طرد القاعدة من بعض المدن، لكنه لا يضمن السلام على المدى الطويل.

بالرغم من حملة التفجيرات الانتحارية المتزايدة في أنحاء اليمن، إلا أن الهجوم على عزاء في جعار بمحافظة أبين جنوب اليمن تحديداً، كان أمراً مروعاً و متعمداً، تم تصميمه لإلحاق أكبر قدر من الخسائر.

وقع التفجير في 4 أغسطس، الساعة الـ11 مساءً تقريباً، بينما كان نحو 150 من الجيران و الأقارب مجتمعين خارج منزل الشيخ القبلي المحلي عبد اللطيف السيد، عقب جنازة لأحد أقاربه.

و بينما كانوا في غمرة الحزن، تمكن أحد منتسبي القاعدة من شباب جعار من اختراق الجمع، و جلس متكئاً على براد (براد ماء) كان قد جلبه معه. ووفقاً لما قاله عدد من الناجين، فإنه قام بعدها بتفجير حزامه الناسف، الأمر الذي أدى الى تفجير البراد الذي كان معبأ بالمزيد من المتفجرات و الكرات المعدنية – البيرنج. قتلت شظاياه ما يقارب من 50 من الحاضرين بينهم اثنان من أخوة الشيخ.

غير أن الشيخ عبداللطيف السيد نجا من التفجير الذي استهدفه. كانت القاعدة تسعى إلى اغتياله هو على وجه الخصوص. السيد انشق عن التنظيم الإرهابي قبل ثلاثة أشهر، و قاد قوة متنامية من المسلحين القبليين ضد القاعدة، عرفت أيضاً باللجان الشعبية، اكتسحت المنطقة.

إذا كانت الثورة القبلية ضد القاعدة تبدو لك أمراً مألوفاً، فاعلم أنك تسمع أصداء العراق. عايش عواس، مدير الشؤون الأمنية بمركز سبأ للدراسات الإستراتيجية، و هي مؤسسة فكرية، قال لمجلة التايم إن أنصار الشريعة و هي الواجهة السياسية لتنظيم القاعدة، أن ما تقوم به في اليمن، يشبه ما قامت به القاعدة في العراق عقب الغزو الأمريكي في 2003, شن حرب جهاد العمليات الانتحارية لحرف مسار الديمقراطية الناشئة في البلاد و التي تدعمها واشنطن و استبدالها بإمارة إسلامية تقوم على تطبيق قوانين الشريعة.

و كما كان حال الشيوخ القبليين الذين اتحدوا لحماية مناطقهم و الذين دعمتهم الولايات المتحدة في العراق ضد القاعدة، فإن اللجان الشعبية بدأت تبرز في أنحاء اليمن لمواجهة الفرع المحلي للتنظيم الذي أسسه الراحل أسامه بن لادن. يقول عواس "إنه في ضوء الهجمات الأخيرة، يبدو أن أي شيء يمكن حدوثه، و من المرجح أن الوضع في اليمن يتجه نحو النموذج العراقي".

و خلافاً لمثيلاتها في العراق، لا يبدو أن اللجان الشعبية تحظى بدعم كبير كالذي حصلت عليه مجاميع الصحوات السنية في العراق.

خلال الأسبوعين الماضيين، دفعت حملة الهجمات الانتحارية اللجان الشعبية إلى التخلي عن الدوريات التي كانت تقوم بها، و رفضوا العودة حتى تقوم الحكومة الجديدة بتقديم المزيد من الاستقلالية و الرواتب و بعض الامتيازات التي تتمتع بها القوات الحكومية. لكن الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي خلف علي عبد الله صالح مطلع هذا العام، منشغل في معركة هيكلة الجيش التي يخوضها مع كبار الضباط، و يفتقر إلى الرغبة أو القدرة على التعامل مع هذه المطالب.

و في خضم أحداث العام الماضي في اليمن، المرتبطة بثورات الربيع العربي الشعبية، استولت جماعة أنصار الشريعة على جعار و البلدات المجاورة، مثل لودر، المحاذية للبحر العربي. و استغرقت عملية استعادة جعار و البلدات التي استولت عليها القاعدة في شبه الجزيرة العربية، استغرقت أشهراً من القوات الحكومية المدعومة من قبل مليشيات اللجان الشعبية.

لكن الروح المعنوية تراجعت و توقفت اللجان الشعبية في لودر من التعاون مع جنود الحكومة في تعقبهم لـ"أنصار الشريعة"، بحجة أن الأرض أرضهم و أنهم المسؤولون عن حمايتها.

يقول أحمد الشعوي، أحد قادة اللجان الشعبية في لودر "إن رجالي لن يستمروا في القتال إلى جانب الجيش. لقد أثبتنا أن بإمكاننا قتال أنصار الشريعة بأنفسنا، و نحن مستعدون للقيام بذلك، و لكن ليس بدون مقابل". يقول الشعوي إنه يجب الاستجابة لمطالب رجال القبائل في أقرب وقت، قبل أن يتحول تحالفهم إلى مراكز قوى أخرى في المنطقة. و عمل التوتر الناشئ على تغذية عدم الثقة بين الجانبين، الأمر الذي أدى إلى عودة بعض القوات الحكومية إلى صنعاء

و تعرض الجنود الى ضربة أخرى في 6 أغسطس، عندما قام الرئيس هادي بوضع لواء الحرس الجمهوري المتمركز في لودر و أكثر من 12 لواءً عسكرياً آخر، تحت قيادة جديدة.

و ينظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة من الرئيس هادي لقلب موازين القوة لصالحه، بعيداً عن قائديها العسكريين البارزين، نجل الرئيس السابق، اللواء الركن أحمد على عبد الله صالح، قائد قوات النخبة الحرس الجمهوري، و منافسه الرئيس اللواء علي محسن الأحمر، الذي انشق عن قوات صالح خلال ثورة العام الماضي، مصطحباً معه قوات الفرقة الأولى مدرع. و نصب هادي نفسه قائداً لقوات الحماية الرئاسية، التي تتكون من ثلاثة ألوية من الحرس الجمهوري و لواء من الفرقة الأولى مدرع.

المحلل السياسي و الخبير في شؤون القاعدة، أحمد الزرقة، وصف قرار هادي بإجراء ينم عن بعد نظر قائلاً "إنه خطوة هامة نحو إعادة بناء الجيش، بعيداً عن الولاءات الشخصية، ليتمكن من إدارة الحرب على القاعدة بدون تدخل الأطراف باللعب بورقة القاعدة كسلاح في صراعاتهم".

و يشتبه في أن كلا الجنرالين صالح و محسن يلعبان بورقة القاعدة في تسوية خلافاتهما الشخصية و أهدافهما السياسية.

كباقي المراقبين، يرى الزرقة أنه لا يجب الاعتماد على المليشيات القبلية. و يضيف "يجب أن يتم تحديد دور اللجان الشعبية، أو أن يتم دمجهم بقوات الأمن، لأنها في الوقت الحالي عبارة عن مليشيات لها ولاءاتها المستقلة. و قد يصبحون قريباً مصدراً للمشاكل".

ووفقاً لعواس فإن "الحل طويل المدى للتطرف الإسلامي، يجب أن ينطوي على إجراء حرب أكثر ذكاء، تعتمد على المعلومات الاستخباراتية و فرض هيبة الدولة من خلال الخدمات العامة و فرص العمل و إعادة نازحي الحرب و إعادة بناء ما دمرته الحرب".

غير أن المشكلة تكمن في أنه ينبغي على الحكومة أن ترسخ نفسها كوسيط سلطة رئيسة في أبين، وإلا فإن التحالفات لن تكون مضمونة. مسؤول أمني يمني من المنطقة قال لمجلة التايم "الناس هنا مثل الشيخ عبد اللطيف السيد، سيغيرون الطرف الذي يقفون معه إذا ما وجدوا هناك فرصة مناسبة. الحياة صعبة في أبين، وهم سيأخذون ما يمكنهم الحصول عليه." و على الرغم من خروج التنظيم من المدن التي كان يسيطر عليها من قبل، فإن أنصار الشريعة أثبتوا في الماضي مهارتهم في كسب تأييد السكان المحليين من خلال مزيج من حكم القبضة الحديدية و توفير الاحتياجات الأساسية و الأموال السخية التي يدفعونها للمقاتلين. من غير المستبعد تماماً عودة حكم جماعة أنصار الشريعة و القاعدة إلى أبين.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي